كتبت صحيفة “الجمهورية”: من يتتبّع مجريات الميدان العسكري على الجبهة الجنوبية، ويرصد احتدام التصعيد وكثافة العمليات الحربية كمّاً ونوعاً واتساعاً، وارتفاع وتيرة التهديدات الاسرائيلية، التي اقترنت في الساعات الاخيرة مع إعلان الجيش الاسرائيلي عن انّه صادق على خطة عملياتية لهجوم على لبنان، وحجم وصدى التهديدات الاسرائيلية بشنّ حرب على لبنان، ينتابه شعورٌ قلقٌ بأنّ العدّ التنازلي لهذه الحرب قد بدأ، وأنّ اشتعالها بات قاب قوسين او أدنى. ولكن على الرغم من كل ذلك، فإنّ الحركة الديبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية لاحتواء الوضع، تؤشر إلى أنّ قرار منع الحرب، لا يزال حتى الآن، أقوى وأكبر من قرار إشعالها.
خير .. حتى اشعار آخر!
التنجيمات السياسية والاعلامية العلنية، أرخت أجواءً تشاؤمية على المحادثات التي اجراها كبير مستشاري البيت الابيض آموس هوكشتاين في بيروت، الّا انّ مطلعين على تفاصيل ما حمله الوسيط الاميركي، وما تمّ طرحه في الغرف المغلقة، يعاكسون هذه الاجواء، ويؤكّدون لـ«الجمهورية»، انّ من المبكر وضع المحادثات مع هوكشتاين في ميزان التفاؤل او التشاؤم، فلا التسرّع في إشاعة التفاؤل يفيد، كما انّ التسرّع في إشاعة التشاؤم من شأنه أن يحدث حالاً من الإرباك والتخويف».
وربطاً بما سمعه هؤلاء المطلعون بصورة مباشرة من هوكشتاين، وبما قيل له رداً على بعض الطروحات التي قدّمها، يرفضون الدخول في ما يسمّونها «لعبة التكهن بمآل الامور، فهذا امر شديد الصعوبة» ولا يشاركون القائلين بأنّ الأمور مقفلة، «ذلك أنّ لا نتائج محسومة لا سلباً ولا ايجاباً حتى الآن»، بل يفضّلون التموضع في دائرة الحذر «كون الوضع دقيق جداً، والمباحثات بدورها لم تنته بعد، وقنوات التواصل المباشر وغير المباشر أُبقيت مفتوحة بصورة دائمة ومكثفة. وما يمكن قوله في معرض تقييم المحادثات إنّ المقاربات كانت هادئة وصريحة، وهناك فجوات كبرى، ولكنّ بعضاً مما جرى طرحه يمكن ان يُبنى عليه لحلّ مستدام بعد الحرب، وفي الخلاصة لا نقول إننا متفائلون او متشائمون، بل خير .. حتى إشعار آخر».
ماذا طرح هوكشتاين؟
مصادر موثوقة عرضت لـ«الجمهورية» الخلاصات التالية:
اولاً، المحادثات مع هوكشتاين، كانت شاملة كل المشهد من غزة الى جنوب لبنان.
ثانياً، جرى حديث متجدّد وبصورة مستفيضة في كل الطروحات التي سبق أن طرحها هوكشتاين في زيارته السابقة.
ثالثاً، قدّم هوكشتاين عرضاً لتطورات الوضع على الجبهة الجنوبية، وأبدى تخوفاً في تسارع وتيرة العمليات العسكرية. مفترضاً انّ الحرب دخلت في أخطر مراحلها. وركّز على عامل الوقت، حيث بات من الضروري والملحّ وقف هذه الحرب، التي كلما مرّ الوقت وتصاعد الصراع، زادت فرص اندلاع الحرب، محذّراً من أنّ تأثيراتها كبيرة جداً على اطرافها.
رابعاً، بيّن النقاش أنّ الفوارق ما زالت عميقة بين ما يطرحه الوسيط الاميركي الذي لا يخفي ميله للموقف الاسرائيلي، وبين موقف الجانب اللبناني منها، وخصوصاً في ما يتعلق بالموضوع غير القابل للنقاش والمتمثل بانسحاب «حزب الله» إلى ما بعد الليطاني.
خامساً، خلافاً لما تمّ ترويجه، فإنّ هوكشتاين لم ينقل تهديداً مباشراً بالحرب، بل انّ نبرته اتسمّت بالتحذير، موحياً في هذا السياق انّ التهديدات الاسرائيلية جدّية، ومشيراً في الوقت ذاته الى أنّ الولايات المتحدة الاميركية جادة في السعي لاحتوائها ومنع تدرّج الصراع القائم الى حرب تخرج عن السيطرة.
سادساً، لم يركّز هوكشتاين على حل سياسي آني للمنطقة الحدودية، حيث انّه أقرّ بشكل واضح انّ هذا الحل مؤجّل بلوغه الى ما بعد انتهاء الحرب في غزة. وهو ما عبّر عنه صراحة في تصريحه العلني بأنّ وقف اطلاق النار في غزة ينهي الحرب ويعطي فرصة للحلول الديبلوماسية وإنهاء الصراع على طول الخط الازرق، وعودة السكان إلى منازلهم على جانبي الحدود.
مكرّراً بذلك ما سبق واعلنه وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن، من أنّ التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزّة سيعزّز فرص التوصّل إلى حلّ دبلوماسي على الجبهة اللبنانية وهو الحل الأسرع.
سابعاً، تأكّد من خلال ما طرحه هوكشتاين أنّ الهدف الأساس من زيارته هو محاولة إنجاح مبادرة الرئيس الاميركي جو بايدن، التي قال انّها تحظى بإجماع دولي عليها كفرصة لتحقيق هدنة في قطاع غزة، تؤسس بدورها لوقف إطلاق نار مستدام، يمهّد لحل سياسي على جبهة لبنان. وبدا من خلال حديثه انّ بلوغ هذا الهدف يقتضي تحقيق امرين:
الأول، وقف حرب الاستنزاف الذي جرّ «حزب الله» إسرائيل اليها، حيث كرّر اكثر من مرّة انّ الوضع القائم على الحدود لا بدّ من نهاية له، وانّ الضرورة تقتضي مبادرة الجانب اللبناني إلى خطوات تساهم في خفض التصعيد، وتلاقي المسعى الاميركي لاحتواء الوضع وتجنّب الحرب. لقد بدا في مقاربته لهذا الامر مدركاً انّ وقف اطلاق النار من الجانب اللبناني مرتبط بوقف اطلاق النار في غزة، ولذلك بدا يدفع إلى خفض التصعيد من الجانب اللبناني إلى حدود دنيا. وكان لافتاً في هذا السياق انّه لم يشر إلى اي خطوات مطلوبة من الجانب الإسرائيلي.
اما الامر الثاني، فهو معالجة العائق الأساس والوحيد من امام هذه المبادرة، الذي يتجلّى بعدم موافقة حركة «حماس» عليها. لقد بدا هوكشتاين في هذا الطرح وكأنّه يطلب المساعدة في تليين موقف «حماس»، على اعتبار انّ «حزب الله» إن اراد، يستطيع ان يليّن موقف «حماس» والسنوار على وجه التحديد.
ثامناً، الموقف اللبناني، في موازاة طروحات هوكشتاين، أعاد تأكيد الالتزام الكلي بمندرجات القرار 1701، وعدم الرغبة بالحرب وكذلك عدم السعي اليها، برغم الدفع الاسرائيلي اليها، وبمعنى أوضح «حزب الله» اكّد على لسان مستوياته كلها انّه لا يسعى إلى الحرب، ولم يخرج عمّا تسمّى قواعد الإشتباك، وما تقوم به المقاومة، هو ردّ على توسيع إسرائيل لدائرة اعتداءاتها واستهدافاتها المتعمّدة للبلدات اللبنانية والمدنيين والمؤسسات المدنية والاجتماعية والاعلاميين.
اما في الشق المتعلق بعدم موافقة حركة «حماس» على مبادرة بايدن، فقد قيل على مسمع هوكشتاين ما مفاده: لم نرَ لا في الإعلام، ولا في غير الإعلام، ما يؤكّد انّ اسرائيل وافقت على خطة بايدن. انتم (الاميركيون) اعلنتم انّ اسرائيل موافقة على المبادرة، ولم نسمع من اي مستوياتها السياسية او العسكرية ما يؤكّد قبولها بمبادرة الرئيس بايدن، بل على العكس، سمعنا اعتراضاً عليها، والإعلام الاسرائيلي نقل ذلك.
تاسعاً، خلاصتان انتهى اليهما تقييم زيارة هوكشتاين، الاولى، وهي انّ ما يبحث عنه هوكشتاين لإنجاح مبادرة بادين، لفرض هدنة تمهّد لوقف دائم لاطلاق النار، يمهّد بدوره لحل سياسي على جبهة لبنان بعد انتهاء حرب غزة، ليس موجودًا في لبنان، بل هو موجود اولاً، على خط الوساطة القطرية والمصرية وقدرتها على تليين موقف «حماس» من هذه المبادرة، وموجود ثانياً، انما بشكل معقّد اكثر، في إسرائيل وقدرة الولايات المتحدة على تمرير مبادرتها لدى حكومة نتنياهو ووزرائه المتطرّفين الذين يدفعون إلى الاستمرار في الحرب وتوسيعها.
واما الخلاصة الثانية للزيارة من الجانب اللبناني، فهي «للبحث صلة». برغم انّ النتائج الجوهرية لما طرحه هوكشتاين، تبدّت سريعاً في الرفض القاطع للمطلب الإسرائيلي بسحب «حزب الله» الى ما بعد الليطاني، ولأي بحث في حل سياسي قبل وقف العدوان الاسرائيلي على غزة.
وتبدّت ايضاً في تأكيد الحزب على انّ جبهة الإسناد الجنوبية ستبقى مشتعلة ضدّ اسرائيل طالما انّ عدوانها مستمر على قطاع غزة.
واما في موضوع التهديدات، فمستويات الحزب على اختلافها تؤكّد جهوزية المقاومة لمواجهة وكسر ما يصفونها أي مغامرة حمقاء قد يُقدم عليها نتنياهو وحكومته المتطرفة.
إسرائيل: هوكشتاين قلق
إلى ذلك، ذكرت «القناة الـ 12» الإسرائيلية، انّ هوكشتاين أبلغ الى نتنياهو بالرسائل التي سمعها من المحادثات التي أجراها في لبنان، وانّه اوضح للمسؤولين الاسرائيليين انّ «حزب الله» ببساطة غير قادر على الفصل بين الساحات، لأنّ (الامين العام للحزب السيد حسن) نصرالله متمسك بالتزامه منذ 8 تشرين الاول الماضي بمواصلة اطلاق النار والتصعيد طالما انّ الساحة الجنوبية نشطة».
وكنتيجة، قال هوكشتاين، إنّ باستطاعته «القيام بترتيب في الشمال»، مشيراً إلى أنّ لديه «خطة من 13 نقطة يستطيع أن يجعل «حزب الله» ينفّذها، وقد يجري عليها تعديلات، لكنّ ترتيباً كهذا سيكون مرتبطاً بالتهدئة في الجنوب».
واشارت القناة إلى انّ هوكشتاين اجتمع قبل سفره إلى لبنان، ليس فقط مع نتنياهو في المرّة الأولى، بل مع وزير الأمن يوآف غالانت، ورئيس هيئة أركان الجيش هرتسي هاليفي، ومع بني غانتس ويائير لابيد وإسحاق هرتسوغ، ومع مجموعة من المسؤولين الإسرائيليين. وقالت انّ هوكشتاين قال للمسؤولين الذين تحدث معهم إنّه «قلق تحديداً من المحادثات التي أجراها مع رئيس الأركان»، إذ إنّه «لم يفهم ما هي الخطة العسكرية لإسرائيل، وما هي الخطوة التالية».
واشنطن: المساعي مستمرة
وكانت واشنطن قد اكّدت عبر البيت الابيض والبنتاغون ووزارة الخارجية الاميركية استمرار السعي إلى حل ديبلوماسي على طول الخط الازرق ومواصلة العمل الجاد لاستعادة الهدوء على الحدود، بما يسمح بعودة المدنيين الى منازلهم. واقترن ذلك مع اعلان وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن بأنّه لا يعتقد أنّ إسرائيل و»حزب الله» ولبنان وإيران تريد توسيع نطاق الصراع».
نصرالله
إلى ذلك، اعلن الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، في كلمة القاها بعد ظهر امس في احتفال تأبين الشهيد طالب سامي عبدالله «الحاج ابو طالب» في الضاحية الجنوبية، انّ فيديو التسع دقائق هو جزء صغير مختار من ساعات أمضاها «الهدهد» في اجواء حيفا وما بعد حيفا وما بعد بعد بعد حيفا».
وإذ اشار الى اننا قاتلنا بجزء من سلاحنا، وحصلنا على اسلحة جديدة، وطورنا أسلحتنا، ونصنّع مسيّراتنا وصواريخنا ونحتفظ بأسلحة اخرى لقابل الأيام للدفاع عن بلدنا. ولدينا القدرة البشرية الجاهزة والمستعدة التي زادت عن المئة الف بكثير، قال: «بالتوكل على الله، والثقة بنصره، واستناداً الى ما لدينا في لبنان من عناصر القوة، والى وضعية المقاومة وقدراتها وبالنظر الى واقع العدو، فإنّ ما يقوله العدو من تهديد وتحذير، وما يُقال عن حرب على لبنان لا يخيفنا ويجب الّا يخيفنا».
أضاف: «في ناس تعتبر انّ احتمال الحرب جدّي، ونحن نتعاطى دائماً مع أسوأ الاحتمالات، ومن هنا نقول انّ العدو يعرف جيداً اننا حضّرنا أنفسنا لأصعب الايام، ويعرف جيداً ما ينتظره، ولذلك كان مردوعاً على مدى 9 اشهر، وهو يعرف انّه لن يكون مكان في الكيان بمنأى عن صواريخنا ومسيّراتنا، وليس قصفاً عشوائياً، بل لكل صاروخ ومسيّرة هدف والدليل الهدهد. هو يعرف انّ لدينا بنك اهداف كاملاً وحقيقياً، ولدينا القدرة على الوصول إلى هذه الاهداف بما يزعزع الكيان. وهو يعرف انّ ما ينتظره ايضاً في البحر الابيض المتوسط كبير جداً، هو يعرف انّ عليه ان ينتظرنا براً وبحراً وجواً، وإذا فُرضت الحرب على لبنان فإنّ المقاومة ستقاتل بلا ضوابط وبلا قواعد وبلا أسقف».
واشار نصرالله الى معلومات تفيد بأنّ قبرص ستفتح مطاراتها للطائرات الاسرائيلية فيما لو استهدفت المقاومة المطارات الاسرائيلية، وقال: «ألفت نظر الحكومة القبرصية اننا نملك هذه المعلومات، والاسرائيليون كشفوا عن ذلك، واقول بكلمة واحدة في هذا المناخ، يجب ان تحذر الحكومة القبرصية انّ فتح المطارات والقواعد للعدو الاسرائيلي، يعني انّ قبرص اصبحت جزءاً من الحرب وستتعاطى معها المقاومة على انّها جزء من الحرب».
وقال: «لمن يهوّل علينا بالحرب، فإنّ الذي يجب ان يخاف هو العدو إسرائيل، ونحن سنواصل تضامننا ومساندتنا ودعمنا لغزة، وفي نفس الوقت سنكون حاضرين لكل الاحتمالات».
واشار الى انّ السبيل لوقف النار من لبنان واليمن وكل الساحات، سبيله واحد هو وقف العدوان في غزة وعلى اهلنا في غزة. ومن يريد ان يقوم بوساطه فليعمل هناك. اما بالنسبة الى «حماس»، فقال ساخراً: «يطلبون منا ان نحكي مع «حماس» و«الجهاد» لكي يقبلوا بحلّ يجّردهم من اوراق القوة».
وخلص إلى القول: «هذه اعظم معركة تخوضها الأمّة منذ 1948، معركة لها افق، معركة ستغيّر وجه المنطقة وتاريخ المنطقة وستصنع وجه المنطقة وتوفّر على لبنان وشعوب المنطقة المجازر الاسرائيلية لو بقيت اسرائيل بقوتها».
الوضع الميداني
وكانت أجواء التوتر الشديد قد سيطرت امس، على طول خط الحدود، مع تزايد الاعتداءات الاسرائيلية على المناطق اللبنانية، والتي شملت بالغارات الجوية مدخل صور الجنوبي، بساتين الشبريحا والبرغلية في منطقة صور، الطيبة، يارون، وسط بلدة الخيام، والوزاني، عيتا الشعب، العديسة، ميس الجبل، وبالقصف المدفعي اطراف حلتا وكفر شوبا وشبعا، اطراف الخيام، وكفر كلا، الناقورة، اطراف كفر حمام، الخريبة، اطراف راشيا الفخار، اطراف طلوسة، حولا، الطيبة، وتلة العويضة.
في المقابل، اعلن «حزب الله» انّ المقاومة الاسلامية استهدفت التجهيزات التجسسية في موقع المطلة، ورداً على اعتداءات العدو على بلدتي يارون والخيام، قصفت المقاومة مقر قيادة اللواء الشرقي 769 التابع للفرقة 91 في ثكنة كريات شمونة بعشرات صواريخ الكاتيوشا، كما هاجمت بسرب من المسّيرات تموضعات جنود العدو وانتشارهم داخل مستعمرة المطلة.
ونعى «حزب الله» الشهداء وهبي محمد ابراهيم من بلدة كفر كلا، وحسن المجتبى يوسف احمد من بلدة رشاف، وجهاد احمد حايك من بلدة عدشيت، وحسن محمد علي صعب من بلدة يارون.
إرباك وتهديدات
إلى ذلك، وفي وقت استمر فيه النقاش داخل اسرائيل حول «هدهد حزب الله»، بالتوازي مع تصاعد الانتقادات للمؤسستين الامنية والعسكرية ازاء هذا الخرق الذي حققه «حزب الله»، والذي قال الإعلام الاسرائيلي انّه «خطير جداً» ويحمل رسائل أمنية وسياسية وعسكرية واقتصادية، وتسبّب بإرباك سياسي وعسكري، وبأضرار نفسية خطيرة، تواصلت التهديدات الاسرائيلية بعمل عسكري واسع ضدّ لبنان، وفي هذا السياق نُقل عن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله: «نحن في حالة حرب على جبهات عدة، ونتخذ قرارات صعبة»، فيما قال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي دانيال هاغاري في حديث لـ«العربية» انّ امين عام «حزب الله» يأخذ لبنان الى طريق محفوف بالمخاطر. اضاف: «انّ اولويتنا استهداف قيادات وعناصر «حزب الله». لا نريد أن نحارب الشعب اللبناني بل نقاتل «حزب الله».
واشار الى اننا «مستعدون لكل السيناريوهات لمواجهة «حزب الله»، وجيشنا قوي، وسيضمن أمن الحدود مع لبنان».
وبرز تقرير نشره موقع «تايمز اوف اسرائيل» تحت عنوان «شمال اسرائيل يحترق، لكن اجتياح لبنان لن يحلّ شيئاً»، قال فيه: «في إسرائيل يتحدثون أكثر وأكثر عن اجتياح بري للبنان. وهناك إقرار واسع النطاق بأنّ مثل هذا القرار لن يتمّ التوصل إليه باستخفاف. فمن أجل هزيمة «حزب الله»، نحتاج إلى حرب طويلة ومعقّدة للغاية. ولكن ليس فقط أنّها ستكون حرباً طويلة ومعقّدة، بل إنّها حرب لن تكون إسرائيل مستعدة للانتصار فيها».
ونقل الموقع عن المنظّر العسكري الاسرائيلي عيران وارطال قوله: «إذا كنت لا تعتقد أنّه من الصواب خوض حرب ضدّ «حزب الله» في الثامن من أكتوبر، فإنّ الأمر يصبح أقل منطقية اليوم».
واشار الى تمركز قوات الجيش الإسرائيلي حالياً خلف الدفاعات وعلى المنحدرات الخلفية بعيداً من صواريخ «حزب الله». وقال: «الاجتياح من شأنه أن يعرّض هذه القوات للخطر في حين لن يحلّ حتى المشكلة التي من المفترض أن يعالجها اي نيران «حزب الله» على المدنيين الإسرائيليين. وبإمكان الجيش الإسرائيلي أن يستولي على كل شبر مربع من الأراضي على بعد 10 كيلومترات ـ بل وحتى 20 كيلومتراً ـ من الحدود، ولكن سوف يظل «حزب الله» قادراً على إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وسوف تتحول المعركة إلى حرب مناورات مكلفة، إلى جانب قيام إسرائيل بإلحاق أضرار جسيمة بلبنان، في حين سيفعل «حزب الله» الشيء نفسه بالجبهة الداخلية الإسرائيلية».
في السياق ذاته، علّقت مجلة «فورين بوليسي» الاميركية على تهديد وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس، بأنّ اسرائيل ستدمّر «حزب الله» وسيتعرّض لبنان إلى ضربات قوية في حال اندلاع حرب شاملة. وقالت: «إسرائيل أيضاً سيلحقها الدمار إذا اشتعلت الحرب»، ناقلة عن مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية في واشنطن اعتقاده أنّ «حزب الله» أشدّ بأساً من حركة «حماس»، وأنّه أكثر الأطراف الفاعلة غير الحكومية تسليحاً في العالم، حيث بنى ترسانة متطورة بمساعدة إيران وسوريا وروسيا.
واستشهدت في ذلك بتصريح للديبلوماسي مايكل أورين، الذي عمل سفيراً لإسرائيل لدى واشنطن قال فيه إنّ «حماس تشكّل تهديداً تكتيكياً لدولة إسرائيل، بينما «حزب الله» يمثل تهديداً إستراتيجياً لها. فالتقديرات تشير الى أنّ لدى الحزب نحو 130 ألف صاروخ وقذيفة قادرة على اكتساح أنظمة الدفاع الجوي المتطورة في إسرائيل وإصابة أكبر مدنها. وهي تقديرات «مرعبة» وتوحي بما يمكن أن «يفعله حزب الله بنا في 3 أيام».