يزرع الزعتر في موسمين خلال السنة: الموسم الشتوي، ويكون ذلك من منتصف شهر ايلول الى منتصف شهر تشرين الثاني. والموسم الربيعي، ويبدأ من منتصف شهر شباط الى منتصف شهر آذار، ويقطف على مرحلتين: في الأولى يكون اخضر، ويدخل في السلطات والمقبلات كما سائر أنواع الخضر، وقد يصنع منه كبيسا لحفظه مدة أطول، او الزعتر المسحوق الذي يدخل في عمل المناقيش.
وتمتد هذه المرحلة من أواخر شهر آذار لتنتهي في بداية تموز. بالإشارة الى ان عملية قطافه ليست سهلة كما يظنها البعض، بل تحتاج الى التأني والصبر والمثابرة، لان النبتة الواحدة تظل تفرّخ باستمرار طوال المدة التي تنمو فيها. لذا المطلوب من المزارعين التحلّي بالخبرة الكافية لمعرفة الجزء الذي يمكن قطفه.
ينمو الزعتر البري في الطبيعة، خاصة في المناطق الجبلية ويتميز برائحة عطرية ذكية وقوية تفوق طِيْب الزعتر العادي، كذلك الامر بالنسبة لفوائده ومنافعه وسماته الصحية والطبية.
ويعتبر الزعتر البري نعمة ربانية، ورزقا مربحا ومنتجا وغير مكلف نسبياً، كونه يخرج من باطن الارض بلا اسمدة او اهتمام، وعلى البلديات ان تنتبه الى الافراد الدخلاء على هذا المجال، الذين يغالبون المزارعين والمزارعات على لقمة العيش ويسابقونهم الى الحقول ويقومون باقتلاعه من «الكعب» بدلا من قطف الأوراق، فلا يعود ينمو في السنة المقبلة.
الموسم بدأ
تنتشر المزارعات الجنوبيات والمزارعين في مناطق عيتيت والبازورية – شرق صور في البراري والاودية والتلال وعلى ضفاف الأنهر، لقطاف الزعتر بنوعيه البلدي المزروع في الخيم البلاستيكية، او البري الذي ينمو بين الصخور وفي السهول وأطراف البلدات. وكلاهما يشكلان مصدر رزق آخر للأهالي، حيث يباع الكيلو الواحد من دون إضافة السمسم والسماق بـ 10 دولار أميركي. وفي حال طلبه الزبون مع إضافات يتراوح سعره بين 15 و20 دولارا.
وأوضحت وسيمة من بلدة المعشوق ان قطاف الزعتر البري بدأ منذ حوالى الشهر تقريبا في منطقتها المحاذية للبرج الشمالي من صور. وقالت لـ «الديار»: «النسوة يتجمّعن في الاحياء عند الثالثة فجرا أي قبل بزوغ الضوء، حيث تأتي سيارة اجرة اتفقن مع سائقها مسبقا، ويقوم الأخير بنقلهنّ الى المناطق الجبلية مثل البازورية وزبقين ومعركة ووادي جيلو، وهذه الأماكن معروفة بفائض الزعتر فيها، وعند الساعة الثانية عشرة ظهرا تعود النساء الى منازلهن محملات بكميات كبيرة جدا منه».
كيفية صنعه
وشرحت وسيمة طريقة تحضير الزعتر فقالت «يتم فرط الورق وتنظيفه من الأعشاب والاتربة، ومن ثم تجفيفه في الشمس من خلال مدّه على الاسطح وشرف المنازل لمدة قد تتجاوز الـ 15 الى 20 يوما ريثما ييبس تماما، ومن ثم تقوم النسوة «بدق أوراقه» بعصا حتى تصبح ناعمة جدا فتُغربل وتُفرز».
أضافت «يخلط مع السماق والسمسم، او يباع بلا إضافات الى المطاحن او سكان الــبلدة والجوار، الذين يقومون بتموينه للأكل وصناعة المناقيش، والبعض يضيفه الى اللبنة البلدية، وطــعمه لذيذ جدا، وهكذا تكسب السيدات قوتهنّ بعرق الجبين».
واشارت الى «انه يُعاد تعسيفه وتشميسه مره ثانية ليصبح جاهزا للبيع، ومعظم المواطنين لا يشترونه مع إضافات نظرا الى ارتفاع سعر كل من السمسم والسماق، كما ان موسم الأخير لم يكن واعدا هذه السنة، اما السمسم فيتم جَلْبه من صيدا كونه يباع بأقل سعر من صور، وبلا هاتين المادتين يباع بحدود الـ 1,200,000 ألف ليرة لبنانية وقد يصل الى المليون ونصف».
ولفتت وسيمة «الى انه من المهم ان نعرف ان ســعر منقوشــة الزعــتر البلدي يتراوح ما بين 70 الى 80 الفاً، بينما سعر العادية فحوالى 40 الفاً».
فوائد الزعتر
منافع الزعتر جمّة، وبحسب الاختصاصي في التغذية طه مريود، «فانه يحتوي على كمية وفيرة من فيتامين (أ)، وهذا العنصر مهم جدا لجهة سلامة الاغشية المخاطية وللمحافظة على البصر والجلد والشعر»، وقال لـ «الديار»: «يمتلك الزعتر فيتامين (ب)، الذي يعمل على سلامة الجهاز الهضمي والعصبي، وفيتامين (ج) الذي يساهم في التئام الجروح ويحمي من امراض الشتاء كالرشح والانفلونزا»، ويوجد فيه نسبة من الحديد اللازم لتكوين «الهيموغلوبين» والكالسيوم والفسفور، وهي عناصر مهمة لبناء العظام والاسنان ولحمايتها، كما يعالج التهابات الحلق، اللوزتين والاذن والبشرة وعلاج فعّال لحب الشباب»، كما يحد من الاسهال وأوجاع البطن كونه يضم مواد مطهرة».
وتابع «تتوافر في الزعتر مادة «الثايمول» التي تعمل على طرد الــغازات من الأمعاء، وتســهّل الهضم، وتخفف آلام السعال، ومضادة للتــشنجات»، واكد ان «الزعتر يحــسّن المزاج ويساعد في زيادة الشهية، ولا يجب ان ننــسى أهميته في مجال تقوية المناعة كونه يشتمل على فيتامين (أ) و (ج)، أضف الى كل ما تقدم، هو مصدر غني بالمغنسيوم والزنك والبوتاسيوم والحديد».
مضار قليلة
واشار مريود الى «ان الأشخاص الذين لديهم حساسية، عليهم تجنب شم أوراق الزعتر المعطرة لما قد يؤثر سلبا في هذه الفئة، خاصة أولئك الذين يعانون من الجيوب الانفية وحساسية فصل الربيع، كذلك الامر بالنسبة الى المصابين بداء الربو، وطبعا هذا لا يشمل كل الافراد».
واكد « ان الاكثار من تناوله قد يتسبب باضطرابات في المعدة، ويؤدي الى الشعور بالغثيان وتشنجات معوية».
وفي الخلاصة، أوضح طه «انه من النادر حدوث مكروه عند تناول الزعتر سواء الأخضر او المسحوق إذا كان ذلك ضمن الكميات المعتدلة».