المدّ والجزر في ملف الرئاسة لن تنهيه رياح جلسة الأربعاء في 14 حزيران، بل سيزداد سخونة مع الكتلة الجوية الساخنة المقبلة على لبنان خلال الأسبوع، وجلسة الأربعاء لانتخاب رئيس للجمهورية لن تكون حتما الجلسة الحاسمة، إذ إن السيناريو الأكثر ترجيحا على متنها سيكون تطيير النصاب من الدورة الأولى أو الثانية والخروج منهما بلا رئيس.
المرشّح جهاد أزعور بالنسبة إلى فريق سياسي وازن ليس مرشحا توافقيا، ولا يعدو عن كونه مرشح قطع الطريق على فرنجية، ذلك أن اللاتوافق قائم حتى ضمن الفريق الواحد، سواء على برنامج أزعور الذي لا يعرف عنه شي حتى الساعة، أو فيما يتعلق باتفاق بين باسيل جعجع جنبلاط مع أزعور على خطة للإنقاذ، أو على الحكومة القادمة، وعليه يبقى أزعور حتى هذه اللحظة مرشح تقاطع لا يعلم بمصيره إلى ما بعد انتهاء الجلسة، على الرغم من قدرته بحسب المعلومات المتوفرة حتى اللحظة، على جمع حوالي 64 صوتاً من أصوات النواب تحوله بحسب مناصريه إلى رئيس أمر واقع، حتى ولو لم يتم انتخابه فعليا بالشكل الذي يتم فيه تظهير الأغلبية العددية لفريق على آخر؛ وبالتالي منح ورقة قوة كبيرة لهذا الفريق في المفاوضات المقبلة، وأقل الطموحات هو إخراج مرشح التحدي المقابل سليمان فرنجية من اللعبة نهائيا.
الفريق الذي سيطير النصاب وهو فريق الوزير السابق سليمان فرنجية وهو واثق جدا من قدرته على ذلك، في مقابل فريق المعارضة الذي يعتقد أن كفة الميزان الراجحة ستكون لصالحه، وفي اعتقاده أيضا أنه يستطيع بعد هذه الجلسة أن يسقط الاسمين، ويعبد الطريق نحو مسار تفاوضي لطرح اسم ثالث وهو الوزير السابق زياد بارود، وبالفعل هو عرض قدمه باسيل لحزب الله، إلا أنه سقط برد مباشر من حزب الله أولا، ثم مع خطاب فرنجية بمناسبة ذكرى مجزرة إهدن الذي أعلن فيه مواصلة المعركة حتى النهاية، ثانيا.
ومن الآن حتى الأربعاء، مباحثات وضغوط ومحاولات من الفريقين لجمع أكبر عدد من الأصوات، الثابت فيها أن هناك ما بين 5 إلى 7 من نواب تكتل لبنان القوي لن يصوتوا لأزعور، وربما لن يصوتوا أيضا لفرنجية، ولكن بمجرد عدم التصويت أو تصويت بالورقة البيضاء من شأنه تبديد آمال باسيل في المضي بلعبة المناورة على حبال الطرفين.
بعد جلسة الأربعاء، هل سيدعو الرئيس نبيه بري إلى جلسة ثانية في الحال، أم أنه سيأخذ وقتا طويلا ريثما تمر موجة أزعور، حتى الآن لا قرار في هذا الأمر، وسيناريوهات ما بعد جلسة الأربعاء غامضة كليا باستثناء ما سيحدث مع وصول مبعوث فرنسا إلى لبنان وزير الخارجية الفرنسي السابق جان إيف لودريان، والذي كان قد أخر مجيئه بغية فسح المجال أمام استكمال اللعبة الديمقراطية، ومع وصوله حتما سوف تنطلق سلسلة مباحثات فرنسية لبنانية طويلة وهي أصلا بدأت مع اتصال ماكرون رئيسي ولقاء بن فرحان فيصل المقداد في جدة، وما ستؤول إليه الجلسة سوف يشكل قاعدة انطلاق للعمل الجدي نحو مخاض قد يطول أو يقصر تبعا لجدية كل طرف في رغبته بإخراج لبنان من عنق الزجاجة.
ومن المقترحات الموجودة هو عودة النقاش بين حزب الله والتيار لإعادة الأمور إلى نصابها وفتح صفحة جديدة مع حزب الله لإعادة إحياء التحالف وبث الروح فيه مجددا، تتمثل بلقاء يجمع الجنرال ميشال عون مع السيد حسن نصرالله، خصوصا أن الأمر تم طرحه خلال زيارة عون إلى سوريا، ولكنه لم يحصل وقتها بسبب رفض حزب الله البحث باسم آخر، إلا أن هذا الأمر إن حصل من شأنه كسر الجليد وفتح كوة في جدار اللاتوافق قد توصل إلى انتخاب رئيس، والساعات 48 القادمة ستكون حاسمة على هذا الصعيد.
الجدير ذكره، أنه بات معروفا أن حزب الله لن يتنازل مطلقا عن ترشيح فرنجية، بالرغم من الاقتراحات والمحاولات في هذا الإطار، والتي لم تصل إلى نتيجة، وعلى رأسها لقاء موفد البطريرك الماروني المطران بولس عبد الساتر بالسيد نصرالله ولقائه والمطران مارون عمار بالرئيس بري، والذي تبلغ فيه أنه ليس لدى الثنائي الشيعي سوى مرشح واحد وهو سليمان فرنجية ولا مجال لأي حوار بهذا الخصوص، رغم الحملة الإعلامية والسياسية القائمة لدعم أزعور، وعليه لا الآن ولا بعد حين سيتم التنازل عن هذا الخيار، ولسان حال الثنائي هو التالي: إما فرنجية أو فخامة الفراغ.