كتبت صحيفة “الأخبار”: تقاطعت المُعطيات في بيروت على تفعيل مهمة الموفد القطري في ما يتعلق بالأزمة الرئاسية، على وقع الهدنة المنتظرة في غزة وانسحابها على جنوب لبنان، بما يُتيح للقوى السياسية الالتفات إلى ملفات وُضعت على الرفّ منذ عملية «طوفان الأقصى».
وكشفت مصادر مطّلعة عن «زيارة يقوم بها مسؤولون قطريون إلى لبنان بعيداً عن الإعلام، بجدول لقاءات محدود جداً، لاستئناف البحث في الملف الرئاسي وأزمة الفراغ المتوقّع في قيادة الجيش».
وعلمت «الأخبار» أن الكلام السياسي في الكواليس لم يغِب في عزّ الحرب واشتعال الجبهة الجنوبية، بل ثمة من كانَ يرى ضرورة للذهاب إلى حل في مثل هذه الظروف الاستثنائية، استباقاً لأي سيناريو يمكن أن يواجهه البلد، ولا سيما توسّع دائرة الحرب.
وفي هذا الإطار، كشفت مصادر بارزة أن «رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي زار الدوحة قبل نحو شهر، تمنّى على أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني استئناف الوساطة القطرية وإعادة إرسال موفد من الدوحة إلى بيروت»، وتردّدت معلومات أن «طلب رئيس الحكومة كانَ منسّقاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري».
يومها، لم يُبد القطريون أي اعتراض، رغمَ أن الحرب على غزة كانت في أوجها، والوضع في لبنان كان مفتوحاً على كل الاحتمالات.
لكنّ المعنيين لمسوا من المسؤولين القطريين أنهم يتحركون بحذر إدراكاً منهم لدقة التوقيت، خصوصاً أن الطرف الأكثر تأثيراً على الساحة اللبنانية، أي حزب الله، قد لا يكون في وارد نقاش أي ملف سياسي فيما ينصبّ تركيزه على الجبهة الجنوبية والداخل الفلسطيني وتطورات المنطقة.
وعلمت «الأخبار» أن «تواصلاً قطرياً حصل مع مسؤولين في الحزب للوقوف على رأيهم بفائدة حضور وفد قطري واستئناف الجولة الرئاسية من دون أن يحصلوا على جواب مشجّع».
إلا أنه وبعد أسبوعين على هذه المعطيات، يجري التداول على نطاق ضيق في معلومات عن وجود موفد قطري لم يتأكد إن كان «أبو فهد» جاسم آل ثاني أو شخصية أخرى، خصوصاً أن «الحركة التي يقوم بها تحاط بالسرية».
ولفتت المصادر إلى أن «الدوحة لا تزال تنطلق في مقاربتها من مبدأ الخروج من الخيارات الرئاسية التي كانت مطروحة على الطاولة والذهاب إلى أسماء توافقية، ممن اقترحتها سابقاً كالمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري»، لكنها في الموازاة تعمل أيضاً على «حل أزمة قيادة الجيش بمحاولة إقناع القوى السياسية بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، الذي هو أحد مرشحيها للرئاسة».
وتأتي الزيارة بالتزامن مع إشارة المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان في حديث مع «فرانس أنفو»، إلى «أنه سيعود إلى لبنان قريباً، كون البلد عربياً ومعنياً بالتموضع الأخير»، ولفت إلى أنه ليس مطمئناً إلى الوضع في لبنان، نظراً إلى الأحداث الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، «فالحرب تطرق أبواب لبنان ولا يوجد رئيس للجمهورية والمجلس النيابي لا يجتمع»، مؤكداً «ضرورةَ التخلي عن عقلية المنافسة، وانتخاب رئيس للجمهورية».
وأكّدت مصادر سياسية أن «أي جهة رسمية في لبنان لم تتبلّغ حتى الآن بقدوم لودريان وليس على جدول أعمالها أي لقاءات في هذا الصدد»، مستغربة «العمل حالياً على تسوية رئاسية سيكون من الصعب جداً في هذه المرحلة أن يُكتب لها النجاح».
وبينما اعتبرت المصادر أن «الظروف الحالية تستوجب انتخاب رئيس والذهاب إلى تسوية بين القوى السياسية»، إلا أنها «استبعدت أن تتراجع أيّ من القوى السياسية عن موقفها وإحداث خرق في المبدأ والقبول بالخيار الثالث، بينما تقف المنطقة برمّتها على فوهة بركان والجميع ينتظر في أي اتجاه ستذهب الأمور، وسيكون كل طرف متمسّكاً بمطالبه ربما أكثر من أي وقت مضى».