أفادت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية بأنّ ما يقرب من 80 ألف مستوطن يعيشون بالقرب من الحدود اللبنانية “أَخلوا المنطقة منذ بداية الحرب، أو تم إجلاؤهم منها”
وكشف استطلاع أجراه مركز المعرفة الإقليمي في الكلية الأكاديمية “تل حي” ومجموعة السلطات في الجليل الشرقي، أنّ نحو “60% فقط متأكدون من أنّهم سيعودون عندما ينتهي القتال”، وأنّ “4 من كل 10 تم إجلاؤهم لن يعودوا”، وقد اعتبرت “هآرتس” أن تلك الأرقام هائلة.
وبحسب المتحدث باسم كيبوتس “مسكاف عام”، فإنّ “الخوف أكبر هو تجاه الشباب الذين أدخلوا في السنوات الأخيرة دماء جديدة إلى المستوطنات القديمة، فبمجرد وقوع حادث أمني واحد هنا، سينهض 30% منهم وسيغادرون، ذلك لأنّهم لم يشهدوا توتراً أمنياً ولو لثانية واحدة”.
وأضاف أنّ “المنازل على بعد بضع عشرات من الأمتار من الحدود اللبنانية، أصبحت، بعد 3 أشهر من بدء القتال، نقطة حمراء على الخريطة، في مرمى حزب الله”.
بدوره، قال بيني بن موفحار، رئيس مجموعة الجليل الشرقي ورئيس المجلس الإقليمي لـ”مفوؤوت حرمون”، إنّ “نتائج الدراسة تظهر بوضوح أنّ مستوطني الجليل الشرقي لا ينوون العودة إلى مستوطناتهم حتى يتحقق الأمن الكامل في المنطقة”، مُطالباً “بحل عسكري سياسي مسؤول، إذ ليس لدى المستوطنين أي تحمّل للحلول الموقتة”.
أمّا مدير “المجتمع المحلي” في كيبوتس “يفتاح”، جوناثان فريدمان، فأكّد أنّ المستوطنين “يخافون من اليوم الذي يطلبون منهم فيه العودة”، لأنّهم “لن يتمكنوا حتى من تخيل العودة إلى مستوطناتهم من دون غرف محصنة”.
وأظهر الاستطلاع أنّ “العامل الذي سيساهم أكثر في شعور مستوطني الشمال بالأمن هو إبعاد قوات حزب الله عن الحدود الشمالية، مع ضمان عدم عمله في المنطقة منزوعة السلاح في لبنان، وفقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 1701، وأيضاً ضرب بنيته التحيتة”.
مستوطنو الشمال يُعانون أعراضاً نفسية
في هذا الإطار، كشف الاستطلاع “صورة وضع مقلقة عن الوضع النفسي والاقتصادي” لمستوطني الجليل الشرقي، الذين “يتعامل جزء منهم منذ 3 أشهر مع تحديات وصعوبات أنتجها القتال المتواصل مقابل حزب الله”.
وسعى المشاركون في وضع الاستطلاع لفحص ظهور أعراض ما بعد الصدمة بين المستوطنين، إذ “رسمت النتائج التي توصلوا إليها صورة قاتمة لحالتهم العقلية والعاطفية”.
ووفقاً لمعطيات مركز “ليئور تسفاتي” لأبحاث الانتحار والألم النفسي، فإنّ “16% من المستوطنين عانوا من أعراض ما بعد الصدمة قبل بدء القتال، أمّا بعد بدء الحرب فارتفعت الأرقام إلى 30%”.
ومن ناحية أخرى، فإنّ “صورة أعراض الصعوبات النفسية من الواقع لدى مستوطني الجليل الشرقي تشير إلى أنّها تضاعفت تقريباً عن حالة البقية”، وفق الاستطلاع.
وأظهر الاستطلاع أنّ “54% من المستوطنين الذين أخلوا منازلهم بشكل مستقل وليسوا في بيئة مجتمعية أو يتلقون دعماً نفسياً منظماً يعانون مشاعر ما بعد الصدمة”.
أمّا من بين السكان الذين تم إجلاؤهم، “فأبلغ 48% منهم عن مشاعر ما بعد الصدمة، فيما شهد 40% من السكان الذين بقوا في منازلهم على تطور صعوبات نفسية نتيجة لحالة الحرب”.
كذلك، “أفاد ما يقرب من 90% من أصحاب الأعمال والعمال المستقلين في الجليل الشرقي عن إلحاق ضرر بمدخولهم بعد الحرب”، إذ “يواجه ما يقارب نصفهم انخفاضاً يزيد عن 50% في دخلهم خلال هذه الفترة”.
يُشار إلى أنّ الاستطلاع، الذي أجري بدعم من رؤساء المستوطنات في المنطقة، الذين يخشون حدوث أزمة ديموغرافية مع نهاية الحرب، شارك فيه نحو 2000 من مستوطني جميع سلطات المجموعة، الذين تمّ إجلاء 52% منهم أو أخلوا بشكل مستقل، فيما بقي 48% منهم .
استعدادات لاحتمال التصعيد
في هذا السياق، تحدّثت صحيفة “إسرائيل هيوم” عن ضرورة إجراء “استعدادات تشمل ملاجئ ضخمة وفرق إنقاذ وتنسيق مع سلطات المستوطنات”، في حال توسّعت الحرب مع حزب الله.
وأضافت “إسرائيل هيوم” أنّ “أبعاد الحرب على الجبهة الداخلية تتعلّق بالدفاع والمأوى والتحصين والبنية التحتية والبحث والإنقاذ، فليست كل الشقق محصنة على النحو الأمثل، فيما المتوقع أن تستمر الإقامة في الملاجئ اعتماداً على مدة الهجوم الأولي لحزب الله”.
ولفتت إلى أنّ “الجبهة الداخلية ستُعاني من انقطاع الكهرباء، قد يمتد من بضع ساعات إلى عدة أيام في حالة حدوث ضرر للبنية التحتية”، مشيرةً إلى إنشاء كتائب إنقاذ على نطاق يفترض أن يستجيب للإصابات وعشرات الحوادث يومياً في جبهة شمالية شاملة.
وكان الوزير السابق في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، مئير شطريت، قال إنّه إذا وقعت حربٌ مع لبنان، فإنّ صواريخ حزب الله “لن تصل إلى كريات شمونة فقط، بل ستطال تل أبيب وديمونا، وأيّ مكان في العمق الإسرائيلي”.
وأقرّ شطريت في حوارٍ مع قناة “كان” الإسرائيلية، بأهمية الترسانة الصاروخية لدى حزب الله، مشيراً إلى امتلاك الحزب صواريخ بعيدة المدى ودقيقة مع نظام “جي بي أس”، لافتاً إلى أنّ ذلك هو “الأمر الأخطر على إسرائيل”.