شهر يفصلنا عن انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتسليمه الحاكمية بحسب ما تشير كافة المعطيات الى نائبه الأوّل وسيم منصوري.
خطوات الحاكم الجديد، إن كان أصيلا أم لا ستخضع حكما لرقابة الرأي العام والخبراء خصوصا أن تداعياتها ستكون مباشرة على السوق وجيوب المواطنين، وستنعكس على سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللّبنانية، في ظلّ “فلتان” الحدود ووجود شكوك دولية تحوم حول لبنان لناحية تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
في الأشهر الأخيرة من ولايته، تمكّن سلامة، ورغم الخضات المتتالية من “ضبط” تفلّت الدولار الى حدّ ما؟ فما السياسة التي اتبعها؟ وهل ستستمرّ مع الحاكم الجديد؟ وماذا عن السياسات الجديدة وعلى رأسها إلغاء منصة صيرفة؟!
عاملان أساسييان ساهما طيلة الفترة الماضية بثبات سعر صرف الدولار، وهما بحسب ما يؤكد البروفسور جاسم عجاقة لـ “المركزية” بالدرجة الأولى التعميم 161 الذي على أساسه تمّ تسديد رواتب وأجور القطاع العام وفق منصة صيرفة، تبعه بالدرجة الثانية قرار وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل احتساب الدولار الجمركي على سعر منصة صيرفة.
هذان العاملان أدّيا، وبحسب عجاقة، الى “شفط” ليرات من السوق، فإنخفضت بذلك الكتلة النقدية المتداول بها من 76 تريليون ليرة لبنانية الى 55 تريليون ليرة لبنانية، في شهر واحد فقط.
ولكن، ماذا لو توقّف المركزي عن تسديد الرواتب والأجور بالدولار، وماذا لو استمرّ؟ المشكلة بحسب عجاقة هي كيفية تأمين مزيد من الدولار لتغطية الرواتب اذا استمر الوضع على ما هو عليه؟ مؤكدا وجود مخاوف جديّة على هذا الصعيد، فإن دفعت الرواتب والأجور بالليرة اللبنانية سيعاود الدولار ارتفاعه حكما، واذا استمر الحال على ما هو عليه يعني أنّ مصرف لبنان يقوم بتسديد الرواتب من احتياطه!
أضف الى ذلك، فإنّ غياب الشفافية من قبل وزارة المال، التي لم تصرح منذ كانون الأول 2021 عن أي معلومة بخصوص أداء المالية العامة يطرح علامات استفهام كثيرة، فأين أموال فواتير الكهرباء التي تتم جبايتها وفق سعر منصة صيرفة مع اضافة تصل الى 20% ، وأين أموال فواتير الاتصالات، ناهيك عن المداخيل الجمركية والـ TVA، والأشغال… سائلا ألا يحق للشعب اللّبناني معرفة مصير هذه الأموال وبالأرقام؟!
وفي معرض ردّه عن سؤال حول إمكانية إلغاء منصة صيرفة مع تسليم منصوري حاكمية المركزيّ وما لهذا الاجراء من تداعيات على الواقع الاقتصاديّ، يجيب عجاقة، إجراء كهذا من شأنه حكما أن يرفع الدولار من دون قيود، فأيّ مس بمنصة صيرفة سيكون له تداعيات كارثية على المواطن، ويضيف: صحيح أن أسعار الدولار ستتوحد، ولكن ستكون على حساب المواطن اللبناني.
وإضافة الى فقدان السيطرة على الدولار الأميركي في السوق، يلفت عجاقة الى أنّ إلغاء صيرفة يعني أنّ مصرف لبنان لن يعود، وبحكم القانون، قادرا على التدخل في السوق لضبط الدولار بأيّ شكل من الأشكال. ناهيك عن أنّ القطاع العام سيتقاضى أجوره بالليرة اللّبنانية، وضخّ كتلة نقدية بالليرة اللّبنانية بهذا الحجم في السوق سيعني مزيدا من التضخّم، وارتفاع جديد للدولار.
ويختم مؤكدا أنّ حلّ الأزمة الحالية يكون بحلّ مشكلة الدين العام أوّلا، وإعادة هيكلة القطاع العام ثانيا. ان سحب مصرف لبنان يده بشكل نهائيّ من السوق يعني حكما إضعاف الليرة اللبنانية بشكل كبير، واغراء بعض العقول.. ولكن ما لا يمكن السيطرة عليه وضبطه هو الشق الأمني، فافقار الناس أكثر فأكثر لا يمكن الرهان على نتائجه.