كتبت صحيفة “البناء”: دخل الأسبوع الثامن للحرب على غزة دون وجود ما يشير إلى اقتراب موعد وقف إطلاق النار، حيث تواصلت مجازر جيش الاحتلال بحق المدارس العائدة للأونروا، وفيها مئات العائلات، وقصف أبراج سكنية كبيرة حاصداً مئات الشهداء والجرحى. واقتصرت الجهود السياسية على الكلام الإنشائي عن حل سياسيّ يقوم على مشروع الدولتين، وهم يعلمون أنه مجرد كلام إنشائي ليست أمامه فرص التحقق، وأن كلمة السر التي يمثلها وقف إطلاق النار بيد واشنطن التي تعلن أنها لن تسمح بما تراه انتصاراً لحماس التي ترى واشنطن أن مهمة اجتثاث وجودها التي كلفت بها «اسرائيل» يجب أن تُنجز، ولذلك يدور الحديث عن هدنة لثلاثة أيام تعثرت مراراً، وكان منتظراً أن تبصر النور اليوم، لكن القيادي في حركة حماس أسامة حمدان أعلن في مؤتمر صحافي أن رئيس حكومة الاحتلال عطل الصفقة في اللحظات الأخيرة لأنه يريد إنجاز انتصار وهمي قبل الدخول في هدنة قد لا يستطيع العودة للحرب بعدها؛ بينما قال رئيس حكومة قطر ووزير خارجيتها محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، إنه مطمئن للمسار التفاوضي وقرب التوصل إلى الصفقة المنشودة.
في ميادين القتال كانت كل المعلومات تشير الى أن قوى المقاومة تتكامل من غزة إلى لبنان والعراق واليمن في تحقيق التقدّم، حيث انتقلت قوات القسام في غزة من الدفاع إلى الهجوم، وحققت المزيد من الخسائر بقوات الاحتلال، ونشرت فيديوات مسجلة تظهر عمليات نوعية للقسام تحترق فيها عدة دبابات لجيش الاحتلال.
وظهر أن شمال قطاع غزة لا يزال ميدان عمل نشط وفعّال لمقاتلي القسام، بينما ظهر الاحتلال ضعيفاً وهشاً، سهل المنال، سواء بالقذائف الصاروخية أو عمليات القنص التي استهدفت وحصدت عدداً من الجنود.
وبالتوازي كانت جبهة لبنان تشهد تقدماً في عمليات حزب الله، خصوصاً باستخدام الطائرات المسيرة الهجومية لتنفيذ عمليات في عمق يصل إلى 20 كيلومتراً، فيما استهدفت المقاومة العراقية بالطائرات المسيّرة مواقع الاحتلال الأميركي في عدد من المواقع داخل العراق وسورية.
النكهة اليمنية طغت أمس، على الأخبار وخيّمت على الأجواء، بعدما أعلن أنصار الله والجيش اليمني السيطرة على باخرة «إسرائيلية»، في حادث يمثل أخطر ردات الفعل على حرب غزة، حيث أمن الملاحة البحرية على المحك، وأمن الطاقة فوق الطاولة، وأنصار الله ومن خلالهم محور المقاومة عازمون على الاستمرار مهما كان الثمن، ومهما كانت التهديدات.
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم أن «حزب الله سيبقى على أعلى جهوزية وفي استعداد دائم لأي احتمال يمكن أن يطرأ. كل هذه التهديدات التي تقولها إسرائيل لا قيمة لها بالنسبة إلينا. نحن نخوض في الميدان ونعبِّر عن إيماننا وعن قناعتنا في الميدان ونُوقع الخسائر الكبيرة بـ»أسرائيل» في منطقة الجنوب مقابل فلسطين المحتلة».
وتمنّى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط ألا نُستدرج إلى الحرب، لافتاً الى أنه “إن وقعت الواقعة فلا حول ولا قوة، إلا أنه لا يجب أن نُستدرج، والأمر يعود إلى الفريق المقاوم وإلى “إسرائيل”، وعندما نرى الكمّ الهائل من الأساطيل على المرء أن يحسب أن شيئاً آتٍ”.
وشدّد على أنه “في الداخل، كان الأجدى لو هناك حدّ أدنى من الوحدة الوطنية وانتُخب رئيساً أياً كان”، مشيراً الى أن “اليوم الخلاف على تعيين قائد جيش، وجيشنا صامد وكبير وضروريّ، لكن لا أفهم الخلافات لأجل رئاسة قد تأتي أو لا تأتي”.
ويجتمع مجلس الوزراء اليوم الإثنين، لاستئناف البحث في مسألة قيادة الجيش، الى جانب اقتراحات مستجدّة، بتعيين قائد جديد للجيش مع رئيس للأركان وعضوين للمجلس العسكري الأعلى، واعتبرت مصادر عين التينة أن رئيس المجلس نبيه بري سوف يشترط في حال الدعوة الى جلسة عامة من أجل التمديد لقائد الجيش حضور الكتل النيابية ومشاركتها في الوقت نفسه في بحث البنود الواردة على جدول الأعمال، تمهيداً لإقرارها قبل الوصول لتعديل قانون الدفاع، لجهة التمديد للقائد أو تأجيل تسريحه والذي يعتبر من الاقتراحات المعجّلة المكررة.
واشارت مصادر مطلعة لـ “البناء” إلى أن مساعي حزب الله مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من أجل إصدار مرسوم التعيين بتوقيع وزيري الدفاع والمال مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، من منطلق أن أي رفض من قبل التيار الوطني الحر لا يعني سوى رفض الحزب والقوى السياسية الأخرى السير بالتعيينات الشاملة.
وأكد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد أننا قدّمنا كل الخيارات التي تسهّل اختيار الخيار المناسب لتأمين نظم وضع القيادة للجيش. لم نتوقف لا عند نقطة ولا فاصلة تسهيلاً لهذا الأمر، لكن بعض الحساسيات والتنافسات الصغيرة التي تحصل بين بعض الأطراف للأسف هي التي تعرقل وتمدّد عمر إنجاز هذا الاستحقاق، وهذا لا ينسينا على الإطلاق أن أمامنا استحقاق أساسي تستند اليه والى معالجاته كل الاستحقاقات الأخرى وهو استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية”.
واعتبر البطريرك الماروني بشارة الراعي أن أي تغيير على مستوى القيادة العليا في مؤسّسة الجيش يحتاج إلى الحكمة والتروّي ولا يجب استغلاله لمآرب سياسيّة شخصيّة.
وقال الراعي: “لا يحقّ لكم، أيّها المعطّلون الاستمرار في عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة وأن تخلقوا أزمات وعقدًا جانبيّة بدلًا من المباشرة الفوريّة بانتخاب الرئيس ولا يحقّ لكم أن تتلاعبوا باستقرار المؤسّسات وعلى رأسها مؤسّسة الجيش، وبروح الكيديّة والحقد والانتقام. اذهبوا إلى المجلس النيابي وانتخبوا رئيسًا للجمهوريّة، وأوقفوا المقامرة بالدولة واستقرارها وشعبها”.
إلى ذلك وعلى خلفية السجال الذي حصل بين مؤيدين لحزب الله وداعمين لمواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد تعبير الأخير حول “لمّ الصواني” الذي يعتبر تعبيراً كنسياً لا يحمل أي إساءة.
فإن المعلومات تشير لـ “البناء” الى أن موفداً من البطريرك الراعي (مسؤول الإعلام البطريركي وليد غياض) التقى مسؤول العلاقات المسيحية في حزب الله محمد سعيد الخنسا في الساعات الماضية في سياق التهدئة، على اعتبار أن هذا اللقاء يندرج في سياق اللقاءات المتواصلة التي يعقدها غياض والخنسا كلما استدعت الحاجة. وأشارت المصادر إلى أن اللقاء بحث أيضاً في ملف الاستحقاقات لا سيما ما يتصل بقيادة الجيش وانتخاب رئيس الجمهورية.
وتعقد اليوم جلسة للجنة المال والموازنة، لمتابعة درس مواد الموازنة ضمن مشروع القانون الوارد بالمرسوم 12211 المتعلق بمشروع الموازنة العامة لعام 2024، وذلك في القاعة العامة لمجلس النواب.