لم يكن يتوقع حزب الله، طول مدة تجهيزه للحرب ضد “إسرائيل”، أن يدخل في حرب استنزاف طويلة كالتي نعيشها اليوم، فالعمل طوال 17 عاماً، والذي انطلق منذ اللحظة الأولى لانتهاء حرب تموز 2006، كان لأجل التحضير للحرب الكبرى التي تؤدي بنهاية المطاف الى كسر الوجود الاسرائيلي في المنطقة، ولكن كان للقدر، ولحركة حماس، حسابات اخرى تجلت في 7 تشرين الأول من العام الماضي بعملية طوفان الأقصى.
لم يعد سراً القول ان توقيت عملية حركة حماس كان مفاجئاً لكل الحلفاء ومنهم حزب الله في لبنان، إذ لم يكن الحزب في 7 تشرين الأول حاضراً لخوض حرب مع العدو الاسرائيلي، ولم يكن في حال جهوزية تامة ولم يكن بصدد اشتعال الجبهة، يقول أحد المقاومين في حديث لـ “الديار”.
يجزم المقاوم أن رد حزب الله خلال هذه الحرب التي تعلم منها الكثير لم يكن بسيطاً ولا عادياً، والتكتيك الذي يعمل به ذكياً جدا، فعلى سبيل المثال تقوم المقاومة باستنزاف العدو الاسرائيلي وصواريخ القبة الحديدية بشكل شبه يومي، فعندما تقوم المقاومة بإطلاق عشرات صواريخ الكاتيوشا “العمياء” والصغيرة باتجاه المستوطنات، فهي تعلم بأن الاسرائيلي سيسقط كل الصواريخ، ولكن مقابل كل صاروخ يسقط تخسر “اسرائيل” حوالى 50 ألف دولار ثمن الصاروخ الاعتراضي، بينما صاروخ الكاتيوشا لا يتجاوز ثمنه الـ 500 دولار أميركي، والمقاومة تملك منه عشرات الآلاف، ولم تعد تعتبره أصلاً من ضمن ترسانتها الصاروخية.
منذ بداية الحرب قامت المقاومة بما يزيد عاى 1350 عملية ضد مواقع العدو وقواته ومستوطناته، وبحال اعتبرنا أنها اطلقت على أقل تقدير حوالى 500 صاروخ كاتيوشا، فكلفة إسقاطها تصل الى 25 مليون دولار، واستهدفت معدات لوجتسية تزيد كلفتها على عشرات ملايين الدولارات، طبعا دون الدخول في تفاصيل التهجير وكلفته وكلفة إبقاء العدو الاسرائيلي بجهوزية.
يتحدث المقاوم عن عدد من العمليات التي قامت بها المقاومة والمحور، من داخل وخارج لبنان، ولم يُعلن عنها بشكل رسمي ولم يتم تبنيها مباشرة، حملت الكثير من الأذى للإسرائيلي، وكانت أقسى رسائل خلال الحرب، مشيراً الى أن التكتم عنها كان له أسبابه، وقد يأتي يوم تُكشف فيه تفاصيل هذه العمليات.
بعيداً عن كل هذا، لا يتوقع المقاتل في المقاومة أن تنتهي الحرب بتحقيق إنجازات كبرى فورية، فالإسرائيلي يريد الخلاص والمقاومة تريد وقف الحرب أيضاً، ولكنه يكشف أن المقاومة، بحال لم تحصل الهدنة قريباً، واستمر التصعيد الاسرائيلي، ستُدخل أسلحة جديدة الى الميدان، وهي التي لا تعمل حاليا سوى بفرقها “ضد الدروع”، وبعض المجموعات المعنية بإطلاق صواريخ قصيرة المدى، بينما البقية على جهوزية تامة، في الخطوط الخلفية للجبهة، وهناك إجراءات متخذة للحفاظ على الجهوزية، منها على سبيل المثال منع السفر أو حصره، ففي شهر رمضان عادة يزور كثر سوريا والعراق وايران لإحياء ليالي القدر، متوقعاً ألا تنتهي الحرب بشروط الاسرائيلي ومعادلاته، ما يُخفي نية لدى حزب الله بتوجيه رسائل نارية قاسية بحال اقتربت الحرب من نهايتها.