حالة من الإرباك والذهول تنتاب العدوّ. قدرات المقاومة الإسلامية فاقت التوقعات، وما خفي أعظم وأدهى.
جبهة الشمال مستمرّة، وخسائر الاحتلال لم تعد محصورة بالبشرية والعسكرية واللوجستية.
آثار الحرب عند الحدود الشمالية طالت قطاعات الكيان كافة، رغم تلقيه كلّ أشكال الدعم الدولي من أجل لملمة خسائره التي قُدّرت قيمتها بمليارات الدولارات.
وبعد مرور 10 أشهر على بدء الحرب “الإسرائيلية” على قطاع غزّة، يتعمّق التدهور الاقتصادي لكيان العدوّ بصورة متسارعة بحيث تستمرّ المؤشرات الاقتصادية عن تكبّد العدو خسائر يومية فادحة مدفوعة بالضغوط المتزايدة والتوتّرات الإقليمية الحادة.
وقد تعزّز هذا التدهور في إثر “الحماقة الإسرائيلية” باغتيال الشهيدين القائدين إبراهيم هنية في طهران وفؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت الأسبوع الماضي.
وللوقوف على تأثير التصعيد الأخير على الاقتصاد العالمي و”الإسرائيلي” الذي شهد مؤخرًا العديد من التطورات بدءًا من إلغاء العديد من شركات الطيران رحلاتها إلى “إسرائيل” وانخفاض قيمة الشيكل “الإسرائيلي” إلى القاع، وتراجع المؤشر الرئيسي في بورصة “تل أبيب” وصولًا إلى الهجوم على المحال التجارية وإخلاء الرفوف من السلع الاستهلاكية، كان لموقع العهد الإخباري مقابلة مع الكاتب والباحث الاقتصادي زياد ناصر الدين الذي اعتبر أنّ مصطلح الاقتصاد اليوم أصبح مرتبطًا بالعولمة وبالحرب الإقليمية الموجودة في المنطقة حيث يتأثر البعد الاقتصادي لأي دولة بالظروف المحيطة بها.
وما عرف بالاثنين الأسود يقول ناصر الدين، له بُعدٌ تقنيٌّ، وهذا ما ورد في التقارير الأميركية التي أشارت إلى أنّ نسبة الوظائف في أميركا ستنخفض إلى 15% ما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة وهذا الأمر يدلّ على أنّ الاقتصاد يتّجه إلى الركود ما أدى إلى التأثير على قطاعات البورصة التي أدت بدورها إلى خسائر تُقدّر قيمتها بـ 1,9 تريليون دولار أميركي، هذا من ناحية الشق الداخلي للبورصة، وفق ناصر الدين.
أما في ما يتعلق بالشق التكنولوجي الاقتصادي والشركات التكنولوجية، فرأى الباحث الاقتصادي أنّ “منطقة الشرق الأوسط كانت المتضرّر الأكبر من تأثر أسهم البورصة، لأنّه عند كيان العدوّ “الإسرائيلي” يجري تصنيع وإنتاج 30% من هذه التكنولوجيا، لهذا فإن الحرب السائدة في المنطقة ألحقت خسائر باهظة بالكيان وتجميد العديد من المشاريع التكنولوجية، هذا إضافة إلى الأضرار التي لحقت بمرفأ “إيلات” إضافة إلى التخوّف من حرب إقليمية، كلّ تلك الأمور مجتمعة أدّت إلى خسارات كبرى لدى كيان العدوّ، فمثلًا، انخفضت الأسهم في بورصة “تل أبيب” إلى 6% أي ما يقدّر بـ 8 مليارات دولار خلال هذا الأسبوع المتوقع الردّ فيه من قبل إيران وحزب الله على عمليتي اغتيال القائدين الشهيدين”.
وبحسب ناصر الدين، “هناك قلق بالغ جدًّا على مستوى كيان العدوّ ممّا ستؤول إليه الأوضاع جرّاء الردّ المرتقب، ولو أردنا أن نجول على اقتصاد العدوّ خلال الأسبوع المنصرم فإنّ بورصة “تل أبيب” ما زالت حمراء اللون، وإضافة إلى الانخفاض في أسهم التكنولوجيا كما ذكرنا سابقًا، هناك انخفاض بأسهم العقارات 3,8% أي ما يعادل 950 مليون دولار، كذلك هناك انخفاض بأسعار أسهم البنوك بما قيمته 3,2 % أي ما يقدّر بـ 3,6 مليار”، ويضيف ناصر الدين أنّه “للأسبوع الثاني على التوالي هناك انخفاض بأسعار الشيكل نحو 3% أي بحدود 3,79 ومن المتوقع أن تصل قيمته في حال حصل الردّ إلى 4 وهذا يجعل الشيكل مدعومًا من الاحتياط بما يقدّر بـ 18 مليار دولار كبدل احتياطي”، مشيرًا إلى أنّ “كل هذه الخسارة تقدّر قيمتها بنحو 11 مليار دولار والردّ لم يحصل بعد”.
أما البعد المرتبط بالميدان وفق الخبير الاقتصادي، فإنّ “هذه الحرب أدّت إلى إخراج مرفأ “إيلات” من الخدمة وهو الذي يشكل ما يُقارب 25 إلى 30% من الدورة الاقتصادية وهو المرفأ الأكبر لاستيراد نحو 50% من آليات النقل من الخارج، هذا إضافة إلى الخسائر في شركات النقل وشركات التأمين.. وهذا يقدّر بخسائر كبيرة جدًا، إضافة إلى الخسائر في المرافئ الأخرى من “أشدود” إلى حيفا إلى “عسقلان””.
هذا، وتصل الديون الداخلية للعدوّ “الإسرائيلي” اليوم إلى 63% من الناتج المحلي، وهذ رقم كبير جدًا يقول ناصر الدين، وأيضًا تراجع الدخل الفردي بنسبة 20%، إضافة إلى خسائر تراكمية في البورصة تتخطّى الـ 20 مليار دولار، فضلًا عن تباطؤ في النموّ في الناتج المحلي الذي وصل إلى صفر بالمئة وهذا يعني ارتفاعًا في الأسعار، وازدياد البطالة.. فضلًا عن توقف استثمارات في القطاعات التكنولوجية بقيمة 15 مليار دولار”.
ويرى ناصر الدين أنّ “هناك أيضًا تراجعًا هائلًا بقطاع البناء الذي من المتوقع أن تصل الخسارة فيه إلى 3% من الناتج المحلي لسنة 2024 أي نحو 15 مليار دولار بعدما تخطت الخسائر فيه الـ 7 مليارات دولار بالـ 2023”.
وتابع “أيضًا قطاع التكنولوجيا الذي يُشكل 18% من الناتج المحلي و35% من الإيرادات الضريبية ويشكّل 25% من القوى العاملة الإنتاجية و50% من الصادرات، تراجع اليوم بنسبة 15% وانخفضت إيراداته بنسبة 56% وتخطّت خسائره الـ 25 مليار دولار”.
كذلك القطاع الزراعي الذي يُشكل 65% من الناتج المحلي و10,1% من القوى العاملة الإنتاجية خسر بسبب حرب الشمال، وفقد 29 ألف عامل عملهم في هذا القطاع وخسائره تخطت 3,6 مليار دولار، بحسب ناصر الدين.
وأضاف “أما مردود القطاع السياحي الذي يقدّر بـ 20 مليار دولار للخزينة، فقد انخفض منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر إلى أقل من ملياري دولار، وانخفض عدد السائحين من 5 ملايين سائح إلى 277 ألف سائح عند كيان العدوّ “الإسرائيلي””.
وقال: “أمّا القطاع التجاري الذي يشكّل 25% من الناتج المحلي فأصبح القطاع الأغلى على مستوى التأمين عالميًا، حتّى أصبحت كلفته بعد الحرب بحسب وكالة بلومبرغ نحو 120 مليار دولار”.
ويختم ناصر الدين بالقول: “هذا الاقتصاد الذي دمّر في السابق كلّ اقتصاديات المنطقة لكي ينتعش أصبح اليوم في نكسة كبرى وعلى طريق الانهيار الأكبر، خاصة وكما ذكر الأمين العام لحزب الله سماحة السيد نصر الله الثلاثاء أنّ قيمة المصانع في الشمال كبيرة، فاليوم يُحكى عن أنّ قيمة المصانع التكنولوجية هناك تقدّر بـ 76 مليار دولار، المصانع الكيميائية 32 مليار دولار، ومصانع الكهرباء بقيمة 9 مليار دولار، ومصانع المواد الغذائية بقيمة 12 مليار دولار، وبالتالي فإن الخسارة الاقتصادية كبيرة نتيجة جبهة الشمال”، تلك الجبهة التي يخوضها المقاومون البواسل، ووفق ناصر الدين فقد نجحت إيران ومعها حزب الله في جعل الاقتصاد “الإسرائيلي” – بانتظار الردّ المرتقب – تحت ضغط هائل بدأت تظهر نتائجه السلبية على “إسرائيل” وباعتراف كيان العدوّ نفسه.