أخبار عربية

صفقة الغاز المصرية الإسرائيلية: مكاسب اقتصادية أم مخاطر استراتيجية؟

أعلنت حكومة العدو مساء الأربعاء أنها أقرّت أكبر اتفاقية لتصدير الغاز في تاريخها مع مصر، بعد توقيعها بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الطاقة إيلي كوهين. تنصّ الصفقة على تزويد السوق المصرية بنحو 130–131 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي على مدى نحو 18 عاماً، بقيمة إجمالية تُقدّر بحوالي 112 مليار شيكل (نحو 35 مليار دولار)، بحسب تصريحات نتنياهو.

ومن المتوقع أن تُدرّ على الخزينة الإسرائيلية حوالي 58 مليار شيكل من الضرائب والإتاوات بالإضافة إلى الإيرادات الحالية من قطاع الغاز.

وأكدت تل أبيب أن الاتفاق ليس اقتصاديًّا فقط، بل يحمل أبعاداً استراتيجية تهدف إلى تعزيز العلاقات مع القاهرة وترسيخ مكانة الكيان كمزود إقليمي للطاقة. ومع ذلك، يستلزم تنفيذ الصفقة استثمارات كبيرة في البنية التحتية داخل الكيان تُقدّر بنحو 15–16 مليار شيكل لتوسيع قدرة حقل ليفياثان وتحديث خطوط النقل.

وجاءت الموافقة بعد مفاوضات طويلة تناولت مخاوف من تأثيرات التصدير على الإمدادات المحلية وأسعار الكهرباء، إذ يعتمد الغاز حالياً على توليد نحو 70% من الكهرباء في الكيان. وردّت حكومة العدو بآليات حماية للمستهلك، أبرزها أولوية تلبية احتياجات السوق المحلية قبل التصدير.

كما تضمنت تفاصيل الصفقة ضوابط لتسعير الغاز محلياً، مثل التزام الشركات بخيارات تسعير متنوعة وتحديد سقف سعري مرتبط بمعدّل التضخم، إضافة إلى توسيع صلاحيات مفوض النفط بوزارة الطاقة بدءاً من عام 2032 للسماح له بخفض حجم الصادرات لأسباب تتعلق بالإمداد أو المنافسة.

وفي سياق متصل، أبدت شركة الكهرباء الإسرائيلية دهشتها من تصريحات وزير الطاقة بشأن ضمانات التوريد المحلي، مشيرة إلى عدم وجود بنود ملزمة واضحة في الاتفاق، بينما تستمر خلافات قانونية مع شريك في حقل تمار قد تؤثر على أسعار الغاز.

رغم تأكيد حكومة العدو على أن الصفقة توازن بين العوائد الاقتصادية والدبلوماسية وأمن الطاقة، يحذّر منتقدون من أن تصدير كميات كبيرة من الغاز قد يزيد الاعتماد على الواردات مستقبلاً أو يدفع بأسعار الكهرباء إلى الارتفاع إذا لم تُكتشف حقول جديدة.

وأشارت مجموعات معنية بالطاقة مثل حملة “لوبي 99” إلى أن الضغط من شركات الغاز أسهم في الموافقة على التصدير الكامل المتفق عليه، مع إجراءات لحماية التسعير التنافسي وحق “الدولة” في خفض الصادرات مستقبلاً، لكنها أعربت عن أسفها لأن القرار تم قبيل صدور توصيات لجنة مراجعة سياسة الغاز.

وعلى الرغم من إعلان حكومة العدو أن الصفقة تمثل فائدة اقتصادية واستراتيجية، فإن الانتقادات لا تزال قوية داخل الكيان. منظمات مجتمع مدني ونقابات منتقدة للحكومة قالت إن تل أبيب استسلمت لضغوط شركات الغاز ووافقت على تصدير كميات ضخمة من الموارد الذاتية قبل إجراء مراجعة كاملة لسياسة الغاز، محذرة من أن آليات الحماية قد لا تكون كافية لمنع خطر الاعتماد المستقبلي على واردات الطاقة وارتفاع أسعار الكهرباء أو نقص الغاز محليًا في السنوات القادمة.

كما تحذر تقارير اقتصادية من أن الكيان قد يواجه نقصًا في الغاز خلال العقود المقبلة إذا ضُخت كميات كبيرة في التصدير، الأمر الذي قد يضطر “الدولة” إلى العودة للاستيراد أو سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار الكهرباء، وأن الحكومة التزمت بكميات تصدير تساوي نحو عقد كامل من الاستهلاك المحلي بدون تدقيق كافٍ في الاحتياطيات المستقبلية.

إضافة إلى ذلك، أثارت الصفقة احتجاجات شعبية في مصر، حيث عُبر عن رفض لاستخدام موارد الطاقة الوطنية في التعامل مع “دولة يحتل أجزاء من الأراضي الفلسطينية”، معتبرين أن ذلك يمثل خضوعًا سياسيًا واقتصاديًا، ويضع سيادة البلد وقدرته على تأمين الطاقة في المستقبل موضع تساؤل.

RT

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع "صدى الضاحية" بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى