بإعلان حالة طوارئ ضمنية، واكبت وكالة “الأونروا” وباهتمام بالغ اشتباكات عين الحلوة منذ ساعات اندلاعها الأولى بين حركة “فتح” والناشطين الإسلاميين، عقب جريمة اغتيال قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه، من أجل استشراق صورتها والمساعدة في لملمة جراح أبنائه عبر كيفية مواصلة تقديمات خدماتها أو وضع خطة بديلة لها.
المواكبة ترجمتها المديرة العامة للوكالة في لبنان دوروثي كلاوس التي لم تكتف بالتقارير التي كانت تصلها تباعاً عن تطورات الأوضاع الأمنية في المخيم، بل نزلت إلى أرض الميدان مع فريق عملها وبخاصة مدير منطقة صيدا الدكتور إبراهيم الخطيب، وكان لافتاً حضورها في اليوم الأول إلى مكتب “الأونروا” الرئيسي في صيدا رغم العطلة الأسبوعية (الأحد 30 تموز الماضي)، وتابعت التطورات واستكملتها بتفقّد العائلات النازحة إلى صيدا مراراً، وبزيارة المخيم عدّة مرّات بعد وقف إطلاق النار.
وتؤكد أوساط فلسطينية لـ”نداء الوطن” أنّ “الأونروا” واجهت ولا تزال، تحدّيات جمّة، أبرزها تأمين الإيواء والإغاثة للعائلات النازحة من أرجاء المخيم في خضمّ الاشتباكات، حيث فتحت مدرستين تابعتين لها، الأولى “نابلس” في مدينة صيدا والثانية “عسقلان” في مخيم المية ومية، وأمّنت الغذاء والاحتياجات الضرورية لهم، بالتعاون مع الجمعيات والمؤسسات الأهلية عبر جمعية عمل تنموي بلا حدود – نبع”. وأشارت الى أن “التحدّي الآخر تمثّل بدخول المسلحين إلى منشآت “الأونروا”، إذ إنه وبعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار(3 آب 2023)، أعلنت (الخميس 17 آب) بأن جهات مسلّحة لا تزال تحتّل منشآتها، بما في ذلك مجمع مدارس في المخيم (تقع بين الطوارئ والشارع الفوقاني) وأنها تعرّضت لأضرار جرّاء الاقتتال الأخير. “الاونروا” لم تتقبّل الأمر ووصفته بأنه “انتهاك صارخ لحرمة مباني الأمم المتحدة بموجب القانون الدولي، ممّا يهدّد حيادية منشآت “الأونروا” ويقوّض سلامة وأمن موظّفينا ولاجئي فلسطين”، ودعت جميع الجهات المعنية إلى إخلاء مبانيها فوراً حتّى تتمكّن من استئناف الخدمات الحيوية وتقديم المساعدة إلى جميع لاجئي فلسطين المحتاجين.
غير أنّ اللافت في اليوم الثاني (الجمعة 18 آب) قرّرت تعليق خدماتها في المخيم ليوم واحد احتجاجاً لعدم الانسحاب منها، لكنّ المفاجأة كانت في اليوم التالي (السبت 19 آب) بإعلان “الأونروا” أنها تلقت تقارير تُفيد بأن مجمّعاً مدرسياً آخر قد تمّ الاستيلاء عليه من قبل جهات مسلّحة، ليصبح العدد الإجمالي ثماني مدارس، ما يهدّد بدء العام الدراسي في الوقت المناسب لـ 5900 طالب من المخيم. ويؤكد مدير “الأونروا” في منطقة صيدا الدكتور إبراهيم الخطيب لـ”نداء الوطن” أن خمس مدارس ما زال المسلحون يتواجدون فيها (بيسان، صفد، الناقورة، سموع ومرج بن عامر)، بينما الوضع الأمني ما زال هشّاً والوكالة ما زالت تعلّق جانباً من خدماتها، وتحديداّ العيادة الصحيّة الأولى في الشارع الفوقاني، وقد افتتحت عيادة بديلة عنها في مدرسة “الصخرة” في صيدا لتأمين الخدمات الطبية لأبناء المخيم”.
وقال: “نحن نراقب الوضع عن كثب وخلال أسبوع سنرى كيف تتجه الأوضاع لنبني على الشيء مقتضاه”. مراقبة الوضع سيحدّد مصير العام الدراسي الجديد، الذي من المقرّر أن يبدأ في الأسبوع الأول من تشرين الأول المقبل، فوفق تقارير “الأونروا” فإنّ المدارس لحقت بها أضرار جسيمة في المباني والتجهيزات، يحتاج الأمر فيها إلى وقت غير قصير للترميم والصيانة، ناهيك عن الكلفة المادية. واستبعدت الناطقة باسم “الأونروا” في لبنان هدى السمرا أن تكون المدارس في المخيم متاحة في بداية العام الدراسي بسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت بها جرّاء الأحداث الأخيرة، مشيرة إلى أن “الأونروا” تقوم حالياً باتخاذ تدابير لاستضافة أكثر من 3,000 طفل في مدارسها في المناطق المجاورة للمخيم باعتماد نظام الدفعتين. أما بالنسبة لبقية أطفال المدارس، فقد تحتاج “الأونروا” إلى البحث عن مبانٍ موقتة عامة أو خاصة للطلاب، وسيكون ذلك مكلفاً للوكالة ومربكاً لأطفال المدارس في عين الحلوة وعائلاتهم، مؤكدة أن “الأونروا” استأنفت الخدمات في الجزء المتاح من المخيم، وتدير مركزاً صحّياً واحداً -العيادة الصحّية الثانية في الطرف الجنوبي، وتقوم بجمع النفايات وتزويد محطات الضخّ لمياه المخيم بالوقود، وتستقبل اللاجئين في مكتب الإغاثة والخدمات الاجتماعية من أجل التسجيل والمساعدة”.