ليس متوقّعاً أن تكون جلسة مجلس الوزراء التربوية غداً في مجلس الوزراء مختلفة عن سابقتها في 6 شباط الماضي، لجهة الوعود وبعض القرارات غير المنفّذة.
جلّ ما يريده وزير التربية عباس الحلبي من هذه الجلسة ألا يتحمّل وحده عبء الفشل المتكرر في انتظام العام الدراسي في التعليم الرسمي، وإشراك الحكومة مجتمعة في هذه المسؤولية، إذ إنه لا يحمل إلى الجلسة خطة أو تصوراً واضحاً لحل مشاكل التعليم، إن على صعيد تمويل الدولة له، أو لجهة تحديد حاجات المدارس والأساتذة وتأمين النقل للتلامذة وإعادة هيكلة وزارة التربية، بل سيكتفي بإحضار «ورقة عمل»، كما سمّاها في لقائه مع روابط المعلمين، سيضمّنها حصراً مطالب قطاعات التعليم الرسمي بكل مراحله من الأساسي إلى الثانوي والمهني وصولاً إلى الجامعة اللبنانية، وسيطلب مجدداً من الحكومة تخصيص موازنات إضافية من الجهات الدولية المانحة لتأمين مداخيل وحوافز للأساتذة كشرط أساسي للعودة إلى الصفوف، وكأنّ التعليم بات مباحاً للمانحين ليقرروا مصيره، ويفرضوا في كل مرة آليات موازية لآليات الدولة، إن في الرواتب أو حتى في تدريب المعلمين والمناهج التربوية المموّلة منهم بصورة أساسية.
عملياً، هو تحويل الأمر من مواجهة مطلبية بين المعلمين الرسميين وربّ عملهم، أي الدولة، إلى مواجهة بين المعلمين والجهات المانحة بعدما تخلت الدولة عن مسؤولياتها تجاههم.
ولا يخلو الضغط على الجهات المانحة من الابتزاز، كتضخيم أعداد التلامذة السوريين والقول إنهم يشكلون 50% من مجموع التلامذة اللبنانيين، فيما الإحصاءات تشير إلى أن عددهم يراوح بين 20 و25% في القطاعين الرسمي والخاص. أما في ما يتعلق بمشروع دمج التلامذة السوريين مع التلامذة اللبنانيين في دوام قبل الظهر، فقد أكّدت مصادر في منظمة اليونيسف لـ «الأخبار» أنها «لم تدع إلى ذلك لأن تنظيم التعليم العام الرسمي هو مسؤولية الدولة اللبنانية».
في المقابل، يغيب العام الدراسي في القطاع الخاص تماماً عن الجلسة، إذ ليس متوقّعاً أن يبحث المجلس في أي ضوابط للحد من التفلّت في الأقساط المدرسية، فيما اللجنة التي كان مقرّراً أن تُشكل من ممثلين عن المؤسسات التربوية والمعلمين ولجان الأهل لوضع معايير تحدّد الأقساط لم تُشكل، أو بالحد الأدنى لم تلتئم حتى الآن.
إلى ذلك، يستطلع وزير التربية آراء ممثلي القطاعات لتدوين مطالبهم تمهيداً لعرضها في الجلسة.
وفي هذا السياق، تمسّكت رابطة المعلمين في التعليم الأساسي الرسمي، بحسب رئيسها حسين جواد، برفض فتح المدرسة الرسمية، ما لم تُصحح الرواتب من ضمن الموازنة، بحيث لا يتدنى راتب المعلم عما يوازي 600 دولار (أو مضاعفة الراتب الأساسي 20 مرة)، وإلزام الحكومة ووزارة التربية الدول المانحة بدفع حوافز لا تقل عن 250 دولاراً للمعلمين في الدوامين الصباحي والمسائي، وتسديد المستحقات السابقة للمعلمين والمدارس فوراً، ودعم كل صناديق المدارس من دون تمييز تحت طائلة عدم فتح مدارس دوام بعد الظهر للاجئين السوريين.
تحويل المواجهة بين المعلمين والدولة إلى مواجهة بين المعلمين والجهات المانحة
كما تطالب رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، وفق مصادرها، بتصحيح الرواتب ضمن الموازنة إلى أكثر من 700 دولار ( أو مضاعفة الراتب الأساسي 20 مرة)، وتأمين حوافز مالية بالفريش دولار لا تقل عن 300 دولار شهرياً.
وركّزت الجامعة اللبنانية، كما قال رئيسها بسام بدران، على مسألتين أساسيتين: الأولى رفع موازنتها عام 2024 إلى نحو 4000 مليار ليرة، والثانية تأمين الأموال التي تحتاج إليها الجامعة لدعم الأستاذ والموظف، فضلاً عن أنها طلبت الحصول على الموافقة المبدئية على ملف تفرّغ الأساتذة المتعاقدين، تمهيداً لإعادة تجهيز الملف ووضع اللمسات الأخيرة عليه لجهة أسماء الأساتذة الذين سيشملهم القرار.
ومع أنه يبدو مستبعداً أن تُدرج مطالب القطاع الخاص على جدول أعمال الجلسة، إلا أن الأمين العام للمدارس الكاثوليكية يوسف نصر، قال إنه لا يمكن الدولة أن تقف متفرّجة على القطاع الخاص، وهي «مطالبة بمقاربة الملف عن كثب وإيجاد حلول مؤقتة، إذ إن هناك أسئلة كثيرة تُطرح على مستوى رفع مساهمتها في المدارس المجانية ودفع المتأخرات منذ عام 2017، وتطبيق قانون الـ 500 مليار وتحويل 350 مليار ليرة إلى المدارس الخاصة، و10 مليارات ليرة إلى صندوق تعويضات أفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وتحسين رواتب المتقاعدين من التعليم الخاص.
ماذا عن لجنة وضع معايير لضبط الزيادة على الأقساط، وهل صحيح أنكم لا توافقون على التدقيق المالي لموازنات المدارس؟ يجيب نصر: «قيل لي إن اللجنة تشكّلت لكنني لم أُدعَ إليها ولا أعرف إذا كنت عضواً فيها أم لا، أما موضوع التدقيق فلا نرفضه بالمبدأ، إلا أن القانون 515 (قانون تنظيم الموازنات المدرسية) ينص على الدور الرقابي للجنة الأهل ويعطيها صلاحية دراسة الموازنة لمدة 10 أيام، وتستطيع أن تستعين بمن تشاء في هذه المهمة، وبالتالي استقدام شركة للتدقيق يطيح هذا الدور، ولو كان التدقيق هو الحل لكان البلد صار في مكان آخر. علماً أن المادة 13 تنص على أن من صلاحيات مصلحة التعليم الخاص الاستعانة بخبراء محاسبة مجازين مسجّلين في النقابة، وهذا لا يتعارض مع حقوق لجنة الأهل، بل على العكس يؤكد حق الطرفين عند حصول خلاف حول إقرار الموازنة.
ويجدر التذكير أن رئيس مصلحة التعليم الخاص عماد الأشقر أشار العام الماضي إلى أن قسماً كبيراً من الموازنات لم يكن قانونياً ولم توافق عليه لجان الأهل، إلا أن الوزارة لم تستعن بأيّ خبير محاسبي مجاز، وتمّ استيفاء الأقساط استناداً إلى الموازنات غير القانونية.
رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة لمى الطويل رأت أن من يعرقل التئام اللجنة هو رفض المؤسسات الخاصة للتدقيق في موازناتها، «ما يزيدنا ثقة بالأرباح المهولة التي تراكمها»، مشيرة إلى «الاستخفاف الذي يطبع تعاطي وزير التربية مع قضية الأقساط، علماً أننا أودعنا الوزارة منذ أكثر من شهرين مشروعاً يتضمّن معايير لوضع ضوابط للأقساط من دون أن يحرّك أحد ساكناً في هذا الملف حتى الآن».
ومنذ اتفاق الطائف لم تضع الحكومة والمجلس النيابي تصوراً لحل مشاكل التعليم الذي يتعاطيان معه على أنه خدمة استهلاكية لا قضية لها تأثيرها على المجتمع.