مقالات
«داعش» يواصل انبعاثه: بالمرصاد لـ«المفرّطين بالشريعة»

يُعدّ الهجوم الذي نفّذه مسلّح متشدّد، أعلنت الولايات المتحدة أنه ينتمي إلى تنظيم «داعش»، ضدّ قوّة عسكرية أميركية في تدمر، في حال تبنّاه التنظيم، الهجوم الأكبر للأخير في موقع يخضع لسيطرة السلطات الانتقالية، وذلك بعد سلسلة من الهجمات الصغيرة، تمثّلت آخر حلقاتها باغتيال عنصر تابع لـ«وزارة الدفاع» في إدلب، قبل نحو أسبوعين.
ويأتي الهجوم، الذي جاء هذه المرّة عبر «اختراق داخلي»، كون منفّذه عنصراً في «الأمن العام» التابع لوزارة الداخلية، بعد حملة لاذعة شنّها التنظيم ضدّ الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إثر انضمام دمشق إلى «التحالف الدولي ضدّ داعش».
فحينها، اعتبر التنظيم أنّ الشرع، «فرّط بالشريعة مقابل الدعم الأميركي»، واصفاً لقاء الرئيس الانتقالي بالرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بـ«الانحدار».
في المقابل، جاء هجوم تدمر بعد إعلان السلطات الانتقالية تنفيذ سلسلة عمليات مشتركة مع «التحالف الدولي»، استهدفت «خلايا تنظيم داعش»، وفق بيانات وزارة الداخلية، وشملت مناطق متعدّدة في جنوب البلاد وشمالها.
وترافقت تلك العمليات مع حملة إعلامية تهدف إلى تأكيد مضيّ السلطات الانتقالية قدماً في «محاربة التنظيم»، وهو ما شدّد عليه وزير الدفاع، مرهف أبو قصرة، حين قال في لقاء تلفزيوني إنّ قواته تحارب «داعش» «منذ عشر سنوات»، وفق تعبيره.
وتكشف قراءة مسار عمليات التنظيم، توسّعاً عمودياً وأفقياً في نشاطه. فبعد أن اقتصر هذا النشاط في الربع الأول من العام الحالي على تنفيذ عمليات اغتيال وشنّ هجمات خاطفة ضمن مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، تظهر خريطة الهجمات في الربعين الثاني والثالث من العام نفسه، اعتماد «داعش» على تنفيذ عمليات عبر استخدام عبوات ناسفة، مع توسيع نطاق العمل ليشمل مناطق في شمال البلاد ووسطها.
أمّا في الربع الرابع، فقد بلغ التنظيم مرحلة تطوّر تكتيكي متقدّم، عبر تنفيذ هجمات مركّبة تجمع بين العبوات الناسفة والأسلحة الرشاشة والقذائف، مع اعتماده على غرفة عمليات مرنة، قادرة على تنفيذ ضربات نوعية متزامنة في أكثر من موقع، وفق تقرير موسّع نشره موقع «نون بوست» التحليلي.
وفي الوقت الذي استفاد فيه التنظيم من انهيار النظام السابق وما رافقه من تفريغ للسجون، أتاح فرار أعداد كبيرة من عناصره، بالإضافة إلى استيلاء مجموعات منه على أسلحة تركها الجيش السوري المنحلّ، وشكّل انضمام السلطات الانتقالية، التي تضمّ في صفوفها فصائل متشدّدة وأجنبية، فرصة إضافية للتنظيم لتجنيد مزيد من المقاتلين في صفوفه.
إذ استغلّ «داعش» مخاوف متزايدة لدى الفصائل المتشدّدة والأجنبية، من مآلات التعاون بين السلطات الانتقالية والولايات المتحدة، وما يحمله ذلك من «تهديد وجودي» لها، فضلاً عن الإشكالات «الشرعية» المرتبطة بالتعاون مع واشنطن، التي تُعدّها الكثير من تلك الجماعات «عدوّاً كافراً».
بشكل عام، يكشف هذا المشهد عن تعقيدات كبيرة في ملف «داعش»، أبرزها صعوبة تحديد هيكلية واضحة للتنظيم الذي يتّبع سياسة «القطيع المنفرد» في التخطيط لهجماته وشنّها.
وتضاف إلى ذلك، أزمة ثقة تتعلّق بالقوات التي من المفترض أنها تحارب التنظيم (قوات وزارتَي الدفاع والداخلية)، والتي كشف الهجوم الأخير عن اختراق كبير في صفوفها، ربما يفسح المجال أمام «داعش» لشنّ مزيد من الهجمات في المستقبل.
يُشار إلى أنه أمس، قُتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وأُصيب عنصر خامس بجروح إثر قيام مسلّحين بإطلاق النار عليهم في مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي.
المصدر: جريدة الأخبار (عامر علي)
المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع "صدى الضاحية" بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.



