أخبار عالمية

مخاوف وفرص وتحديات… بلينكن في زيارة الأمل الأخيرة للصين

ذكر موقع “الجزيرة”، أنّه وسط مخاوف بشأن تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين إثر مواجهات بين جيشيهما اقتربت من الصدام المباشر، خفّض مسؤولو الدولتين من سقف التوقعات التي قد تنتج عن زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للصين.
وفي حديث للصحفيين قبل بدء الزيارة، قال كورت كامبل مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون منطقة المحيطين الهادي والأطلنطي، إنه “في بداية حكم إدارة بايدن، كانت الصين مقتنعة بأن الولايات المتحدة في حالة انحدار نهائي، وروجت حول العالم للشكوك بشأن استمرار قوتنا، وحيويتنا الاقتصادية، والتزامنا تجاه حلفائنا، وصحة ديمقراطيتنا”.

وأضاف كامبل “نحن في منافسة مع الصين، لكننا لا نسعى إلى الصراع أو المواجهة أو حرب باردة جديدة، نحن نتطلع لإدارة المنافسة بيننا بمسؤولية”.

وتواجه الولايات المتحدة تعقيدات صعبة في إدارة علاقتها الثنائية مع الصين، في ظل غضب صيني يتسع من طريقة تعامل إدارة بايدن، خاصة تصويرها للصين على أنها خطر وتهديد يجب مواجهته.

وفي بداية الشهر الماضي، سافر مدير وكالة الاستخبارات المركزية بيل بيرنز سرا إلى الصين، للقاء نظرائه والتأكيد على أهمية الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة في القنوات الاستخباراتية والعسكرية. ولا يبدو أن بيرنز قد نجح في مسعاه، ومن هنا تأتي أهمية زيارة بلينكن، والتي قد تكون آخر المحاولات الدبلوماسية لتحسين العلاقات الأميركية الصينية.

مكالمة لم تحدث

عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع الصين، يحاول الرئيس بايدن توظيف الدبلوماسية الشخصية. وكثيرا ما يقول بايدن إنه قضى وقتا مع نظيره الصيني أكثر من أي زعيم آخر.

وأشار تقرير لشبكة “إن بي سي” (NBC) إلى نجاح فريق الأمن القومي في منع مبادرة بايدن بإجراء مكالمة مباشرة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، بعد وقت قصير من إسقاط الولايات المتحدة لبالون التجسس الصيني في شباط الماضي، حيث اعتقد بايدن أنه يستطيع تهدئة التوترات بين الدولتين من خلال محادثة مباشرة، لكن مستشاريه شعروا أن هذا ليس الوقت المناسب، لأن الصين كانت غاضبة للغاية.

وليس من الواضح ما إذا كان بلينكن سيجتمع مع الرئيس الصيني، في وقت يأمل الوزير الأميركي في تهدئة الأمور وسط إشارات مباشرة لموقف الصين الحازم، وفي بعض الأحيان العدائي الصريح، تجاه رؤية إدارة بايدن لمستقبل علاقات الدولتين.

جدير بالذكر أن إستراتيجية الأمن القومي الأميركي التي صدرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أشارت إلى أن الصين تمثل التحدي الجيوسياسي الأكثر أهمية لأميركا، ورغم أن هذا سوف يحدث في منطقة المحيطين الهندي والهادي إلى حد كبير، فإن هناك أبعادا عالمية للتحدي الصيني.

توترات عسكرية

في وقت سابق من هذا الشهر، اقتربت سفينة حربية صينية لنحو 150 ياردة فقط من المدمرة البحرية الأميركية “يو إس إس تشونغ هون” أثناء عبورها مضيق تايوان. وجاء الحادث في أعقاب حادث مماثل في سماء بحر جنوب الصين في أواخر الشهر الماضي، حيث حلقت طائرة مقاتلة صينية من طراز “جيه-16”  (J-16) مباشرة أمام طائرة استطلاع عسكرية أميركية من طراز “آر سي-135” (RC-135)، وهو إجراء وصفه البنتاغون بأنه “مناورة عدوانية لا داعي لها”.

وفي الحالتين، أكدت الحكومة الصينية أن الولايات المتحدة كانت تتصرف بشكل استفزازي، من خلال العمل في المجال الجوي فوق بحر جنوب الصين وفي مياه مضيق تايوان.

وعقب الحادثتين، قال وزير الدفاع لويد أوستن إن بلاده لن “تتوانى في مواجهة البلطجة أو الإكراه” من الصين، وستواصل الطيران والإبحار في المنطقة.

وتعتبر بكين جزيرة تايوان جزءا من أراضيها، في حين تقول واشنطن إنها تعمل وتتحرك في المجال الجوي والممرات المائية الدولية طبقا لقواعد القانون الدولي، ودون اختراق أي مجال جوي أو بحري لأي دولة.

ورغم الاتصالات الاقتصادية والدبلوماسية بين البلدين، واصلت الصين رفض المناقشات الرسمية بين أوستن ونظيره الصيني لي شانغو، رغم أن الاثنين تصافحا وتبادلا المجاملات القصيرة في منتدى أمني في سنغافورة.

ويخضع الوزير الصيني لعقوبات أميركية منذ عام 2018 بموجب قانون “مكافحة أعداء الولايات المتحدة من خلال العقوبات”، المعروف اختصارا بقانون “كاتسا” (CAATSA).

ورغم أنها لا تمنعه من التعامل مع المسؤولين الأميركيين، فإن الصين تريد رفع العقوبات أولا، لكن بايدن قال خلال الشهر الماضي إن رفع العقوبات عن وزير الدفاع الصيني “قيد التفاوض”، في حين قالت وزارة الخارجية الأميركية -في وقت لاحق- إن مثل هذه الخطوة ليست قيد الدراسة.

التجسس يشعل العلاقات المتوترة

من ناحية أخرى، تلقي المخاوف من تجسس الصين على الولايات المتحدة بظلالها على زيارة بلينكن، إذ يقول خبراء إن الصين تواصل توسيع قدراتها الخاصة في جمع المعلومات الاستخباراتية، للحاق بالركب في منطقة تتمتع فيها الولايات المتحدة تقليديا بميزة.

وكان مقررا أن يزور بلينكن بكين مطلع شباط الماضي، لكنه ألغى الزيارة بعدما أعلنت الولايات المتحدة رصد منطاد صيني يحلق في أجوائها قالت إنه لأغراض التجسس.

وقبل أيام من مغادرة واشنطن في طريقه للصين، اندلع جدل آخر حول التجسس، بعد نشر تقارير إعلامية تفيد بأن الصين توصلت إلى اتفاق لبناء قاعدة تنصت ضخمة في جزيرة كوبا، وأكدت واشنطن أن الصين حدثت منشآتها التجسسية هناك والموجودة منذ عام 2019.

في هذا السياق، يقول “لايل موريس” الزميل البارز في مركز تحليل الصين التابع لمؤسسة آسيا، إنه يمكن القول إن اتصالات الأزمات في أسوأ حالاتها منذ عام 1979، وهذا يضاف إلى قدرة كلا البلدين على جمع المعلومات الاستخباراتية لفهم قدرات بعضهما البعض وأفعالهما ونواياهما الإستراتيجية في كافة أنحاء العالم.
(الجزيرة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى