لا يمكن اعتبار اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري انها تشكل مخرجاً لنتنياهو من الحرب على غزة او انها انجازاً كبيرا يمكن الركون اليه بهذا السياق
ليس ذلك تقليلا من حجم العاروري بحماس وعلى صعيد محور المقاومة ، بل لان ذلك مرتبط باهداف كبرى تريدها حكومة نتنياهو من الحرب على غزة ، ليس اقلها اغتيال يحيى السنوار او محمد الضيف ، إذا كان مخرج الحرب سيكون من خلال التصفية والاغتيال ..
من حيث المبدأ المعني الاول بعملية الاغتيال هي حركة حماس ، نظراً للموقع القيادي الفاعل للعاروري على الصعيد العسكري والسياسي بالحركة ، وتعمد العدو بشكل مباشر باغتيال العاروري بطائرة مسيرة هو تطبيقاً فعلياً لقرار اسرائيلي رسمي صدر قبل شهر للموساد بتصفية قادة حماس خارج فلسطين وفي اي مكان بالعالم
اما فيما يتعلق بالحديث عن وضعية حزب الله في هذا الاغتيال ، فإن الحزب معني به من نطاق واحد وهو ان الاستهداف وقع بعمق الضاحية الجنوبية لبيروت ، وهذا ما يترك قرار الحزب بالتعامل مع الاغتيال وتداعياته مبهم إلى حد ما وفق ما سيركن اليه الحزب من تقدير للموقف متعلق بالاغتيال الذي وقع بحالة حرب مفتوحة على اكثر من جبهة، وليس بمرحلة ما يعرف بمعارك ما بين الحروب ..
لا شك ان اغتيال العاروري بهذا التوقيت يشكل بمكان ما عملية استدراج لحزب الله من قبل حكومة الحرب بتل ابيب لحرب موسعة تريدها بهذا التوقيت ، واعدت لها الخطط واعلنت انها ستكون قريبة ، وابلغت الامريكي عنها ، وسربت بعض اهدافها بالإعلام العبري وعلى لسان مسؤولين اسرائليين ومن ابرزها تنفيذ اغتيالات واسعة لقادة محور المقاومة وليس لحماس والجهاد فحسب ..
اما ما يتعلق من حيث المبدأ بعملية الاغتيال التي وقعت بعمق الضاحية ، فانها تشي بدلالات خطيرة لناحية الخرق الامني من قبل العدو لقيادي بحجم العاروري ، الذي يمتلك خلفية امنية بالغة الدقة بعمله وتحركاته وله باع طويل بالعمل العسكري والامني ، ومعرفة كبيرة بقدرات العدو العسكرية والامنية
لا شك ان هذا الخرق خطير ليس فقط على الفصائل الفلسطينية، بل ايضاً على حزب الله ، وان تنفيذ مثل هذا الاغتيال من خلال مسيرة يأتي بسياق استخباري دقيق وحثيث للعدو تقنياً..
والاهم انه يشي بقدرة تعقب بشرية من خلال عملاء له داخل الضاحية او بشكل مباشر عبر وحدات اسرائيلية متخصصة بتنفيذ الاغتيالات و تعقب الاهداف المستهدفة ، واغتيال القائد حسان اللقيس قبل سنوات خير دليل على هذه القدرة لدى العدو
من الخفة اليوم الكلام عن قواعد اشتباك وكسرها او تجاوزها ، لانها غير موجودة وانتفت منذ ٧ اكتوبر خصوصا لدى العدو الذي يشن حرب بلا قواعد او حدود على اكثر من جبهة
وهذا يضعنا امام مسارات وخيارات مختلفة عن مرحلة ما قبل ٧ اكتوبر ، اهمها التأكيد على ان العدو يسعى فعلياً إلى توسيع الحرب ولديه حكومة مستعدة لتحمل الأثمان والإضرار مهما بلغت ، لانها تخوض حرباً وجودية لا يمكن ان تخرج منها بما كان عليه واقع يوم السادس من أكتوبر ، واغتيال العاروري لن يكون الاول والأخير بأجندات عدوانية وضعتها إسرائيل لضرب كل قوى المحور في فلسطين وسوريا ولبنان والعراق واليمن وحتى ايران نفسها ..