منذ تأسيس الكيان المؤقت عام 1948، شكّل الجولان بالنسبة لسلطات الاحتلال العسكرية والسياسية منطقة مهمة جيوستراتيجياً، يجب السيطرة عليها بأي شكل كان، لأهداف توسعية ومائية وزراعية وعسكرية وغيرها. وبعدما استطاع الكيان في حرب الـ 1967 (النكسة) احتلال هذه الهضبة، سارع الإسرائيليون الى إنشاء مستوطنات فيه، حتى بعد شهر من انتهاء الحرب (في 14 تموز / يوليو 1967). أما الآن فهو يشكّل أحد أهم المناطق في الكيان، كونه يضم عشرات المستوطنات والمؤسسات الاستيطانية الزراعية والسياحية والمناطق العسكرية.
لذلك فإن استهداف المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله لهذه المنطقة، بالإضافة للمقاومة الإسلامية في العراق، خلال معركة طوفان الأقصى، يشكّل عاملاً خطيراً لدى صنّاع القرار السياسي والعسكري في الكيان، يدفعهم دائماً للرد على عمليات المقاومة بشدّة أكبر، علّهم يستطيعون من خلال ذلك ردع المقاومة عن تكرار عملياتها في هذه المنطقة.
فلماذا يهتّم كيان الاحتلال كثيرا بالجولان بهذا الشكل؟
_ الخشية من تحوّل الجولان الى منطقة أشباح تشبه الى حد كبير منطقة الحافة الأمامية مع لبنان (خاصة بالنسبة للمستوطنين الذين لا يزال عددهم متساو تقريباً مع أصحاب الأرض الحقيقيين المُحتَلين أي السوريين الدروز والشركس والعلويين).
ففي الجولان اليوم يعيش أكثر من 40 ألف شخص، نصفهم من المستوطنين تقريباً، فيما الباقي هم من السوريين الذين يسكنون بلدات وقرى مجدل شمس ومسعدة وبقعاثا وعين قنية والغجر، ولا يزالوا حتى يومنا هذا يرفضون “الجنسية الإسرائيلية”، بحيث يحمل الأغلبية الساحقة منهم بطاقات تُعرف عنهم بأنهم “مقيم دائم في إسرائيل”.
وبسبب هذه “المشكلة الديموغرافية”، أقرت حكومة الكيان في كانون الأول / ديسمبر 2021 خطة “تشجيع النمو الديموغرافي في مستوطنات المجلس الإقليمي في الجولان وكاتسرين للأعوام 2022-2025”. وكجزء من الخطة، تقرر مضاعفة عدد مستوطني الهضبة، من خلال إنشاء مستوطنات جديدة، وتوجيه وزارات الزراعة والهجرة والاستيعاب والإسكان والبناء الإسرائيلية الى إنفاق عشرات الملايين من الشواقل في إنشاء المؤسسات العامة وتطوير البنية التحتية اللازمة للمستوطنين.
_ يضم الجولان العديد من الجبال الاستراتيجية من أجل تأمين الحماية والإنذار المبكر للكيان، مثل جبل الشيخ الذي يصل ارتفاع قمته الى 2814 متراً فوق سطح البحر (ما يعني القدرة على كشف ورصد كل منطقة شرق المتوسط إن لم يكن أبعد من ذلك أيضاً).
لذلك يتواجد في هذا الجبل موقع الحرمون الإسرائيلي ويضم العديد من النقاط والأجهزة التجسسية الخاصة بوحدة 8200 التابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية أمان، كما تضم نقاطاً تابعة لسلاح الجوي الإسرائيلي.
كما يتواجد في الجولان العديد من المواقع العسكرية الأخرى، مثل ثكنة يؤاف الصاروخية وثكنة كيلع وغيرها.
ومن جهة أخرى، يحاول الكيان استغلال مرتفعات الجولان، من أجل توليد الطاقة الكهربائية عبر توربينات الهواء.
_ يضم الجولان الطريق الرئيسي 98 الذي يبلغ طوله حوالي 99 كم، والذي يربط شمال الجولان بجنوبه ولا يبعد في منتصفه عن الحدود السورية مع فلسطين أكثر من 2 كم، وبالتالي فإن السيطرة على هذا الخط خلال أي حرب مقبلة من قبل أي جهة في محور المقاومة ستكون كارثية بالنسبة لكيان الاحتلال.
_ يمتاز الجولان بوفرة المياه الطبيعية فيه، بحيث يمرّ فيه 3 أنهر أبرزها نهر اليرموك، وهي التي تغذي بحيرة طبريا.
_ يوجد في الجولان “مجلس محلي يهودي”: كاتسرين، المستوطنة المعروفة باسم “عاصمة الجولان”، والتي أقيمت على أنقاض قرية قسرين.
بالإضافة إلى ذلك، هناك 33 مستوطنة: أفني إيتان، أوديم، أورتال، الروم، ألوني حشان، إيلي إد، أنيعام، أفيك، بني يهودا، جفعات يوآف، جشور، هاد نيس، حصفين، يوناتان، كناف، كفر حرب، مفو حماه، ميتزر، معاليه جملا، ماروم جولان، نيوت جولان، نوفمبر، نفيه أتيف، نيطور، نمرود، عين زيفان، كادمات تسفي، كيلي ألون، كيشيت، راموت، رمات مغاشيم، شاعال، ورمات ترامب (نسبةً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي “اعترف” في آذار / مارس 2019، بأن الجولان تابع لكيان الاحتلال، وهو ما عدّ حينها بأنه نسف لقرارات الأمم المتحدة التي تعتبر مرتفعات الجولان أرض عربية سورية احتُلت في حرب 1967. لذلك عمد مسؤولو الكيان الى تكريم ترامب عبر تسمية أحد التجمعات الاستيطانية باسمه).
_ للجولان أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة للكيان، حيث يتكون الاقتصاد فيه بشكل رئيسي من الصناعة والزراعة والسياحة، بحيث يتواجد فيه 1100 شركة زراعية وسياحية ومؤسسة صناعية.
وتوجد في الجولان 3 مناطق صناعية: أكبرها منطقة كتسرين الصناعية، والثانية بني يهودا، والثالثة “حاضنة تكنولوجية “. ويتم إنتاج 50% من المياه المعدنية التي يتم تسويقها في فلسطين المحتلة من مرتفعات الجولان.