عاد مجدّداً شبح فيروس كورونا ليرعب العالم بعد رصد منظمة الصحّة العالمية انتشار متحوِّل جديد هو EG.5. الذي يُطلق عليه اسم “إيريس”* ورُصد للمرّة الأولى في 31 تموز 2023.
أين لبنان اليوم من هذا المتحوِّل بعد توقّف رصد الحالات؟ هل علينا أن نقلق بعد تعافي القطاع السياحي وارتفاع عدد الوافدين إلى المطار 33% مقارنة بعام 2022 بحسب آخر الإحصاءات، وبعدما أصبح التنقّل بين المطارات يتمّ من دون عوائق، أو فحوصات إلزاميّة، أو إجراءات وقائية؟ هل من عودة للإجراءات القديمة؟
ماذا يقول الخبراء؟
رأى رئيس الهيئة الوطنية للقاح كورونا النائب الدكتور عبد الرحمن البزري أنّ “إيريس هو متحوِّل جزئي من الأوميكرون، وهو نتيجة طبيعية ومنطقية لتصرّف فيروس كورونا، فظهور المتحوِّلات الجزئية هو جزء من استراتيجية الفيروس للبقاء حينما تزداد نسبة المناعة المجتمعية”.
وأضاف لـ”أساس” أن “لا شيء يدلّ على أنّ هذا المتحوِّل سوف يتسبّب بإصابات أكثر شدّة، ولذا لا داعي للقلق والهلع او لاتخاذ إجراءات استثنائية بهذا الخصوص. ولا أعتقد أنّنا سنعود إلى الإجراءات القديمة، لأنّ نسبة المناعة المجتمعية العالية حتى مع المتحوِّلات تحقّق جزءاً من المناعة الكافية، وحتى لو ارتفعت الإصابات فستبقى نسبة دخول المستشفيات مقبولة ومحصورة بالمواطنين المعرّضين للخطر أكثر من غيرهم إذا أصيبوا بعارض صحّي تنفّسي”.
في ما يتعلّق باللقاحات، أكّد البزري أنّ هناك حاجة إلى إجراء دراسات أكثر حول فعّاليّتها على المتحوِّلات الجديدة كلّها، إذ لا نعرف حتى الآن نسبة الحماية التي يمكن أن توفّرها. وتخوّف من إحجام الناس عن أخذ الجرعات التأكيديّة من اللقاحات، معيداً السّبب في ذلك إلى ضعف انتشار المرض في الفترة الأخيرة وانتشار أخبار ومعلومات خاطئة تعزو إلى اللقاح التسبّب بأمراض أخرى.
على صعيد الانتشار المجتمعي، أشار إلى “تحوّل كورونا إلى مرض تنفّسي مستوطن في العالم، ودائم الانتشار، الآن ولاحقاً. سنعيش مع كورونا، إذ لن تمرّ فترة بعد عام 2019 من دون وجوده لبنانياً وعالمياً”.
ختم البزري بالتأكيد أنّ “نسبة المناعة المجتمعية في لبنان والعالم مرتفعة نتيجة الجهود التي بُذلت في توزيع اللقاحات وتجاوز الإصابات السابقة بفيروس كورونا”، مشيراً إلى أنّ “هذه العوامل تساهم في تقليل احتمالية حدوث موجات كبيرة من الفيروس في المستقبل. أمّا عالمياً فيتخوّف مختصّون من تزامن الموجة الجديدة للفيروس مع إعادة افتتاح المدارس نهاية الشهر الجاري، وهو ما سيؤدّي إلى انتشارٍ كبيرٍ من جهة، وتزامنها مع موسم الإنفلونزا من جهة أخرى”.
من جهته، رئيس قسم الأمراض الجرثومية في مستشفى الروم الدكتور عيد عازار قال: “نحن في حالة ترقّب وانتظار لما يجري في الولايات المتحدة وأوروبا، وفي حال ارتفعت أعداد طالبي الاستشفاء من كبار السّنّ يجب عندئذٍ أخذ الحيطة والحذر. إذ تصدّر المتحوِّل الجديد قائمة الإصابات خلال أسبوعين فقط، بعد السيطرة على 17% منها في الولايات المتحدة، وفقاً لمركز السّيطرة على الأوبئة CDC في حين حصد 40% من الإصابات في بريطانيا. وتسبّب برفع حالات الاستشفاء بنسبة 12%”.
تابع كلامه بالقول: “إلا أنّ توقّعات الأطبّاء في العالم مقلقة إذا ما قورنت بالوضع اللبناني. إذ يُتوقّع انتشار كبير للمتحوِّل الجديد من دون التخوّف من أن تشكّل موجة الإصابات المتوقّعة ضغطاً على المستشفيات في البلدان حيث نسب التلقيح عالية وتتجاوز 70%. ولكن في لبنان، بحسب أرقام منظمة الصحّة، تبلغ نسبة الأشخاص الملقّحين من المقيمين بشكل تامّ (جرعتين) 47% فقط، وهو ما يشير إلى عدم الوصول إلى المناعة المجتمعيّة الكاملة على الرغم من مرور 4 سنوات على الجائحة، إضافة إلى أنّ الإقبال على اللقاح الخاص بفيروس كورونا يقارب صفراً الآن في لبنان”.
ارتفاع الإصابات 80 %
قالت منظمة الصحة العالمية إنّ عدد الحالات التي رصدت على مستوى العالم ارتفع بنسبة ثمانين في المئة على مدى شهر، مع مليون ونصف مليون إصابة إضافية من العاشر من تموز حتى السادس من آب.
ونقلت صحيفة “الإندبندنت” عن خبراء اعتقادهم أنّ سوء الأحوال الجوّية والرطوبة وضعف المناعة كانت من أسباب انتشار هذا المتحوِّل الجديد. وهناك عامل آخر قد يسهم في انتشار “إيريس” هو أنّ معظم الأشخاص تجاوزوا الآن 18 شهراً منذ تلقّوا آخر لقاح لهم، وأنّ غالبية الأشخاص مرّت عليهم عدّة أشهر منذ إصابتهم الأخيرة بكورونا، وبالتالي يمكننا أن نرى الموجة تنمو بشكل أسرع في أيلول المقبل.
من جهته، رأى أستاذ علم الفيروسات بجامعة “واريك” البروفيسور لورنس يونغ، في تصريح نقلته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، أنّ الارتفاع الحالي في عدد الحالات الجديدة يُعزى إلى سوء أحوال الطقس خلال الصيف وتفشّي هذا المتحوِّل الجديد في أرجاء القارّة الأوروبية، وآسيا، وأميركا الشمالية. فيما حذّرت اليابان من أنّها تتعرّض حالياً لـ”موجة خامسة” من تفشّي الوباء العالمي.
أشارت “فوربس” إلى أنّ الفيروس يظهر بشكل متزايد في اختبارات مياه الصرف الصحّي في الولايات المتحدة، وهو ما يشكّك في الأرقام المعلنة للإصابات، إذ يُحجم الناس بشكل متزايد عن إجراء الاختبار أو الإبلاغ عن الإصابة.
ما أعراضه؟
“إيريس” هو من سلالة “أوميكرون”، ولذا أعراضه الخمسة الأكثر شيوعاً هي نفسها أعراض متحوِّل “أوميكرون”:
– سيلان أو انسداد الأنف.
– صداع وإرهاق.
– عطس وسعال.
– التهاب في الحلق.
– فقدان حاسّة الشمّ.
*”إيريس”: هي آلهة الشقاق واللوعة والفوضى في الأساطير اليونانية القديمة. وطبقاً للأسطورة اليونانية، فإنّ “إيريس” لم توجّه إليها دعوة لحضور زواج ملكي دُعيت إلى حضوره الآلهة اليونانية الأخرى، فقامت “إيريس” بقذف تفّاحة في حفلة العرس جعلت الآلهة الأخرى تتنافس للاستئثار بها، فاندلعت حرب طروادة الشهيرة.