كتبت صحيفة “النهار”: مع ان تهديد الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله لإسرائيل بحرب من دون سقوف وضوابط ظل في اطار “اذا” الشرطية، فان ذلك لم يقلل خطورة الواقع الذي ارتسم غداة اغتيال صالح العاروري في الضاحية الجنوبية. ذلك ان المشهدين الإقليمي واللبناني سواء بسواء تزاحما في إبراز المعطيات التي من شأنها اثارة مخاوف من نوع مختلف جديد تضع المنطقة برمتها فوق برميل بارود متفجر خصوصا مع الوقائع التي امتزجت فيها تداعيات اغتيال العاروري بالحدث المخيف الذي شهدته ايران امس مع سقوط نحو ٢٠٠ قتيل في التفجيرين اللذين حصلا قرب مرقد قاسم سليماني . ولم يكن من باب المصادفة والحال هذه ان يكشف عن مجيء المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الى إسرائيل هذا الأسبوع سعياً لتجنب الحرب بين إسرائيل ولبنان اذ ان تعاظم اخطار المواجهة الشاملة صار اقرب من أي وقت سابق ولو ان كلمة نصرالله في دلالاتها المباشرة تشير الى استمرار مواجهة الإشغال ولو مرشحة لان تتطعم بقواعد اشتباك متطورة من شأنها ان تفتح الباب على مواجهات اشد ضراوة مع إسرائيل خصوصا في الأعماق. وإذ لم يتبلغ المسؤولون اللبنانيون بعد أي شيء رسمي عن زيارة هوكشتاين للمنطقة لم يتضح بعد ما اذا كان سيحضر بعد زيارته إسرائيل الى بيروت وهو امر قد يرتبط بطبيعة ما سيحمله الى إسرائيل وما سيتبلغه منها .
وبدا لافتا في هذا السياق ان الخارجية الأميركية أعلنت امس ان واشنطن لم تعلم مسبقاً بالضربة في بيروت التي قتل فيها نائب زعيم “حماس” . كما أكدت مجددا ان الولايات المتحدة لا تزال قلقة بشدة إزاء خطر امتداد صراع غزة الى جبهات أخرى.
نصرالله
في أي حال فان السيد حسن نصر الله خصص معظم كلمته لرسم مشهد الخلاصات المتصلة بحرب غزة كما يراها هو ومحور الممانعة، واما الوضع في لبنان فخصصه في الجزء المقتضب الأخير بدءا بوصفه “الإعتداء الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية بانه خطير جدا” وشدد على ان اغتيال صالح العاروري “جريمة خطيرة لن تبقى من دون رد وعقاب وبيننا الميدان والأيام والليالي”. واضاف: “نحن حتى الآن نقاتل في الجبهة بحسابات مضبوطة ولهذا السبب ندفع ثمنا غاليا، ولكن إذا فكر العدو بشن حرب على لبنان عندها فإن قتالنا سيكون من دون سقوف وضوابط. ومن يفكر بالحرب معنا سيندم وستكون مكلفة واذا كنا نداري حتى الآن المصالح اللبنانية فاذا شنت الحرب فإن مقتضى المصالح اللبنانية الوطنية أن نذهب بالحرب إلى الأخير من دون ضوابط”.وجاء كلام نصرالله خلال الاحتفال بالذكرى الرابعة لاغتيال قائد “فيلق القدس” السابق قاسم سليماني في الضاحية الجنوبية لبيروت غداة اغتيال العاروري ، وتحدث مطولا عن “نتائج عملية “طوفان الأقصى” وارتفاع مستوى التأييد للمقاومة وخيار المقاومة داخل الشعب الفلسطيني وعلى مستوى الأمة، وهي أسقطت صورة إسرائيل في العالم التي ساعد عليها الإعلام الغربي. ومن نتائجها ايضا إعادة إحياء القضية الفلسطينية بعد أن كانت تنسى وتصفى. ورغم تحميل البعض لحماس المسؤولية الأكبر عن عملية 7 تشرين الأول إلا أن شعبيتها تعاظمت، وطوفان الأقصى وجه ضربة قاصمة لمسار التطبيع، فعندما نرى حجم النتائج التي تحققت حتى الآن، وما يمكن أن يتحقق بعدها، سندرك حجم التضحيات”. وقال ان “مسارعة المقاومة في لبنان الى فتح الجبهة أفقد اسرائيل عنصر المفاجأة، فتحنا الجبهة في جنوب لبنان إسنادا لأهلنا في غزة وتخفيفا عنهم، والذي منع اسرائيل من شن العدوان على لبنان ان في لبنان قوة ومقاومة ورجالا لله، واهم رسالة ارسلتها المقاومة عندما فتحت الجبهة انها مقاومة جريئة لا تخاف من احد وليست مردوعة”.
الوضع الميداني
وسبق كلمة نصرالله “ميدانيا” تسجيل اكثر من عشر عمليات ل”حزب الله” ضد المواقع الإسرائيلية اذ اعلن الحزب استهداف ثكنة زرعيت كما موقع جل العلام. كما استهدف تجمعا للجنود الاسرائيليين في محيط ثكنة زبدين في مزارع شبعا المحتلة بصاروخ بركان كما تجمعات للجنود الإسرائيليين في محيط ثكنة دوفيف بدفعة صاروخية كبيرة وحقق فيها إصابات مباشرة . كما اعلن استهداف تجمع للجنود في موقع بياض بليدا بصاروخ بركان وتمت إصابته إصابة مباشرة واستهداف تجمعات للجنود في محيط موقع رويسات العلم بأربعة صواريخ بركان .ونعى الحزب أربعة من مقاتليه هم محمد هادي مالك عبيد من مدينة بعلبك وعباس حسن جمول من بلدة دير الزهراني وحسن علي دقيق من مركبا وعباس حسين ظاهر من كفررمان .
في المقابل، شن الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات على منطقة اللبونة – أطراف الناقورة في القطاع الغربي واغار الطيران الاسرائيلي على مركبا مستهدفا منزلا في الأطراف الشرقية للبلدة، وتوجهت فرق الدفاع المدني للكشف عما اذا كانت هناك اصابات، و أفادت “الوكالة الوطنية للاعلام” للاحقا ان الغارة التي استهدفت منزلا في بلدة مركبا أدت الى سقوط 3 شهداء.وأعلن الجيش الإسرائيلي تعزيز منظومة القبّة الحديديّة على طول الحدود مع لبنان والجليل، ورفع حالة التأهّب على طول الحدود. قرارات الجيش الإسرائيلي جاءت بعد اجتماع لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يؤآف غالنت والوزير في مجلس الحرب بيني غانتس. وأطلق الجيش الإسرائيلي النيران صباحاً، من اسلحته الرشاشة الثقيلة من مواقعه المتاخمة لبلدة عيتا الشعب، بإتجاه اطراف بلدة البستان وعيتا الشعب. كما استهدف قصف مدفعي اسرائيلي أطراف الناقورة واللبونة. واغار الطيران على مركبا مستهدفا منزلا في الأطراف الشرقية للبلدة، وتوجهت فرق الدفاع المدني للكشف عما اذا كانت هناك اصابات. واستهدفت ثلاث غارات بواسطة مسيرة على حي الرجم في عيتا الشعب، كما سجل عدد من الغارات على تلة الراهب واستهداف الاحراج الواقعة ما بين رميش وعيتا الشعب. وشنت مسيرة اسرائيلية قرابة الثانية والنصف بعد الظهر عدوانا جويا حيث استهدفت بغارة أحد المنازل في بلدة عيتا الشّعب واطلقت باتجاهه 3 صواريخ ولم يفد عن وقوع إصابات.
وقالت نائبة مدير المكتب الإعلامي لـ”اليونيفيل” كانديس ارديل بعد اغتيال صالح العاروري وحول الوضع العام على الخط الأزرق:”نشعر بقلق عميق إزاء أي احتمال للتصعيد قد يكون له عواقب مدمرة على الناس على جانبي الخط الأزرق”. وأضافت في حديث صحافي “نواصل مناشدة جميع الأطراف وقف إطلاق النار، وكذلك نناشد أي محاورين يتمتعون بالنفوذ أن يحثّوا على ضبط النفس”.
تحرك ديبلوماسي
واعلن رسميا انه “بناء لتوجيهات وزير الخارجية والمغتربين أجرى مندوب لبنان لدى الامم المتحدة في نيويورك والقائم باعمال سفارتي لبنان في واشنطن وباريس إتصالات ديبلوماسية في دول اعتمادهم للتعبير عن احتجاج لبنان الشديد على العدوان الاسرائيلي على حيّ سكني في الضاحية الجنوبية من العاصمة بيروت، ولحثّ الأطراف المعنية على ممارسة الضغوط اللازمة على اسرائيل لوقف اعتداءاتها وخروقاتها المستمرة والمتصاعدة للسيادة اللبنانية وللقرار ١٧٠١.
كما تمّ التشديد على الجهود اللبنانية الرامية لتجنّب اتّساع الحرب في المنطقة، خاصة وأنّ لبنان يعوّل على دور أصدقاء لبنان ومنهم الدول المذكورة أعلاه، من أجل مساندة لبنان في مسعاه لاستصدار قرار عن مجلس الأمن بإدانة الجرائم الإسرائيلية . كما اكد الدبلوماسيون اللبنانيون على أهمية الحفاظ على سيادة وامن واستقرار لبنان، مطالبين الدول المعنية ببذل مزيد من الجهود لكبح جماح التصعيد الاسرائيلي في لبنان والمنطقة”.
وفي المواقف الداخلية البارزة من التطورات أعرب مجلس المطارنة الموارنة بعد اجتماعه امس “عن تخوفه من مآل التصعيد الميداني في جنوب لبنان، الذي خلّف ضحايا وجرحى بين الأهالي ودمارًا كبيرًا في عددٍ من القرى والبلدات، فضلاً عن إحراقِ أحراجٍ وبساتين بالقنابل الفوسفورية، وقد بلغ هذا التصعيد بالأمس الضاحية الجنوبيّة لبيروت”. وذكّر بأن “زيارة البطريرك الراعي مع البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان وعدد من الأساقفة الى مدينة صور، مدخل المنطقة الحدودية، إنما كانت للتضامن مع أهالي الجنوب في هذه المحنة، وللتأكيد على حيوية العيش المُشترَك وضرورته الوطنية، ولمُناشَدة المعنيين المحليين وأصدقاء لبنان في العالم الإسهام بفعاليةٍ في تنفيذ القرار 1701 الكفيل بردع إسرائيل عن اعتداءاتها، والضامن لإطارٍ واضح وسليم وفاعل للسلام في الجنوب العزيز”. كما إطلع الآباء “بقلقٍ شديد على واقع النازحين السوريين إلى لبنان، وما كشفت عنه عمليات الدهم والإعتقال، العسكرية والأمنية، من أسلحةٍ وذخائر نوعية في يد النازحين، بما يُشكِّل قنبلة موقوتة وتهديدًا حقيقيًّا للأمن ولسلامة اللبنانيين. ويُطالِبون المراجع الرسمية بالعمل الجاد والصارم من أجل ضبط هذا الواقع الحقير، وتدبُّر الرؤية والإجراءات السياسية والدبلوماسية الهادفة إلى إراحة لبنان من هذا العبء الذي يتجاوز أمانه”.