لا يمر وقت طويل بين اشتباك وآخر بين السراي الحكومي ووزارة الشؤون الاجتماعية على خلفية ملف النازحين السوريين، الذي يشهد “هبة باردة” و”هبة ساخنة” بين الطرفين كل فترة، وهذا ما حصل مؤخرا على اثر الدعوة الى إجتماع تقني، تسبب بتحفظ وزاري انطلق من وزارة الشؤون برفض اي مقاربة تقنية من دون المرور بالوزراء أولا، كما ورد على مجموعة التواصل الخاصة بالحكومة.
الدعوة من السراي تسببت بتطيير الإجتماع، وأوحت بإمكان وقوع اشتباك جديد بين السراي والوزير هكتور حجار، الذي عبر عن تحفظه بشان طريقة التعاطي مع خطة الاستجابة، ووصف ما يجري بانه يتخطى او ينتقص من دور الوزراء في الحكومة.
وعلى الرغم من تأكيد مصادر السراي على الخصوصية التقنية، وعلى مبدأ الفصل بين الاجتماع الوزاري والإجتماع التقني، فإن التحفظات أدت الى تأجيل الاجتماع، فيما تعتبر مصادر سياسية ان موقف الحجار ينطلق من حرصه على الاحتفاظ بالمبادرة، وترؤس المفاوضات وحصرها باللجنة الوزارية فقط، مما يقطع الطريق على رئيس حكومة حكومة تصريف الاعمال على التفاوض بهذا الشأن.
وعلى الرغم من حرص الفريقين على التكتم وإعطاء فرصة للتوافق، فإن ما جرى كما تقول مصادر متابعة عكس بقاء التجاذب على حاله وصراع الصلاحيات بين الطرفين.
وتؤكد المعلومات ان العلاقة بين حجار وميقاتي دائما متوترة، إذ يتهم الأول رئيس حكومة تصريف الاعمال بمحاولة تحجيمه وتقليص حضوره في ملف النازحين، بتكليف وزير المهجرين التنسيق مع الجانب السوري، واستثناءه من المشاركة باجتماعات بروكسل، واعطاء ادوار أساسية لكل من وزير الخارجية عبدالله بوحبيب ومدير الأمن العام بالوكالة اللواء البيسري.
فيما يحاول حجار الإمساك بزمام المبادرة في موضوع التعامل مع خطة الاستجابة، معبرا عن مخاوف أكدها في الإعلام من ان تشكل المساعدات للنازحين مدخلا لدمجهم في المجتمع اللبناني المضيف، لكن المخفي عدم ارتياحه من تقليص الدور الاستراتيجي له ضمن مشروع الاستجابة، خصوصا ان دور حجار يتقدم عن الوزراء المتخصصين .
المقابل، يصر الداعون الى الإجتماع التقني على الفصل بين الاجتماعين، فالاجتماع التقني يضم خبراء وممثلين عن الوزارات، وينتهي الى خلاصات تعرض على الوزراء وممثلي الأمم المتحدة وسفراء الدول الخمسة، فيما يطالب وزير الشؤون بحصر الاجتماع بالوزراء المعنيين، اي وزارات الداخلية والخارجية والصحة والعمل والاقتصاد والمال والطاقة والتربية والزراعة.
في الشكل احتجاج الحجار على مسألة ربط المسارات ضمن خطة الاستجابة، وربط ملف النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين بملف الاستجابة للبنانيين، لكن المصادر السياسية تتحدث عن خلفيات سياسية، وسعي لتحريض الوزراء وحثهم على عدم المشاركة في الاجتماع التقني، للضغط على ميقاتي لعقد اجتماع وزاري بهدف تعزيز شأن ودور وزارة الشؤون، ليترأس حجار خطة الاستجابة في المستقبل.
ووفق مصادر مطلعة فالأمور ان سلكت هذا المنحى، فان خطة الاستجابة ستتعرض لخضة تنعكس سلبا وتؤدي الى توتير علاقة لبنان أكثر مع المجتمع الدولي، مما سيترك تداعيات كبيرة على ملف النزوح السوري، الذي يشكل الخطر الأكبر في حال حصول عدوان “اسرائيلي” على لبنان .
لا يمكن ايضا كما تقول مصادر مقربة من ميقاتي، ان تحصر المهام فقط بوزارة الشؤون، فالوزير الحالي معروف بتصادمه مع المجتمع الدولي، وليس مسؤولا عن ملف العودة، كما لا يمكن اعتباره “الوزير المختص” عن العودة طبقا للقانون الموقع عام ٢٠١٥.
إستمرار المناكفات السياسية والحسابات على هذه الحال، يمكن ان يعرض خطة الاستجابة لاهتزازات لبنان بغنى عنها اليوم، فالخطة إنسانية تنموية لدعم الفئات الأكثر هشاشة، سواء كانوا نازحين سوريين او لاجئين فلسطينيين ولبنانيين، كما تساهم في مساعدة الجيش اللبناني، وتخفف من وقع الانهيارات والأزمات القاسية.
والسؤال المطروح: هل يقتنع حجار باجتماع الخبراء والتقنيين؟ او يرضخ ميقاتي للضغوط لإبقاء العمليات بإدارة الشؤون الاجتماعية؟ علما ان التوترات ادت الى تطيير الاجتماع السابق، وجرى تأجيله الى الأسبوع المقبل .