أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان عن خروج معمل دير عمار عن الخدمة ومجموعة من معمل الزهراني قبل ان ينطفئ هو الآخر كليّاً وأن أولوية التغذية بالتيار الكهربائي للمرافق الحيوية الأساسية في لبنان.
ويكشف هذا التطور اننا مقبلون على ايام عصيبة، وان الازمة القديمة المتجددة للكهرباء هي تلوح في الافق مجدداً، وهذه المرة مهددة موسم الاصطياف، مترافقةً مع ارتفاع في درجات الحرارة هذا الإعلان أشعل سجالاً بين وزراء حكومة تصريف الأعمال بعد أن وصلت العتمة إلى مطار بيروت وقصر العدل كبداية لتجتاح المؤسسات العامة،ولكن هل هذا يدل على أن اللبنانيين على موعد مع عتمة شاملة في «عز الصيّف»؟
من جهته يؤكد المدير العام السابق للإستثمار في وزارة الطاقة غسان بيضون لـ«اللواء» أن أزمة الكهرباء منذ الأساس لم تنشأ في أيامنا هذه، بل أزمة الكهرباء هي أزمة قديمة قائمة منذ ثلاثين سنة،وخلال هذه السنوات تم إقتراح حل لهذه الأزمة في العام 2010 ولكن بقيت أزمة الكهرباء تراوح مكانها على الرغم من كل ما تم إعطاؤه لوزراة الطاقة في ذلك الحين من خلال قرارات مجلس الوزراء من خلال الموافقة على هذه الخطة في تلك السنة التي أطلقوا عليها في ذلك الحين «ورقة سياسة قطاع الكهرباء» ،وتم إعطاءهم ترخيصاً أو إجازة بالتعاون مع مقدمي الخدمات لتخفيض الهدر الفني وغير الفني وتأهيل الشبكة من خلال تركيب «شبكة ذكية».
ويردف بيضون قائلاً:«منذ عام 2012 إلى أيامنا هذه لا زالت السلطة الحاكمة بالتمديد بشكل غير قانوني،وفشلهم المستمر في هذا المجال هو عامل أساسي في إستمرار هذه الأزمة الغير قابلة للحل،لذلك هذه الأزمة المزمنة لا زالت مستمرة بسبب أن مقدمي الخدمات ومؤسسة كهرباء لبنان لم يستطيعوا السيطرة على الشبكة أو تخفيف الهدر عبر الإستمداد غير الشرعي من الشبكة سواء كانت النتيجة مرتبطة بلبنانيين أو بنازحين أو حتى بالمخيمات، وهذا الهدر قبل تكليف مقدمي الخدمات كان بمجمله يتراوح بين الـ29 و الـ32 % تقريباً وهذا قبل الإنهيار الإقتصادي الذي شهده لبنان،أما في الوقت الحالي وتزامناً مع الوضع الإقتصادي المنهار والإختناق الذي تسببه فواتير الكهرباء سزاء من «الموّلد» أو من «المؤسسة» على المواطن الهدر والتعليق بات يتجاوز الـ60% من الطاقة التي تنتجها المؤسسة وتضعها على الشبكة.»
ويوضح أن أي كهرباء توضع على شبكة كهرباء لبنان اليوم فسيضيع منها حكماً 60% سواء تم إيجاد لها أموال لتمويلها ،أو تسهيلات أو تم القيام بفتح الإعتمادات اللازمة لأجلها،أو تم إعطاؤها سلفات خزينة،أم تم إعطاؤها نفطاً من العراق لم تستطع مؤسسة كهرباء لبنان إسترداد ثمن المحروقات وتكلفة إنتاجها من الإيرادات التي ستقوم بتحصيلها على الرغم من رفع التعرفة إلى حدود فاحشة ومبالغ فيها وغير عادلة، وخطة الكهرباء التي بنيت على رفع التعرفة والتي أخذت طابع الجزية والإستبداد و«الخوّة» وتم فرضها على الناس وجعلتهم يطالبون بإلغاء العدّادات أو تجميد الإشتراكات هو دليل على أن هذه التعرفة غير عادلة وغير مبنية على الأسس القانونية والنظامية التي من المفترض أن تبنى عليها وأدت إلى فشل خطة الطوارئ الوطنية لقطاع الكهرباء فشل ذريعاً .
ويرى أنه من الضروري التمييز بين الفوترة والجباية، لأن المشكلة تكمن في الفوترة والحل يكون من خلال فوترة 40% وهي قيمة الكهرباء المستمدة عبر العدادات، في طريقة مشروعة ومن هنا يحق التطرق إلى نسبة الجباية من هذه النسبة التي تكون عالية وتتراوح بين 90 و 95% لأن من يقوم باستمداد الكهرباء من خلال العدادات لا يستطيع سوى أن يقوم بدفع رسم الكهرباء،ولكن مع التعرفة الجديدة للكهرباء إشتد الخناق على الناس أكثر من الماضي باعتبار أن الرسوم الثابتة الموجودة فيها والتي كانت تسمى «بدل تأهيل» مع زيادة 20% على تطبيق «صيرفة»، فهذا يؤدي إلى أن يكون سعر الكيلووات الفعلي أعلى من سعر الموّلد وهذا ما تبينه الرسوم الثابتة الإضافية على ثمن «المقطوعية» لتجعل تكلفة الكيلووات الفعلية على المشترك أكثر من دولار أو دولار ونصف،وهذه «تعمية» ومحاولة لإيهام الرأي العام بأن التسعيرة هي أرخص من المولد ولكن الواقع يقول غير ذلك تماماً بسبب محدودية ساعات التغذية ناهيك عن الرسوم الثابتة،لذلك الهدر والنقص سيظل قائماً في القطاع الكهربائي ولم ولن تستطيع كهرباء لبنان نتيجة هذا الأمر من استرداد أموالها.
ويكشف أن الأزمة الراهنة تندرج في إطار «الإبتزاز»، وهو قائماً منذ سنوات طويلة من قبل مؤسسة كهرباء لبنان والقيمين عليها ومن ورائهم الذين يقومون بتوجيه المؤسسة من خارج المؤسسة وحتى من خارج وزارة الطاقة والمياه، وهذا الإبتزاز فلسفته قائمة على التهديد المستمر في «وقف الإستثمار» و«وقف الإنتاج» و«الدخول في العتمة الشاملة» ومن خلال هذه الفلسفة تكون الدولة مجبرة على إعطاء المؤسسة ما تريد،وهذا أيضاً هو نوع من التعمية وعدم المصداقية باعتبار أنه لم يقوموا بدفع ثمن «الفيول العراقي»، وبحسب النائب سجيع عطيه فعليهم دفع حوالي مليار ونصف دولار،ولكن لا يمتلكون من هذا المبلغ سوى نسبة ضئيلة جداً أي أقل من ثلث المتوجب على الدولة سداده تقريبا».
ويلفت بيضون إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان فرضت عليها من قبل حكومة تصريف الأعمال خطة الطوارئ الوطنية لقطاع الكهرباء، لذلك تقوم المؤسسة بالإستنجاد بوزارة الطاقة وعندما وافقت عليها بقرار من مجلس الإدارة وضعت العديد من الشروط التي بدت منذ البداية أنها مستحيلة التحقيق،أبرز هذه الشروط المواكبة والمساعدة من وزارة الدفاع والداخلية ووزارة المالية ومصرف لبنان،وأن تقوم الدولة بدفع 460 مليون دولار ثمن النفط العراقي المتأخر ناهيك عن قيامها بتسديد الإلتزامات التي تقع على المؤسسة أو لن تكون المؤسسة مسؤولة عن عدم تحقيق الخطة لأهدافها.
ويعتبر أن وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض تم وعده بزيادة الإنتاج خلال فصل الصيف من 450 ميغاواط إلى 600 ميغواط، ولكن لكي يستطيع القيام برفع هذا الإنتاج يبدو أن الوزارة إتجهت إلى المناقصة لشراء المحروقات من غير النفط العراقي،ولكن عندما علمت الحكومة العراقية بهذا الأمر وأن لبنان قادر على أن يجلب المحروقات من غير العراق تساءلت عن سبب استمرار حكومة تصريف الأعمال عن تخلفها عن سداد ثمن النفط لهم، وبحسب بيان مؤسسة كهرباء لبنان وتصريحات الوزير فياض فإن الشركة التي ستجلب النفط العراقي إلى لبنان أوقفت تفريغ البواخر لذلك أصبحت وزارة الطاقة أمام مشكلتين عدم قدرتها على السير في المناقصة التي أعلنت عنها،وعدم قدرتها على جلب شحنات المحروقات القادمة من النفط العراقي على أساس هذه الإتفاقية.
ويختم بيضون قائلاً:«يتم إتهام مصرف لبنان بأنه لا يقوم بتحويل ليرات مؤسسة كهرباء لبنان إلى دولارات،ولكن مصرف لبنان كان معنياً بدفع ثمن المحروقات للمؤسسة عندما كانت المؤسسة تقوم بتمويل محروقاتها من الخزينة اللبنانية أي من حساب الخزينة لدى مصرف لبنان ،أي على حساب الموازنة العامة، ولكن من المفترض أن تكون كهرباء لبنان قامت بتأمين عملية توازنها المالي من حساب الخزينة لدى مصرف لبنان أي من المفترض أن تكون قادرة على تغطية ثمن محروقاتها،ولكن هذا الأمر لم يتحقق على أرض الواقع لذلك من المفترض أن تؤمن الدولارات و تسدد ثمن محروقاتها وكان بداية تحقيق هذا الأمر عندما بدأت بجباية فواتيرها بالدولار لذلك مصرف لبنان غير ملزم وغير معني بهذا الأمر وكل هذا الأمر الذي حدث في الأيام الماضية سببه الأساسي التغطية على فشل الخطة و عملية الإبتزاز القائمة هي لتحويل الأنظار إلى مكان آخر،ولكن الأزمة هي قائمة ضمن المؤسسة وفي مؤسسة وزارة الطاقة المفروضة على المؤسسة والتي تستحيل أن تعالج هذه المشكلة».