سلايدرمقالات

ما هي خيارات “المقاومة” للرد على اغتيال العاروري؟

| علاء حسن |

لم تمضِ أيام على اغتيال المسؤول الرفيع المستوى في “الحرس الثوري” الإيراني السيد رضي الموسوي في دمشق، حتى عادت “إسرائيل” لتنفيذ عملية اغتيال أخرى، لكن هذه المرة في قلب الضاحية الجنوبية، حيث اغتالت المسؤول “الحمساوي” الأقرب إلى “حزب الله” وإيران، ومعه عدد من قادة “كتائب القسام” وكوادر من الحركة، في عملية دقيقة لم تسفر عن استشهاد مدنيين لبنانيين.

وفي قراءة أولية للعملية، وبعد ساعات من تنفيذها، تظهر بضعة نقاط لا بد من الإشارة إليها:

اولاً ـ جرت العادة لدى كيان العدو، أن يقدم على تنفيذ عمليات اغتيال من دون مراعاة الظروف السياسية. ففي العقيدة القتالية الإسرائيلية أن مَنْ يوضع إسمه على لائحة الاغتيال، يصبح هدفاً متى ما تمكنت فرق الاغتيال من ذلك، وعلى العالم عن يكيّف ظروفه السياسية مع هذا الواقع، وليس العكس. لذلك، عندما سنحت الفرصة للكيان بإزاحة الشيخ صالح العاروري، ومعه بعض قادة “القسام”، لم يتردد. وعلى هذا، فمن المستبعد أن تكون عملية الاغتيال هذه في ذات السياق التي جرت فيها عملية اغتيال اللواء موسوي قبل أيام.

ثانياً ـ من غير المعلوم إذا كان الشهيد العاروري أمكن اغتياله قبل هذا التاريخ أم لا، لأن “إسرائيل” لديها سوابق في تحويل ذكرى معينة إلى حالة متكررة، في سياق عملية كي الوعي التي تمارسها، والأمثلة كثيرة على ذلك.

ثالثاً ـ بصرف النظر عن التحليلات القائلة بأن الطرف الاسرائيلي واقع بمأزق في قطاع غزة، وأنه يريد توسيع دائرة الصراع من خلال رفع مستوى الاشتباك، وبالتالي توريط الولايات المتحدة الأميركية في حرب إقليمية في المنطقة. لكن من الواضح أن الكيان لم يعد مردوعاً كما الأيام الأولى التي تلت عملية “طوفان الأقصى”، وهذه نقطة تحول يجب العمل وفقها في المرحلة القادمة.

في المقابل، أصبح “محور المقاومة” على قناعة أن نتنياهو يسعى، من جهة، إلى تحقيق حلمه بتوجيه ضربة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي يسعى إليها منذ أكثر من عشر سنوات، وهو يحاول استدراجها إلى المعركة بشتى السبل. كما بات واضحاً أيضاً أن الولايات المتحدة تكذّب بشأن احتوائها للكيان الغاصب، وهذا الأخير يستفيد من التناقضات القائمة داخل الدولة العميقة في أميركا.

إلى ذلك ولما أدركت “إسرائيل” أن لا نية لمحور المقاومة بالدخول في حرب شاملة في هذا التوقيت، أصبحت تستغل فترة “اللاحرب” و”اللاهدوء” القائمة، لتثبيت قواعد جديدة في الاشتباك المستمر.

وعليه، يبدو أن أمام محور المقاومة عدداً من الخيارات التي سيقوم باختيار واحدة منها في المرحلة الحالية، وهي إما أن يقلب الطاولة ويعلن الحرب، لمنع استغلال العدو المستمر للظرف الحالي. وإما أن يقوم بعملية رد سريعة بحجم عملية الاغتيال، ليعيد التوازن إلى النقطة التي تجعله أكثر راحة في تحركاته المستقبلية. وإما أن يستكمل عملية إحصاء أخطاء العدو، ويختار الوقت الذي يصبح معه العقاب على كل جرائمه أمراً محسوماً وممكناً في آن.

في جميع الأحوال، يبدو أن أي تحليل قبل خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” اليوم غير مجدٍ، وإنما هو محاولة لفهم ماذا يمكن أن يكون شكل الخطاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى