كتبت صحيفة “الأخبار”: التطورات في المنطقة والترقّب الذي يطغى على الحياة السياسية في انتظار خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، غداً، لم يحجبا السجال حول الفراغ الذي يتهدد قيادة الجيش، مع اقتراب انتهاء ولاية العماد جوزف عون في العاشر من كانون الثاني المقبل، في غياب الاتفاق على تعيين رئيس للأركان يخلف عون مؤقتاً الى حين تعيين قائد جديد.
وتتواصل الاتصالات للبحث عن إطار قانوني لتفادي الشغور في اليرزة من خارج مجلسَي الوزراء والنواب.
فلا التمديد لقائد الجيش ممكن بقرار يصدر عن وزير الدفاع، بناءً على اقتراح القائد نفسه تأجيل تسريحه، لتمنّع الوزير موريس سليم ربطاً بموقف مرجعيته السياسية (التيار الوطني الحر).
ولا صدور مرسوم عن مجلس الوزراء، كون قائد الجيش معيّناً بمرسوم سنداً إلى المادة 19، يبدو ممكناً، للسبب نفسه، إذ إن ذلك يحتاج الى اقتراح من وزير الدفاع.
ولا تشريع التمديد في مجلس النواب بناءً على اقتراح قانون يتقدم به عدد من النواب (كما فعلت كتلة «الجمهورية القوية») يبدو ممكناً أيضاً لسببين: الأول، أن رئيس مجلس النواب نبيه بري قد لا يدعو إلى جلسة تشريعية كما لمّح أول من أمس بالقول إنه لا يشرّع «على الطلب»، أو لعدم توافر النصاب بسبب الانقسام السياسي.
مع ذلك، تواصلت الاتصالات الخارجية للتمديد لعون، وكان جواب عدد من السفراء (تحديداً السفيرة الأميركية دوروثي شيا) عدم القدرة على تمرير الأمر عبر مجلس النواب أو مجلس الوزراء، والتوصية بالبحث عن «إطار قانوني آخر»!
وفي هذا السياق، قالت مصادر مطلعة إن الملف برمّته يقف أمام احتمالين:
الأول، أن تتقاطع مصالح القوى السياسية الوازنة على عدم التمديد، فلا يحصل. وهو أمر وارد جداً بسبب رفض رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وتأنّي ثنائي حزب الله – حركة أمل في إعطاء موقف حاسم، وخصوصاً بعد التطورات الأخيرة التي تدفع الحزب الى التفكير برويّة في شأن التمديد، ما دامت هناك نصوص قانونية لتسيير شؤون الجيش في غياب القائد، ولا سيما في حال تعيين رئيس أركان. وقالت مصادر مطلعة إن هذا الخيار يتقدم على غيره، وقد يضطر باسيل إلى القبول به لإبعاد كأس التمديد لعون.
الثاني، الذهاب الى خيار التمديد بمعزل عن أيّ معارضة، على قاعدة أن الظروف الحالية تقتضي بقاء الوضع على ما هو عليه الى حين وضوح الصورة، وتبيان المسار الذي ستسلكه الحرب في المنطقة، وقد يحصل ذلك في حال توافر مخرج قانوني ثالث، وخصوصاً أن فكرة تولّي الضابط الأعلى رتبة (اللواء المتفرّغ في المجلس العسكري بيار صعب)، كما يطلب باسيل، تُواجَه بتحفظات عدد من القوى السياسية من بينها النائب السابق وليد جنبلاط والثنائي الذي يميل الى تعيين رئيس للأركان.
من جهة أخرى، نشطت عشية خطاب نصر الله الحركة الديبلوماسية في بيروت مع وصول مسؤولين غربيين للتحذير من «مخاطر تمدُّد الحرب إلى لبنان»، من بينهم مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف ووزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو. وعلمت «الأخبار» أن المبعوثة الألمانية الخاصة للشؤون الإنسانية ديك بوتزل المعنيّة بعمل المنظمات الدولية في لبنان، ستصل غداً للاطّلاع على خطط الطوارئ التي وضعت للتعامل مع التطورات في حال توسّع الحرب لجهة العمل أو الإخلاء.
واستكمالاً للنقاشات الدائرة حول خطة الطوارئ الحكومية لمواجهة احتمال نشوب عدوان إسرائيلي موسّع على لبنان، ناقش مجلس الوزراء أمس الشقّ التمويلي، وسط إمكاناتٍ محدودة جداً للدولة تجعل من الخطة حبراً على ورق.
وفيما بقي حديث وزير المالية يوسف الخليل في الجلسة عمومياً عن خطة مالية للوزارة، اقترح عدد من الوزراء «عدم استباق الأمور وانتظار اتّضاح المشهد، وما إذا كانت المؤشرات توحي بتوسّع رقعة الحرب في لبنان». وتفيد المعلومات بأنه جرى الاتفاق على طلب فتح اعتمادٍ بقيمة 180 مليار ليرة، أو ما يوازي مليونَي دولار، يخصّص للاستجابة للأمور المستعجلة التي قد تطرأ على صعيد الوزارات الأساسية إلى حين اتضاح اتجاه الأوضاع مطلع الأسبوع المقبل. وهو اعتماد وصفه معنيّون بـ«المتواضع جداً مقارنةً مع ما ستحتاج إليه الدولة إذا ما توسّعت الحرب على شكل سيناريو تموز 2006».
في السياق، أكّدت المصادر أنّه «في حال اندلاع حربٍ كبيرة، فالدولة ستعجز عن التدخّل على الصُّعد الإنسانية والخدماتية والطبية والاجتماعية، واعتمادها سيكون على التمويل الخارجي عبر هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، على غرار ما حصل بعد انفجار الرابع من آب»، ولا سيّما أن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري ممتنع عن تمويل الدولة ولم يبدِ استعداده لتمويل الخطة، رغم أن بعض الوزراء يراهنون على أن «وقوع الحرب سيضع المركزي أمام الأمر الواقع، ولا مفرّ من تمويله للوزارات في حال عدم تأمين التمويل الخارجي».
ومن المُقرر أنّ يُعقد غداً في السراي الحكومي اجتماع بين ممثّلي الوزارات الشريكة في خطة الطوارئ وممثلي الهيئات والمنظمات الدولية لعرض موازناتها المتوقّعة للاستجابة، من دون أن تكون استجابة المانحين مضمونة. بمعنى أن الهيئات والمنظمات ستعرض قيمة المبالغ المفترض توفرها لتغطية عمليات الإغاثة، ومن ثم تعرضها على المانحين طالبةً التمويل، لكن من غير المضمون أن تحصل عليها كاملة.