رأى رئيس “المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع” عبد الهادي محفوظ أن”الأفق السياسي لما بعد الحرب الإسرائيلية على غزة هو ما تبحث عنه الإدارة الأميركية.
وهناك غموض واضح في تعريف الأفق السياسي لدى واشنطن وتل أبيب ورام الله. لكن واشنطن التي أجرت اتصالات واسعة بكافة الأطراف المعنية ووسّعت ذلك باتجاه الدول الحليفة والوسيطة مثل مصر وقطر وتركيا وأيضا الأوروبية والخليجية وتحديدا المملكة العربية السعودية والإمارات مع مساعي حثيثة لعدم توسيع الحرب نحو لبنان أو الاقليم. واشنطن هذه انتهت إلى معادلة ترسيم الأفق السياسي “سلطة فلسطينية متجددة‘‘ في غزة تؤدي إلى حل الدولتين”.
وقال في بيان:” أميركيا كُلفت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي بتسويق فكرة الأفق السياسي وفقا للمفهوم الأميركي بعد محاولات من الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته انتوني بلينكن معرفة جواب الحكومة الاسرائيلية على سؤال جوهري عن اليوم التالي لحرب غزة. ولم يكن هناك من جواب يفي بالغرض حيث اكتفت حكومة اليمين الديني بأنها لا تفكّر سوى بـاجتثاث حماس وتحرير الأسرى الاسرائيليين. غير أن رئيس الحكومة نتنياهو كان على موقف قاطع هو الحل الأمني الاسرائيلي في غزة مع رفض لأي انتشار دولي عسكري أو غير عسكري أو أي تكليف للأمم المتحدة أو أي مشاركة عربية ولو من الدول التي طبّعت معه. وما يتبيّن جليا أن هناك تباينا واضحا بين الرؤيتين الأميركية والاسرائيلية حول الأفق السياسي لما بعد الحرب. وهذا التباين يطال وجوها عدة، منها أن اليمين الديني اليهودي كان يطمح من الحرب الاسرائيلية على غزة بتغيير خريطة الشرق الأوسط وتهجير الفلسطينيين في غزة إلى سيناء ومن الضفة الغربية إلى الأردن عبر سياسة القتل وإشاعة الخوف. فطموح هذا اليمين الديني هو الهوية اليهودية الخالصة لفلسطين والتوسّع الجغرافي في بلاد الهلال الخصيب. ولذلك حسابات هذا اليمين الديني هي الأفق السياسي الجغرافي ’’الامبراطوري‘‘ المهيمن في الاقليم عموما وهذا ما لا يلتقي مع الرؤية الأميركية لوضع المنطقة حيث تريد واشنطن حماية المصالح الأميركية من ضمن معادلة الأمن القومي الأميركي لا من زاوية ما تريده اسرائيل التي اعتبرت نفسها بديلا عن الولايات المتحدة الأميركية في موضوع حماية دول الخليج العربي من ايران على ما يروّج اعلامها، فحماية الخليج هو توجه أميركي ضمن نظرية احتواء ايران ومعالجة الملف النووي.
وهذه الحماية تفترض أن لا تكون اسرائيل نافذة الولايات المتحدة الأميركية على الخليج وإنما تقتصر العلاقة الاسرائيلية الخليجية على تطبيع العلاقات في إطار ’’السياسات الايراهيمية‘‘ لواشنطن التي ينبغي أن تنتهي في المفهوم الأميركي على الدولتين: اسرائيل وفلسطين. وهو ’’مفهوم‘‘ يجاهر نتنياهو بأنه غير وارد عنده وعند اليمين الديني اليهودي”.
أضاف:” جاهرت واشنطن في تحديد ما تريد من الافق السياسي لما بعد الحرب. وقابلها نتنياهو بالرفض القاطع مستفيدا من مرحلة عابرة هي التلاقي بينه وبين المؤسسة العسكرية التي تشعر بالإهانة في ما تعرّضت له في عملية طوفان الأقصى في غلاف غزة. ولذلك تحتاج الإدارة الأميركية إلى وقت مستقطع لتفكيك هذا التلاقي الذي مبرره الوحيد هو حاجة نتنياهو إلى كسب الوقت تجنبا للاتهام بمسؤوليته عما جرى في غلاف غزة وتقديمه للمحاكمة أو لمغادرة السلطة وأيضا حاجة الجيش لاستعادة هيبته. والأمر مرهون في ’’تحرير الأسرى‘‘.
وهذا أمر مشكوك أن تحققه الحرب على غزة في ظل صمود المقاومة وفي ظل التحولات في الرأي العام الدولي لصالح وقف الحرب وإدانة الإبادة والتهجير القسري. وهكذا فإن الخطاب الأميركي يعطي اسرائيل الوقت مصحوبا بشروط وصولا لاستعادة التفاوض على الرهائن. ومن هنا تتكلم الإدارة الأميركية عن مرحلة انتقالية وعن ’’قوات دولية‘‘ وتترك الأمور غامضة حول فكرة السلطة الفلسطينية المتجددة وحول مشاركة حماس فيها علما بأن واشنطن تعتبر أن الإنتخابات في النهاية هي التي تنتج ’’السلطة المتجددة‘‘ وبالتأكيد فإن ’’التماهي بين حماس والشعب الفلسطيني‘‘ بعد ’’طوفان الأقصى‘‘ والحرب الاسرائيلية على غزة يعطيها (أي حماس) مكانا بارزا في أي انتخابات مستقبلية”.
ختم: “السلطة المتجددة تلقى اعتراض رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يرى أن العنوان الحقيقي هو في منظمة التحرير الفلسطينية… وهكذا مخرج هذه السلطة المتجددة يفترض أميركيا الذهاب بالاثنين معا إلى خارج السلطة او الانحناء امام المشيئة الأميركية”.