مقالات

وسيبقى محور المقاومة سيفاً مسلطاً على رقبة “الكيان”

بعد استشهاد شهيد الامة السيد حسن نصرالله، وقبل ذلك الشهيد القائد قاسم سليماني، والاحتلال الاسرائيلي السافر للاراضي السورية، وتدمير البنى التحتية العسكرية والعلمية والاقتصادية لسوريا بمئات الغارات خلال ايام، وقبل كل هذا وذاك الابادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال في غزة منذ 8 تشرين الاول من العام الماضي، بدأنا نسمع اصواتا، في اغلبها مغرضة او مدفوعة الثمن، ان ايران ومحور المقاومة اصبحا ضعيفين، وليس هناك من خيار امام دول وشعوب المنطقة إلا الانبطاح والتطبيع من الكيان الاسرائيلي.

لم تتعرض دول وشعوب المنطقة لحرب نفسية مكثفة لزرع الاحباط واليأس والقنوط، لدفعهم للاستسلام والخنوع، من قبل كما تتعرض لها هذه الايام، من قبل امبراطوريات اعلامية امريكية واسرائيلية وغربية وعربية، ومواقع الكترونية وجيوش من المرتزقة، تحت يافطات اعلامية فضفاضة، حتى بات، للاسف الشديد، بعض البسطاء والسذج من شعوب المنطقة، يرددون ما تردده تلك الابواق الصهيونية والعربية المتصهينة، حول “الضعف الذي دب في محور المقاومة”، و”ضرورة وضع السلاح على الارض ورفع الراية البيضاء امام التغول الامريكي الاسرائيلي”.

من المؤكد ان هذا البعض لا يمثل الشارع الفلسطيني واللبناني والسوري والعراقي واليمني والعربي والاسلامي فهذا البعض ، وان وقع تحت تاثير الدعاية الصهيونية، الا انه في جميع الاحوال، لم يكن يوما في خانة المدافعين عن القضية الفلسطينية وعن الاوطان وعن كرامة الشعوب، لذلك ان حضروا لا يعدوا وان غابوا لا يفتقدوا، ولا يمثلون الا انفسهم، ومثل هؤلاء تراهم في جميع الشعوب ولا يخلو منهم اي مجتمع على ظهر البسيطة.

لا يحتاج المرء الى ذكاء خارق كي لا يقع في فك الحرب النفسية التي تشن اليوم على الانسان العربي والمسلم، فهذه الحرب تتناقض حتى مع البديهيات والتجربة التاريخية وفي صراع الشعوب مع الغزاة والمحتلين، فهذا الصراع بين المحتل والشعب الذي احتلت ارضه، كان موجودا حتى قبل ان تتأسس الجمهورية الاسلامية في ايران، فهل احتاجت الشعوب العربية والاسلامية الى ايران، قبل عشرات السنين، عندما حاربت المحتل البريطاني والفرنسي والايطالي والبلجيكي و.. وحررت بلدانها من نير الاحتلال وقدمت الملايين من الشهداء كما في ثورة الشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي. فدفاع الانسان عن ارضه ووطنه ودينه وعرضه وناموسه، مجبول في فطرة الانسان، اي انسان, فهل يحتاج الانسان العربي وخاصة الفلسطيني، الى من يذكره بارضه المحتله وبقدسه المغتصبة وبمسجده الاقصى، فالشعب الفلسطيني والعربي حارب الاحتلال الاسرائيلي قبل اكثر من 70 عاما، لتحرير ارضه وارض ابائه واجداده.

صحيح ان ايران كان لها دور بارز في تشكيل محور المقاومة، الا انه لم تكن لتوجده من العدم، فالشعوب العربية اكتوت بنيران الاحتلال، وهذا الاحتلال هو الذي دفع شبابها الى حمل السلاح لمقارعة المحتل، لذلك من الخطا ربط اندفاعة الشعوب العربية وفي مقدمتها شعوب فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسوريا بإيران، وان هذه الاندفاعة كانت وستبقى قوية ولن يضعفها استشهاد قادة محور المقاومة وجسامة التضحيات التي تم تقديمها على طريق القدس، وليس هناك من دليل على هذه الحقيقة، اكبر من هزيمة “الجيش الذي لا يقهر” على اطراف قرى لبنان الحدودية، والتي لم يستطع ان يقضم منها مترا واحدا، رغم كل الفظائع التي ارتكبها بالسلاح والدعم الامريكي والغربي خلال اكثر من شهرين، واضطر اخيرا ان يوافق على وقف اطلاق النار حفاظا على ماء الوجه.

اما في غزة التي سواها مع الارض دون ان يتمكن من تحرير اسير واحد، منذ 8 من اكتوبر من العام الماضي وحتى اليوم، ونراه اليوم يتوسل الوسطاء لعقد صفقة مع حماس التي مازالت متشبثة بالارض. فيما المقاومة في العراق مازالت تدك عمق الكيان بالمسيرات، دون ان تتمكن انظمة الدفاع الجوي من اسقاطها.

بينما ابطال اليمن فرضوا حصارا بحريا على الكيان الاسرائيلي رغم انف حامللات الطائرات الامريكية والبوارج الحربية البريطانية والفرنسية والالمانية.

ان على امريكا والكيان الاسرائيلي، الا يتسترا على هزائمهما بما يجري في سوريا، بعد ان استغل جيش الاحتلال الاسرائيلي ما يجري هناك، وتوغل داخل الاراضي الفلسطينية، وقام بتدمير البنى التحتية العسكرية والعلمية والاقتصادية، ظنا منه ان الظروف ستبقى كما هي عليه الان، متناسيا انه مازال عاجزا عن ابتلاع فلسطين رغم مرور اكثر من 75 عاما على وعد بلفور، وعندما وضعت بريطانيا فلسطين على طبق من ذهب امام الصهيونية العالمية، فارض سوريا ستتحول عاجلا ام اجلا الى بركان يحرق المحتل الاسرائيلي والامريكي.

ان لبنان وسوريا وفلسطين، لن يكونوا استثناء، في قانون مقارعة الشعوب للمستعمر، فهذا القانون كان ومازال كالفطرة الانسانية، لا يمكن الغاءه او تعطيله، او ربطه بعوامل خارجية، فاين كانت ايران ومحور المقاومة، عندما انهزمت امريكا في فيتنام، وفي افغانستان وفي العراق, واين كانت امريكا ومحور المقاومة عندما انهزمت فرنسا في الجزائر، وايطاليا في ليبيا وبريطانيا في الهند، والعنصرية في افريقيا الجنوبية. ان الانسان مجبول على رفض الظلم والعدوان والاحتلال، فهذه فطرة انسانية تشترك فيها جميع الشعوب، وليس هناك من استثناء في ذلك.

الشعوب العربية لم ولن تتطبع مع المحتل الاسرائيلي، وان طبعت انظمتها، ولسنا هنا بحاجة لذكر نماذج على هذه الحقيقة، وستبقى “اسرائيل” غدة سرطانية يلفظهما الجسد الاسلامي العربي، بل ان ظاهرة كراهية هذه الغدة السرطانية، اصبحت اليوم عالمية، بفضل الملاحم التي سطرتها غزة وسطرها محور المقاومة، فمن كان يتصور يوما ان تنتفض اغلب الجامعات الامريكية والغربية، انتصارا لفلسطين، وتنديدا بالاجرام والفاشية والعنصرية الاسرائيلية؟.

من كان يتصور ان تطارد المحكمة الجنائية الدولية زعماء “اسرائيل” كمجرمي حرب؟. من كان يتصور ان ترفض خكومات غربية مدّ “اسرائيل” بالاسلحة بسبب وحشية جيشها وعنصرية زعمائها؟. كل ذلك حدث بفضل محور المقاومة، الذي سيبقى سيفا مسلطا على رقبة “اسرائيل”.

المصدر: العالم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى