25 ايار عيد المقاومة والتحرير، أيام العز والنصر . حزب الله بقوته وصلابته هزم «الجيش الذي لا يهزم». مرت الأعوام كلمح البصر، لكن ذكرى تحرير الجنوب اللبناني هذه السنة تتزامن مع تحولات كبيرة تشهدها المنطقة، والتي انعكست على الداخل اللبناني اضافة الى الصراع الداخلي «الإسرائيلي»، فضلاً عن التطورات المتسارعة في المنطقة والعالم.
كل الأنظار كانت موجهةً الى الجنوب يوم الأحد الفائت، حيث المناورة التي نفذها حزب الله. الصديق والعدو تابع المناورة الضخمة أمام عدسات الكاميرات المحلية والاقليمية والدولية، لترسل المقاومة رسائل سياسية وعسكرية الى الكيان مفادها أن المقاومة باتت أقوى بكثير، وعليه فكل خطوة سيقوم بها الكيان الغاصب سوف يدفع ثمنها بشكل باهظ.
مناورة يوم الأحد حـــاكت قوة وقدرات المقاومة، التي ستتصدى لأي اعتداء «اسرائيلي»على لبنان، وهي تؤكد جهوزيتها التامة لتحرير المستوطنات وهدم جدران الرعب التي يحيط بها «الإسرائيلي» كيانه أمام رجال المقاومة . كل العالم شاهدهم، وهذا يعني عسكرياً الانتقال من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم، وهذا ان دل على شيء فإنه يدل على الحرب الباردة التي اتقنها الحزب بجدارة.
تغيرات المنطقة في الفترة الاخيرة، والتي بدأت بالتفاهم الايراني – السعودي، وانفتاح العرب على سوريا، وحلحلة الأزمة اليمنية، شكلت علامات إنذار لدى دوائر صنع القرار في الكيان المحتل، ما يشير الى ان التقارب شكل ضربة جديدة لمحاولات تطبيع الكيان مع محيطه العربي، ومشهد القمة في جدة دليل على التكاتف العربي ولو شكلياً لكل القوى الداعمة لها.
مصدر مطلع أشار إلى أن «ما حملته القمة من الدعوة الى العودة الى مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت عام 2002، يعتبر حلًا مؤقتًا للصراع العربي – «الإسرائيلي»، كما أن الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود العام 1967 ينزع فتيل أي تصعيد خطير في المنطقة، ويساهم في تبريد الأجواء أمام المد اليميني المتطرف».
ويؤكد المصدر على أن «الكيان الإسرائيلي لن يتراجع عن عدائه تجاه الفلسطينين، ولن يخفف من تسليحه لا نوعاً ولا كميةً، مما يوجب على المقاومة في غزة والضفة والداخل المحتل، إضافة الى لبنان والجولان والعراق واليمن، أن يتحدوا لصد أي عدوان اسرائيلي».
ويشير المصدر إلى أن «الحال العربي الآن، مع ما يشكله من تلاحم وانصهار، ما هو إلا خطوة في مسار التحرر السياسي من التبعية للغرب، وخطوة في الحرب مع كيان الإحتلال، بالتوازي مع ضغوط قوى المقاومة التي ستجبر قادة الكيان على تقديم تنازل سياسي عاجلًا أم آجلاً، ليكون المنطلق أمام أي مفاوضات تشمل منطقة الشرق الأوسط للتزامن مع الانفراجات في العلاقة بين الدول».
في الجانب «الإسرائيلي»، فشل داخلي كبير، يدفع بقادة الكيان لشد العصب الطائفي والعقائدي، في محاولة للمحافظة على تراكم الإنجازات منذ المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897، والذي وعد اليهود بدولة تجمع شتاتهم، والتي لن يستمر الى حد بعيد أمام الخلافات الإيديولوجية في أصل الكيان، وبين شرائح المجتمع «الاسرائيلي» كافةً.
بات مؤكداً أن حجم المواجهة تبدل كثيراً، يضيف المصدر، ولم تعد «اسرائيل» قادرة على تحمل مفاعيل كل ما يجري من متغيرات على الساحات المحيطة بها، من تحرير لجنوب لبنان والانتصارات في لبنان وغزة على جيش الإحتلال، فضلًا عن المقاومة داخل أراضي 1948 والتي تشل كل القدرات «الإسرائيلية» الضخمة، ناهيك عن الصراعات الداخلية في الكيان التي تهدد الكيان برمته، وتوسع ساحة الإشتباك لتشمل كل أراضي الكيان المحتل من كريات شمونة إلى ايلات، وهذا يؤدي إلى تحسين الوضع الفلسطيني في أي مفاوضات قائمة.
ستبقى مناورة المقاومة التي نفذتها يوم الأحد الفائت حديث الجميع، لكن من تحدث عن أنها استفزازية أو رسالة للداخل اللبناني فهو واهمٌ وبسيط، لأن المقاومة لم ترسل يوماً رسائل مبطنة الى البعض الفاشل في الداخل اللبناني، وهي لم تكن يوماً الا واضحة وصريحة في قرارتها، لكنها حتماً وجهت رسالة للعدو الإسرائيلي تتلخص بكلمةٍ واحدة «سنعبر»، أي أن المقاومة ستحرر الأراضي المحتلة وصولًا نحو القدس، وهذا ما يرعبهم.