قال مصطفى السباعي “الباطل ثعلب ماكر، والحق شاة وادعة، ولولا نصرة الله للحق لما انتصر على الباطل” لذلك فان الفرق بين السماء والأرض هو نفسه الفرق بين الحق والباطل، وإن اشتد الأخير في بعض الأحوال، فلا بد للحق ان يمحق الاستبداد ويبطله، ويجعل العاقبة للمظلوم واهله، كالزبد الذي يعلو الماء فيلقيه ويقذفه فهذا مثل الباطل؛ ليبقى الاقتصاص من المجرمين هو وحده الذي ينفع المجتمع ويستقر في الأرض. ومهما استطال الظلم، والفجور لربح جولات بطرق ملتوية على القانون، فسنّة القسط بأن النصر للحق مهما استشاط الجَوْر. وفي ذلك قال عمر المختار “لئن كَسَرَ المدفع سيفي فلن يكسر الباطل حقي” أي لا يضيع حق وراءه مطالب، لان الصراع بين العدل والظلم قانون رباني ومهما طال الشطط فإن الانصاف آتٍ لا محالة.
في سياق قضائي متصل، أعاد صدور القرار الظني في قضية الطفلة لين بهذه السرعة القياسية الثقة بالقضاء اللبناني الذي على ما يبدو بدا منهجا جديدا أكثر صرامة والتزاما بالقوانين والاهم تطبيقها. وما جرى شكّل انعطافة قضائية جيدة وخطوة يُبنى عليها في مثل هذا النوع من القضايا في لبنان. الجدير ذكره في هذا الإطار، ان القاضية سمرندا نصّار كانت قد اعتمدت خطة استدراجية تسلسلية متماسكة ودقيقة، امتازت بالبراعة للإيقاع بالمجرم والمتورطين معه. فكشفت ملابسات القضية بضمير مرتاح لحفظ حق الطفلة وكذلك الأطفال الذين تعرضوا لانتهاكات مماثلة ودُفنت قضاياهم في ادراج المحسوبيات واللفلفة وجوارير المفاهيم المجتمعية البالية.
القضاء لم يسقط!
بالموازاة، تلقّف الرأي العام اللبناني عموما والشمال ومنطقة سفينة القطيعة خصوصا، هذا القرار بتبجيل واحترام كبيرين للقاضية نصّار مثمنين لها متابعتها الحثيثة لهذا الملف الذي اعتبر قضية رأي عام محليّا وعالميا. وقد سعى بعض النافذين في السلك الأمني وحتى السياسي الى لفلفة القضية وممارسة سياسة التضليل لحرف التحقيق عن مساره الصحيح.
في سياق متصل، رأى القرار الظني، ان فعل خال الطفلة المدعو نادر بو خليل ينطبق على جنايتي المادتين 503 و504 من قانون العقوبات اللبناني. وتنص المادة 503 على انه “من أكره غير زوجه بالعنف والتهديد على الجماع، عُوقب بالأشغال الشاقة خمس سنوات على الأقل، ولا تنقص العقوبة عن سبع سنوات إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من عمره”.
وفي هذا السياق، اعتبرت وفاة الطفلة كالقتل عمدا وذلك وفقا للمادة 549، التي تنص على ان المجرم يعاقب بالإعدام على القتل قصدا إذا ارتكب: “عمدا، او تمهيدا لجناية او تسهيلا او تنفيذا لها او تسهيلا لفرار المحرضين على تلك الجناية او فاعليها او المتداخلين فيها او للحيلولة بينهم وبين العقاب، او على أحد أصول الجرم او فروعه الخ”. لذلك سيحاكم كل من الخال (نادر بو خليل) ووالدة الطفلة (وعد بو خليل) وجدها لامها (فواز بو خليل) وجدتها لامها (حياة الرز) بهذه الجناية التي تنص على الاقتصاص منهم بالإعدام وبالتالي محاكمتهم امام محكمة الجنايات في الشمال.
دعوة من عائلة طالب!
على خطٍ موازٍ، سارعت عائلة آل طالب الى الإعلان عن عقد مؤتمر صحفي عصر الجمعة عند الساعة الخامسة، حيث ستُحدد العائلة موقفها للمرحلة المقبلة بعد صدور القرار الظني. وفي هذا السياق، قال السيد عامر طالب لـ “الديار” ان مطلبهم الوحيد سيكون الاقتصاص من المجرمين وتنفيذ حكم الإعدام الذي صدر لإحقاق العدالة، ولإنزال اشد العقوبات بالمجرمين وذلك يكون بعدم التهاون في تنفيذ الحكم الصادر بكل من ثبت ضلوعه في هذه الجريمة البشعة والوحشية”.
يُذكر ان الطفلة لين كانت قد توفيت في 25 حزيران بعد تعرضها لاغتصاب متكرر من قبل خالها في الوقت الذي كانت فيه زوجته تضع مولودهما في المستشفى. وتقصّدت العائلة لجهة الام ترك الطفلة تعاني من الوجع والنزيف والالتهابات القوية، بينما كانت لين تموت مئات المرات امام اعين بيت جدها لجهة الام من دون قيامهم بأي فعل لإنقاذها، وانصبّ اهتمامهم على الخال المجرم “سفاح القربى” لإخفاء جريمته البشعة والقذرة. بالإشارة، الى ان عائلة بو خليل حاولت قذف الجريمة صوب الاب لتضليل الحقيقة. وتجدر الاشارة، الى ان السيد احمد الشاويش وهو عنصر في قوى الامن الداخلي ويعمل في ثكنة حلبا، حاول طمس الأدلة التي تثبت ان الجاني هو الخال وكانت “الديار” السبّاقة في كشف هذه الحقيقة منذ البداية.
القرار الظني وما خفيَ ظَهَر!
في إطار استجوابي متصل، علمت “الديار” ان القاضية سمرندا نصار كانت سألت الوالدة وعد بو خليل اثناء استجوابها عن العلاقة التي تربطها بالشاويش، فاعترفت الأخيرة انه يوجد تواصل بينهما، وعندما سألتها القاضية نصار عن نوع هذه الصّلة اجابتها وعد ان هذه الأمور شخصية، رافضة الحديث عن أي تفاصيل تتعلق بهذا الاقتران. لكن المعلومات التي حصلت عليها “الديار” تؤكد ان والدة لين كانت على التصاق حميم بالمدعو الشاويش وان الودّ الذي يجمعهما بدأ بعيد طلاق وعد من زوجها والد ابنتها”.
القاضية نصار انطلقت من هذه الأدلة الدامغة!
وكانت اعتمدت القاضية نصّار في قرار الإعدام الذي أصدرته في قضية وفاة الطفلة لين على الأدلة الجنائية التي تورط نادر بو خليل بشكل مباشر؛ وذلك انطلاقا من وجود خدوش على رقبته وتطابق حمضه النووي مع الحمض الذي كان ملتصقا بثياب لين الداخلية والخارجية. الجدير ذكره، انهم وجدوا ثيابا لـ لين في منزل الخال، كذلك تم العثور على صور تعود للطفلة ولأطفال اخرين على هاتفه”.
في الخلاصة، صحيح ان لين لن تعود الى الحياة، لكن تطبيق عقوبة الإعدام او المؤبد سيُنصف هذه الطفلة البريئة.