كتبت صحيفة “البناء”: أسقطت عشائر غزة ووجهاؤها الرهان الأميركي الإسرائيلي الذي يشارك فيه بعض العرب على خلق بديل أو رديف للمقاومة، وحركة حماس بصورة خاصة، او لخلق شرخ بينها وبين هذه البيئة الاجتماعية الوازنة. فقد أعلنت العشائر والوجهاء في غزة أمام منظمات أممية وفي بيان بعد اللقاء أنها متمسكة بالمقاومة ومتماسكة معها، وأنها تؤيّد شروطها التفاوضية، وأنها ليست بديلاً ولا رديفاً لمؤسسات المقاومة ولا تستطيع ان تلعب دوراً إدارياً أو سياسياً، بل هي الظهير الشعبي المساند والمؤيد والداعم للمقاومة وحكومتها وأجهزتها حتى نيل الحقوق الفلسطينية، وأن قضية الناس في غزة واحدة وهي وقف المجازر والعدوان وإنهاء حرب التجويع والحصار، وأن الطريق الى ذلك ليس الإنزالات الجوية ولا بالطريق البحري بل بفتح المعابر وعلى رأسها معبر رفح.
في لبنان تحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله شارحاً المشهد الذي ترسمه الحرب في شهرها السادس، معتبراً أن المواجهة بلغت مرحلة عض الأصابع وسلاحها الصبر والتحمل، وأن المقاومة في غزة مقتدرة وتواجه وتحقق الإنجازات، وجيش الاحتلال يتهالك وينزف، وأن الهجوم على رفح لن يغيّر واقع الهزيمة التي لحقت بكيان الاحتلال وجيشه، وتحدّث السيد نصرالله بالتفصيل عن المقارنة بين واقع قوى المقاومة وواقع الكيان وحليفه الأميركي الذي يتولى قيادة الحرب، حيث المقاومة تحظى بدعم وتأييد شعبها بصورة تصل حدّ المعجزة، بينما التشققات والانقسامات تتسع في كيان الاحتلال، والخسائر البشرية التي لحقت بجيشه تجعله عاجزاً عن ترجمة تهديداته بالذهاب إلى الحرب التي يلوح بها، بينما الشارع العالمي، وخصوصاً الأميركي، يشكل عاملاً هاماً في سنة الانتخابات في الضغط على مواقف إدارة الرئيس جو بايدن الذي بدأ يفقد الكثير انتخابياً، وليس أمامه المزيد من الوقت لمحاولة استعادة زخم حملته الانتخابية.
تحدّث السيد نصرالله بالتفصيل عن شروط المقاومة في غزة لقبول أي اتفاق، معتبراً أنها شروط منصفة وإنسانية وعاقلة، مضيفاً أن كل قوى المقاومة في غزة مجمعة وراء حركة حماس على هذه الشروط، معلناً بالنيابة عن محور المقاومة أن حماس تفاوض أيضاً بالنيابة عن المحور، وأن كل جبهات الإسناد ومنها لبنان مستعدّة لتحمّل الوقت والثمن اللازمين حتى تحقق هذه الشروط، جازماً أن الكيان ومن خلفه أميركا سوف يكتشفان عقم المكابرة وأن لا طريق أمامهما إلا الرضوخ لشروط المقاومة.
وأكد السيد نصر الله أن جبهات الإسناد لقطاع غزة ستكون حاضرة في شهر رمضان المبارك، كما أنّه يجب أن تكون حاضرة وبقوة. ولفت خلال الأمسية القرآنية الرمضانية في الضاحية الجنوبية، على أنّ رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، «يقول إن لم يدخل إلى رفح فقد خسر الحرب، وأنا أقول له حتى لو ذهبت إلى رفح أنت خسرت الحرب»، موضحًا أنّه «بعد 6 أشهر لم يستطع أن يقدم صورة نصر من كل الأهداف التي أُعلنت»، مضيفاً: «الأميركيون والأوروبيون يقولون للإسرائيليين إنه لا يمكنكم القضاء على المقاومة في غزة».
وتوجّه لنتنياهو، بالقول: “إذا كنت تطمع أن يرفع لك أهل غزة الأعلام البيضاء لرفعوها في وقت سابق، ورغم المجازر والجوع أهل غزة لا يزالون يحتضنون المقاومة”. وأكّد السيد نصر الله أنّ “إحدى علامات الهزيمة عند العدو أن حماس لا تزال تفاوض عن المقاومة الفلسطينية، بل وعن كل محور المقاومة، وليس من موقع الضعف بل وتضع الشروط على العدو”، مضيفًا “المقاومة الفلسطينية تريد وقف العدوان على غزة، وهذا أمر عُقلائي وإنساني وشرعي”، مشيرًا إلى أنّ “موقف المقاومة عندما تصرّ على وقف العدوان هو الموقف الإنساني الأخلاقي الشريف الصحيح بنسبة 100%، ويجب أن نقف جميعًا إلى جانبها”، موضحًا أنّ “المسألة هنا ليست راحة بضعة أيام للموافقة على هدنة فقط، بل المسألة أن تتوقف المجازر والقتل”.
وقال: “جبهتنا المساندة تقف إلى جانب المقاومة الفلسطينية وقيادة حماس، وشروطهم محقّة، وسنبقى في موقع المساندة أيًا تكن التبعات والوقت الذي ستأخذه هذه المعركة”. وتساءل السيد نصر الله: “من يصدّق أن بايدن لا يستطيع وقف الحرب على غزة؟ لو أوقف بايدن فقط الذخائر إلى “إسرائيل” ستتوقف الحرب”، موضحًا أنّ “بايدن يريد من رمي المواد الغذائية في غزة خداع العالم، ولكن هذا دليل على أن الإدارة الأميركية الحالية غبية، لأنها تستطيع خداع معارضيها داخل الولايات المتحدة”.
ولفت إلى أنّ “في اليمن لم يتمكن العدوان الأميركي البريطاني من منع مجاهدي اليمن من استهداف السفن الإسرائيلية، رغم الغارات شبه اليومية على اليمن”.
وتابع: “كل “إسرائيل” تعلم أن هناك تكتمًا شديدًا على الخسائر البشرية والمالية رغم توثيقنا لاستهداف الجنود والآليات والدبابات”، مشيرًا إلى أنّ وزير الحرب (يوآف غالانت) ورئيس الأركان (هرتسي هاليفي) قالا في مناسبتين مختلفتين إن “جنودنا يقاتلون في جبهة غزة وفي الجبهة الشمالية ويتكبّدون أثمانًا باهظة”.
وشدّد الأمين العام لحزب الله في هذا الصدد، على أنّ “أعداد القتلى الصهاينة أعلى بكثير مما يعلنه الجيش الإسرائيلي”. مبيناً أنّ “غزة تصمد وتقاوم، والجنوب جبهته مفتوحة والعراق كذلك، وإيران وسورية تتعرّضان لضغوط كبيرة وهنا النصر لمن يصبر ويتحمّل والعدو ومجتمعه ظهرت عليهما علامات التعب”، مشددًا على أنّ “وظيفتنا ومسؤوليتنا جميعًا المثابرة والصمود، ومحور المقاومة في موضع القوة والعدو في موضع الضعف”.
وأكّد السيد نصرالله أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن، “خائف من السقوط في الانتخابات الرئاسية بسبب موقفه من غزة، وإذا استمرّ هذا الموقف الضاغط والمعارض داخل الولايات المتحدة يمكن أن يفتح بابًا للأمل”.
في غضون ذلك، حافظت الجبهة الجنوبية على سخونتها، فقد استهدفت مسيرة إسرائيلية سيارة عند مفترق طرق قانا – الحوش عند المدخل الشمالي لمدنية صور. وأعلنت حركة “حماس” عن استشهاد أحد عناصرها في الغارة، ويُدعى هادي مصطفى من مخيم الرشيدية للاجئين، وهو قيادي في القسام ومسؤول عن الدعم اللوجستيّ. وأدّت الغارة الى سقوط شهيد فلسطيني وآخر من التابعية السورية كان على متن دراجة نارية، وصودف مروره لحظة الاعتداء، كما سقط جريحان.
كما شنّ طيران الاحتلال غارة استهدفت منطقة اللبونة في الناقورة. كما شُنّت غارة على علما الشعب فهرعت سيارات الإسعاف الى المكان، وشُنت غارة ثانية استهدفت منطقة اللبونة في الناقورة. وشنّ الطيران غارة استهدفت أحد المنازل في بلدة كفرا. كما أغار على منزل في بلدة ياطر، ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات الطفيفة. وشن غارة ثالثة على بلدة القنطرة استهدفت منزلاً بصاروخ.
في المقابل استهدفت المقاومة الإسلامية تجمعًا لجنود العدو الإسرائيلي شرق موقع “حانيتا” بالقذائف المدفعية وأصابته إصابةً مباشرة. كما استهدفت ثكنة “زبدين” في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بصاروخ فلق وأصابتها إصابةً مباشرة. ودكّت موقع “رويسات العلم” في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابته إصابةً مباشرة. وتصدَّت المقاومة لمُسيّرة إسرائيليّة في أجواء المناطق الحدوديّة مع فلسطين المحتلّة بالأسلحة المناسبة مما أجبرها على التراجع والعودة إلى داخل الأراضي المحتلّة.
الى ذلك، توصل تحقيق للأمم المتحدة إلى أن دبابة إسرائيلية قتلت مصوّر تلفزيون “رويترز” عصام عبد الله في لبنان في 13 تشرين الأول الماضي بإطلاق قذيفتين من عيار 120 ملليمتراً على مجموعة من “الصحافيين يمكن التعرف عليهم بوضوح” في انتهاك للقانون الدولي. وذكر التحقيق الذي أجرته قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “اليونيفيل” أن أفرادها لم يسجلوا أي تبادل لإطلاق النار عبر الحدود بين إسرائيل ولبنان لأكثر من 40 دقيقة قبل أن تفتح دبابة إسرائيلية من طراز “ميركافا” النار.
وأوضح تقرير “اليونيفيل” بأن “إطلاق النار على المدنيين، وهم في هذه الحالة صحافيون يمكن التعرف عليهم بوضوح، يشكل انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 لعام 2006 والقانون الدولي”.
وأردف التقرير المؤلف من سبع صفحات بتاريخ 27 شباط “تشير التقديرات إلى أنه لم يكن هناك تبادل لإطلاق النار عبر الخط الأزرق وقت وقوع الحادث. ولا سبب معروفاً للضربات على الصحافيين”.
على الصعيد الدبلوماسي، أوعز وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب، الى الدوائر المختصة في الوزارة بتقديم شكوى امام مجلس الأمن الدولي، بواسطة بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، عقب سلسلة اعتداءات إسرائيلية تعتبر الأعنف، بتاريخ ١١ و١٢ آذار ٢٠٢٤، استهدفت المدنيين في مناطق سكنيّة في محيط مدينة بعلبك وقرى مجاورة، مما أدّى إلى سقوط ضحايا وجرحى من المدنيين والآمنين العزل.
واعتبر بوحبيب أن “الأمر الذي يدعو إلى المزيد من القلق، هو أن يأتي هذا التصعيد في مناطق بعيدة عن الحدود الجنوبية اللبنانية، مما يدل على رغبة “إسرائيل” بتوسيع الصراع وجرّ المنطقة بأكملها الى حرب قد تبدأ شرارتها من هكذا أعمال عدوانية، وتتحول الى حرب إقليمية تسعى وراءها الحكومة الإسرائيلية كحبل نجاة للخروج من مأزقها الداخلي”. وختم: “بناء على ما تقدم، تحث وزارة الخارجية والمغتربين المجتمع الدولي للضغط على “إسرائيل” لوقف اعتداءاتها المستمرّة بوتيرة تصاعدية، وتطالب مجدداً بضرورة إدانة أعضاء مجلس الأمن مجتمعين الاعتداءات الإسرائيلية ضدّ لبنان، والعمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 (2006) بالكامل من أجل الوصول إلى استقرار دائم وطمأنينة على حدود لبنان الجنوبية”.
ولم يسجل الملف الرئاسي أي جديد، بانتظار الخطوة المقبلة المرتقبة لكتلة الاعتدال الوطني التي ستستمر بحراكها على المرجعيات والقوى السياسية لبلورة مبادرتها، وفق ما أكدت مصادر الكتلة لـ”البناء”. والتي أشارت إلى أن “المبادرة تحظى بموافقة مروحة واسعة من الكتل النيابية لا سيما رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث ننسق معه تفاصيل المبادرة وتأمين ظروف نجاحها”، كاشفة أن “مبادرة الكتلة تحظى بموافقة قوى خارجية أساسية في اللجنة الخماسية”، موضحة أن المبادرة تفضل الخيار الثالث لكنها لا تلغي بقية الاحتمالات ولا تضع فيتو على أي مرشح، وتسعى لتأمين الإجماع حولها تمهيداً لفتح أبواب المجلس النيابي لعقد جلسات متتالية، لكن لكي نصل الى هذه المرحلة يجب أن نجمع الكتل النيابية على طاولة تشاور للتوافق على خارطة طريق لانتخاب الرئيس”.
وواصلت كتلة الاعتدال الوطني حراكها أمس، وزارت دار الفتوى والتقت المفتي عبد اللطيف دريان.
وقال النائب أحمد الخير باسم الكتلة: “أكدنا لسماحته أننا نعمل تحت كنف هذه الدار ومع كل الوطنيين في هذا البلد على معالجة هذه العقد التي تواجه هذه المبادرة، على أمل الوصول إلى النقطة المرجوة من خلال اجتماع النواب تحت كنف المجلس النيابي وانتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن”. وتابع “الكتلة اليوم نقطة التقاء بين كل اللبنانيين من خلال هذا اللقاء التشاوري الذي يجب أن يحصل تحت كنف المجلس النيابي ويؤدي بطبيعة الحال للذهاب للمجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية من خلال ممارسة النواب واجبهم الدستوري”.
وعلمت “البناء” أن اللجنة الخماسية سيتفعل حراكها خلال الأسبوع المقبل توازياً مع حراك الاعتدال الوطني، وسيقوم السفير السعودي بسلسلة اتصالات ولقاءات، وكذلك الأمر السفير القطري فيما سيعلن الفرنسيون عن تحرك جديد. والهدف وفق ما تقول مصادر سياسية لـ”البناء” هو استغلال أي هدنة رمضانية مرتقبة في غزة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي بالتوازي مع الحراك الأميركي للتوصل الى صيغة لتطبيق القرار 1701 في إطار الجهود الأميركية – الدولية للحؤول دون توسيع الحرب بين حزب الله و”إسرائيل”. ولفتت المصادر الى أن الجهود الداخلية والخارجية تتركز على فصل الملف الرئاسي عن الجبهة الجنوبية طالما لا يمكن فصل جبهة الجنوب عن جبهة غزة.
وفيما علمت “البناء” أن قنوات التواصل الرئاسي تفعلت بين الثنائي حركة أمل وحزب الله وبين التيار الوطني الحر، رأى عضو تكتل “لبنان القوي” النائب سليم عون أن “الصورة لا تزال ضبابية رئاسياً ومبادرة الاعتدال تترنّح”. واعتبر في حديث إذاعي أن “لقاء الرئيس بري بسفراء اللجنة الخماسية سيحدد مصير الحراك الرئاسي، وان أي ترجمة للمبادرات ستتم عبر الرئيس بري لكونه أولاً رئيسًا للمجلس وثانياً احد مكونات الثنائي”. ووصف مواقف الرئيس بري بأنها “تتسم بالليونة وأن ذلك قد يحسم الأمور”.
وعن المخارج الممكنة والتسويات وما إذا كانت ضمن صيغة فرنجيه رئيساً ورئيس حكومة للمعارضة، اعتبر أن “هذه الصيغة سقطت وان المطلوب الوصول إلى مرشح رئاسي لا يشكل تحدياً لأي فريق”، مشيرا الى ان “الرئيس بري يلاقي الباقين في منتصف الطريق اليوم لإيجاد الحلول”. ورأى ان “العلاقة بين الرئيس بري والتيار الوطني الحر تقع ضمن دائرة التعاطي بواقعية ومنطق”. وأكد أن الاتصالات لم تنقطع يوماً مع الرئيس بري وان “هناك لقاءات وتواصلاً حالياً ليست موجهة ضد أحد، بل هي للخروج من الأزمة”.