أخبار لبنان

كيف ستؤثر زيادة رواتب القطاع العام على سعر صرف الدولار؟

قال المستشار المالي والنقدي د. غسان شماس لصحيفة “الجمهورية” انّ إقرار الزيادة اليوم، أي بعد اقرار موازنة 2024، هو مشروع بعدة أوجه، بحيث انه اذا سلّمنا جدلاً انّ هذه الزيادة ستُطبّق، نسأل: هل هناك بنود في الموازنة تسمح للوزارات المعنية بأخذ سلفة تُقدّر بـ 36 تريليون في الأشهر الـ 12 المقبلة؟ يؤكد شماس انه لا يوجد في الموازنة التي أقرّت مؤخراً، والمطعون بها، أي بند يسمح بسلف خزينة بهذه الضخامة؟

وإذ أكد انّ اقرار هذه الزيادة اليوم لموظفي القطاع العام والعسكريين والمتقاعدين هو خطوة عادلة ومحقة، إنما كان الأجدى قبل البَت بهذه الزيادة اجراء دراسة تُظهر راتب كل موظف ومدى انتاجيته وبناء عليه يتحدد فيها قيمة الراتب النهائي. أما وقد أقرت هذه الزيادة المحقة والتي نؤيدها، فإنه كان يجب ان تتضمن شرطا مسبقا يفيد بإعادة النظر بالموظفين خلال مدة 3 او 6 اشهر او سنة وفق انتاجيتهم، خصوصا اننا لسنا بحاجة لهذا الكم من الموظفين في القطاع العام.

وردا على سؤال، أكد شماس ان هذه الزيادة التي أقرت لا تشبه المرحلة التي اقرت فيها سلسلة الرتب والرواتب، انما سيكون وقعها أقوى علينا من وقع السلسلة، وذلك لأنه عندما اقرت هذه الاخيرة كانت الليرة ثابتة ولم يكن هناك اي ازمة في البلد، وكان يمكن اصدار سندات خزينة ويوروبوندز على عكس الاوضاع اليوم.

أما عن تأثير هذه الزيادة على الكتلة النقدية، يقول شماس: اذا دفعت هذه الزيادة بالليرة اللبنانية او بالدولار، في كلا الحالتين سيناريو خاص، في الحالة الاولى اي اذا دفعت بالليرة اللبنانية فنكون امام primary source، أي مصدر أولي للنقد يقضي بإغراق السوق اللبناني بـ 3 تريليونات ليرة في الشهر او 2.5 تريليون ليرة كحد ادنى.

ورجّح شماس الا تدفع هذه الكتلة النقدية بالليرة لأن المصرف المركزي لا يريد ان يعيد كتلة نقدية بالليرة اللبنانية الى السوق خوفاً من ارتفاع الطلب على الدولار، لأنّ المواطن بطبيعة الحال سيفضّل ان يستبدل الليرات التي يملكها بدولار. أضِف الى ذلك أنه تبيّن انّ مهمة تجفيف الليرة من السوق التي أقدمَ عليها حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري هي اسهل طريقة للسيطرة على سوق القطع في بلدٍ سوقه ضيّق مثل لبنان.

أما اذا كانت ستدفع هذه الزيادة بالدولار فنحن نتحدث عن secondary source. والمشكلة هنا ان الدولة لا تملك مصدرا للدولار لأنها لا تطبعه، فمن أين سيؤمّن المركزي 35 مليون دولار شهرياً كلفة رواتب للقطاع العام بما مجموعه نحو 420 مليون دولار سنوياً، اي نحو نصف مليار دولار؟ حُكما هو مضطر للتوجه نحو السوق الموازي لشراء الدولار وتأمين الرواتب.

وعليه، نخلص الى الآتي: إنّ دفع رواتب الموظفين بالليرة سيَدفَع بالموظفين الى الذهاب فورا الى السوق الموازي وشراء الدولار، او ضَخ هذه الكتلة بالليرة في السوق نتيجة ارتفاع الاستهلاك، فتصل هذه الاموال الى التجار الذين سيشترون فيها الدولار بغرض الاستيراد مجدداً، بمعنى آخر ان زيادة الاستهلاك هذه ستؤثر على سعر الصرف.

بينما تسديد الرواتب بالدولار سيدفَع بالموظف للتوجه الى السوق بطريقة غير مباشرة وغير سريعة، في هذه الحالة يزيد الدولار المعروض في السوق وتالياً ينخفض سعره الى حين يقرر المركزي ان يشتري الدولار من السوق لتأمين الرواتب للشهر المقبل، عندها سيعاود سعر الصرف الارتفاع. وإذا سلّمنا جدلاً انّ كمية الدولارات المطلوبة موجودة في السوق الموازي فهذا يمكن ان يؤدي الى رفع سعر الصرف في السوق السوداء ما بين 10 و 18%.

وردا على سؤال، أوضح شماس انه مع زيادة رواتب موظفي القطاع العام، تُعوّل الحكومة على زيادة ايرادات الخزينة، أكان ذلك من جباية الضرائب او الرسوم او الطوابع او العقارية… لذا رأى انه من الضروري ان تترافق زيادة الايرادات مع حصر النفقات، أي تخفيفها. وبهذه الحالة تتراجع حاجة الحكومة الشهرية من نحو 3 مليارات ليرة الى ربما مليار ونصف او اثنين مليار ليرة.

المصدر: الجمهورية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى