جميع القادة في البلد يطلّون على الشاشات في المناسبات الكبرى، لكن إطلالة المرشد الأعلى دائماً مختلفة. الزعماء الروحيون والزمنيون يقفون على المنابر ويخطبون، أو يجلسون ويفرطون في الكلام العالي السقف والواطي وواحد بينهم يحدد المسارات.
أعلى ما يمكن أن يجهر به وليد جنبلاط في خطابه التهدوي: دخيل ألله، بليز، أرجوكم حاولوا وجرّبوا واسعوا وابذلوا المستطاع كي لا نُستدرج إلى الحرب. أقصفوا مواقع العدو عالخفيف. رادار من هنا. دبابة من هناك. هجّروا الصهاينة أضربوا أنظمة التشويش لكن بتعقّل وحكمة. رجاء.
خطاب الرئيس نجيب ميقاتي يأس ومقاومة القدر المحتوم.
خطاب الدكتور سمير جعجع معنويات وثوابت غير قابلة للصرف.
خطاب جبران باسيل: جعجعة فحواها ضد جعجع.
خطاب القائد: نثر شعري أو شعر منثور حول حب الوطن.
خطاب الرئيس بري ضاحية شموس ومكدوس ومقاومة وزيتون واحترام شديد للـ 1701.
خطاب علي حجازي: قائد جراميز حين ينرفز.
خطاب الشيخ سامي: شيء يشبه «منرفض نحن نموت».
خطاب ميشال معوّض: واضح رصين وطني… إيه وبعدين؟
خطاب الياس جرادة: من إيام السينما الصامتة.
خطابات لا تقدّم ولا تؤخر ولا تؤثر في مصير بلد. وحده خطاب المرشد الأعلى كما يُقال باللغة الفرنسية haut de gamme.
المبصر والضرير. الموظف والمدير. المتعهّد والأجير. الجنرال والخفير. الغني والفقير. الطيّب والشرير. الصغير والكبير والمقمّط بالسرير. جميعهم ينتظرون خطاب الجمعة. منهم الواقف على سلاحه ومنهم القاعد على شنطة السفر وهذه المرة لن يعود المهجّر إلى كندا إلّا للصلاة في المسجد الأقصى وفي كنيسة القيامة.
ماذا سيتضمن الخطاب؟
المؤكد أن الخطاب سيؤكد جهوزية المقاومة الإسلامية ومسؤولية المقاومة لأي حرب.
المؤكد أن الخطاب سيشير إلى أن التفوّق العسكري الصهيوني سقط في غزة. المهم ألّا يسقط أي صاروخ حوثي بالغلط في خراج العلالي. حيث سنهرب من الانتصار.
المؤكد أن المرشد سيعلن أن معادلة ما بعد حيفا انتهت، اليوم ما بعد بعد إسرائيل. ولمزيد من التأكيد يمكن مراجعة العلّامة نجاح واكيم.
المؤكد من فحوى الخطاب: أو ننتصر لغزة ونستدرج العدو لحرب فعلية أو عمرنا ما نعيش سنتين مثل البشر.
أخيراً إليكم هذه البديهيات:
يقف الكرسي على أربع أرجل.
تقف الكاميرا على سيبة مؤلّفة من ثلاث أرجل.
يقف العدو على «إجر ونص».
يقف لاعب الجمباز ويمشي على يديه.
البوليس البلدي واقف على قدمين.
الطاولة المستديرة واقفة على خمس أرجل.
وحده البلد الأسمه لبنان (على طريقة سعيد عقل) واقف مصيره على خطاب.