بات واضحا أنّ كيان الاحتلال سلّم بأنّ محكمة الجنايات الدوليّة في لاهاي ستصدر أوامر اعتقال ضدّ رئيس الوزراء ووزير الأمن.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر سياسيّة في تل أبيب، والتي وصفت بأنّها رفيعة المُستوى، النقاب عن أنّ خشية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أوامر الاعتقال التي قد تصدرها محكمة العدل الدوليّة في لاهاي بتهم ارتكاب جرائم حرب، دفعت بمساعديه إلى فحص الموضوع بشكلٍ جديٍّ عشية زيارة نتنياهو إلى واشنطن أواسط الشهر القادم، طبقًا للمصادر التي تحدثت لمراسل الشؤون السياسيّة في القناة الـ 12 العبريّة، يارون أبرهام.
وبحسب المصادر عينها، فإنّ التقديرات في “إسرائيل” تشير إلى أنّ أوامر اعتقال عن المحكمة الجنائية الدولية، ستصدر بحقّ نتنياهو، ووزير الأمن، يوآف غالانت، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، طبقًا للتقرير الذي بثته القناة العبريّة.
بالإضافة إلى ذلك، أوضحت المصادر أنّ التقديرات التي تمّ التوصّل إليها خلال مناقشاتٍ جرت في الآونة الأخيرة في ديوان رئيس الوزراء، ووزارة الخارجية، ووزارة القضاء، هو أنه يُتوقّع أنْ تستجيب المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بشكلٍ إيجابيٍّ، لطلب المدعي العام كريم خان بإصدار مذكرتيْ اعتقال اثنتيْن ضدّ نتنياهو وغالانت.
وتابع التقرير قائلاً إنّ أوامر الاعتقال، ستصدر ضدّ نتنياهو وغالانت، بالفعل في الأسابيع المقبلة، ويعتقد البعض أّنه حتى في غضون الأسبوعيْن المقبليْن، على ما نقله التلفزيون العبريّ عن مصادره المُقربّة من دوائر صُنع القرار بالكيان.
ووفقًا للتقرير، فإنّه تتم خلال هذه الأيام، صياغة ما وصفته القناة بـ “الرسالة الدفاعيّة” في “إسرائيل”، بشأن هذا القرار، لافتةً إلى أنّه في الوقت ذاته لم يتمّ اتخاذ قرار بشأن تقديم الردّ أم لا، عقب القرار المحتمَل.
وشدّدّت المصادر أيضًا على أنّ نتنياهو وغالانت، يجب أنْ يتّخذا قرارًا بشأن ذلك، لأنّ هذا إجراء جنائيّ ضدّهما شخصيًّا، طبقًا لأقوالها.
ولفت التقرير إلى أنّ عُمق القلق في الكيان بشأن إصدار مذكرات الاعتقال كبير جدًا، لدرجة أنّه يتِّم في هذه الأيام إجراء فحصٍ حول الآثار المترتبة على مثل هذا القرار من قبل المحكمة، قبل زيارة رئيس الوزراء لواشنطن بعد حوالي الشهر.
وأوضح التقرير أنّه على الرغم من أنّ الولايات المتحدة، ليست من الدول الموقعة على (معاهدة روما)، غير أنّ المناقشات تجري بشأن سيناريو ضعيف ولكنّه محتمل لهبوطٍ اضطراريٍّ لطائرة رئيس الوزراء في دولةٍ موقّعةٍ على المعاهدة المذكورة.
وخلُصت المصادر إلى القول إنّه بحسب التقييم الذي أجراه المسؤولون القانونيون في الغرف المغلقة فإنّ معظم الدول ستحترم القرار المتوقّع صدوره عن محكمة لاهاي وستقوم بتنفيذه.
وفي معرض تعقيبه على ما ورد بالتقرير التلفزيونيّ قال الناطق بلسان ديوان رئيس الوزراء الإسرائيليّ: “لا نعلّق على هذه المباحثات، ولا يوجد أيّ قلقٍ بشأن سفريات نتنياهو”، على حدّ تعبيره.
ومن الجدير ذكره أنّ 123 دولة قامت بالتوقيع على نظام روما الأساسي، الذي يحدد سلطات المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
ومن الجدير ذكره أنّ 123 دولة قامت بالتوقيع على نظام روما الأساسي، الذي يحدد سلطات المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
ومن المفترض أنْ تنفذ هذه الدول الأمر وتعتقل أولئك الذين صدرت بحقهم أوامر اعتقال، حيث سيكون نتنياهو مهددًا بالتوقيف إذا هبطت طائرته اضطراريًا في بلدٍ موقعٍ على نظام روما الأساسيّ.
وفي العشرين من شهر أيّار (مايو) الماضي أعلن كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائيّة الدوليّة أنّ المحكمة تسعى لإصدار مذكرات اعتقال ضدّ نتنياهو وغالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب، وذلك عقب الدعوى القضائيّة التي أقامتها دولة جنوب إفريقيا، على خلفية العدوان الإسرائيليّ ضدّ قطاع غزّة، والذي بدأ في السابع من شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام المنصرم.
وأصدرت محكمة العدل الدوليّة، في 28 آذار (مارس) الماضي، إجراءات مؤقتة إضافية ضدّ إسرائيل، وجاء ذلك بعد الحكم الأصلي الذي أصدرته المحكمة في كانون الثاني (يناير) والذي أمر إسرائيل باتخاذ جميع التدابير لمنع الإبادة الجماعية بعد أنْ اتهمت جنوب إفريقيا إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية المتعلقة بالإبادة الجماعية في حربها في القطاع.
ورفضت محكمة العدل الدوليّة طلب إسرائيل بإلغاء القضية، لكنّ المحكمة لم تصل إلى حدّ إصدار أمرٍ لإسرائيل بوقف الحرب، كما طلبت جنوب إفريقيا.
إلى ذلك، أوضحت صحيفة (يديعوت أحرونوت) أنّ وزارة الخارجيّة الهولنديّة استدعت أمس سفير الاحتلال الإسرائيلي، من أجل تقديم تفسيرات بخصوص ما جرى الكشف عنه بقيام وكالات الاستخبارات الإسرائيلية بشنّ حملات مراقبة وتجسس سرية استهدفت المحكمة الجنائية الدولية.
وأضافت أن المسؤولين بهولندا طلبوا لقاء السفير، مودي افرايم، من أجل مناقشة ما كشف عنه تحقيق سابق لصحيفة (الغارديان) البريطانيّة تطرق إلى أنّ وكالات الاستخبارات الإسرائيلية حاولت على امتداد تسع سنوات تقويض عمل مكتب المدعي العام والتأثير فيه واستهدافه.
والسؤال الذي يبقى مطروحًا وبقوّةٍ على الأجندة: هل هذه التطورّات ستُساهِم في وضع حدٍّ للعربدة الإسرائيليّة والاستكبار والاستعلاء وعدم الانصياع لقرارات الشرعيّة الدوليّة؟ وهل رأس الأفعى، أمريكا، قادرة أوْ راضية عن تصرفات ربيبتها وحليفتها الإستراتيجيّة في الشرق الأوسط؟