كتبت “اللواء” تقول: على بُعد أيام من عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان- إيف لودريان الى بيروت، بعد حشد عربي ودولي لتأييد مهمته في لبنان، الرامية الى توفير الظروف الضرورية «لإقامة حوار هادئ بين فرقاء لا يتحدثون مع بعضهم البعض». بتكليف الرئيس ايمانويل ماكرون، استمع الحشد الرسمي بممثليه النيابي والسياسي والحكومي والدبلوماسي والروحي الى كلمة السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، التي حملت رسائل للمسؤولين والكتل والنواب، وتضمنت هذه الرسائل ما يمكن وصفه «بالتوبيخ» والتأنيب، وهي تتحدث بالمناسبة، قبل ترك منصبها في بيروت، حيث اجرت كشف حساب لما عاشته في مدى 3 سنوات منذ وصولها الى لبنان عام 2020.
قالت غريو: اكتشفت عندما جئت دولة غائبة، كانت وما زالت، وصارحت اللبنانيين: لبنان ليس على ما يرام، معتبرة ان البلد لم يتجاوز الازمة.. «والاستقرار الحالي خادع».
إذا ما وضعنا جانباً المساعدات الكبيرة التي تقدمها الجالية اللبنانية والمجتمع الدولي.
وتحدثت عن اقتصاد غير رسمي «يتمدّد ويتعمم» ويتغذى من الترسيخ المتزايد لعملية التبييض وللجريمة المنظمة التي تنتشر في كافة انحاء المشرق، بدفع من سوريا التي اصبحت «دولة مخدرات».
وأشارت الى ان «نموذجكم المالي والاقتصادي بات منهكاً».
وتساءلت الى أيّ حدّ يمكن الصمود، فلبنان يخسر وكأنه يتعرض للبتر، متهمة النظام بأنه «غير قادر على ان يتجدّد».
واشارت غريو الى ما وصفته «بالاستخفاف والزبائنية، والاتجار غير المشروع والفساد.. وما ينخر لبنان اليوم هو الخوف من عدم العثور على الدواء ودفع قسط ولد في المدرسة وتأمين القوت له..
واعتبرت ان المخاوف هذه تتغذى من الازمة الاقتصادية، وتوقف المؤسسات عن العمل، فلا رئيس يُسمع صوت لبنان على الساحة الدولية، والشرق الاوسط يشهد تطورات كبرى والحكومة لا تعنى الا بتصريف الاعمال والبرلمان لم يعد يشرع، انه شلل مميت للبنان.
وإذ اعادت غريو، بعد مضبطة الاتهام للطبقة السياسية التذكير بالدور الفرنسي، كشفت ان اقتراح وساطة لودريان هو خطوة تهدف إلى جمع بلدان المنطقة والمجتمع الدولي التي ما زالت تهتمّ بمستقبل لبنان، وقد أصبح وجودها نادراً.
كما ترمي إلى توفير الظروف الضرورية لإقامة حوار هادئ بين فرقاء لا يتحدثّون مع بعضهم البعض علماً أنه يقع على عاتقهم جميعاً إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة ليعملا لمصلحة لبنان واللبنانيين.
الهدف ليس الحلول مكانهم بل محاولة مواكبة إعادة إطلاق عجلة مؤسساتكم، فهذا شرط مسبق لا بدّ من توافره لكبح إنهيار لبنان ودولته.
وفي إشارة الى دور المساعدات الفرنسية للحؤول دون تفاقم الانهيار، تساءلت السفيرة الفرنسية: ما كان ليصُبح عليه وضع لبنان اليوم لو أنّ فرنسا إستسلمت، ولو أنّ إلتزامها إلى جانبكم، بمساعدة من دول صديقة، تلاشى وتوقفّ ؟
أين كنتم اليوم لو أنّ فرنسا لم تحتضن، مع شركائها، قواكم الأمنية؟ لو أنّ قوات اليونيفيل، التي تضمّ 700 عسكري فرنسي -وأنا أوجّه لهم تحيةّ تقدير وثناء- لم تكن تؤمّن الّاستقرار في جنوب لبنان ؟
أين كنتم اليوم لو أنّ فرنسا لم تحشد جهود المجتمع الدولي ثلاث مرّات متتالية لتجنّبكم إنهياراً عنيفاً تحت وطأة الإفلاس المالي وتدهور الليرة والإنفجار في مرفأ بيروت؟
أين كنتم اليوم لو أنّ فرنسا لمّ تهبّ على وجه السرعة لدعم مدارسكم كَيلا تغلق أبوابها، لا سيمّا المدارس الخاصّة، والمسيحيّة منها بشكل خاص، التي تستقبل حوالي ثلثي التلاميذ اللبنانيين ؟
أين كنتم اليوم لو لم تساهم فرنسا في تمويل عمل المستوصفات والمستشفيات وبرامج الأمن الغذائي كي يستمرّ اللبنانيّون الذين يعانون من الأزمة بالحصول على رعاية صحّيّة ذات جودة وتغذية صحيحة؟
أين كنتم اليوم لو لم تحافظ فرنسا على مساحات لحريّة التعبير والإبتكار والنقاش واللقاء عبر إعادة إطلاق مهرجانات الكتاب والسينما والموسيقى في جميع أنحاء لبنان؟
أين كنتم اليوم لو أنّ الشركات الفرنسية قلّصت أعمالها وتخلّت عن فرَِق العمل المحليّة فيها؟ لو أنّ بعض الشركات الفرنسية العالمية لم تراهن على لبنان لكي يكون لكم على الأقلّ مرفأ يستأنف نشاطه وإمكانيّة الحصول يوماً على موارد غازيةّ، في حين لم يعد أيّ مستثمر دولي يؤمن بلبنان «كعلَامة فارقة» بالمعنى الإقتصادي للكلمة؟
يشار الى أن غريو، كشفت عن إسم خلفها الجديد هارفي ماغرو، سفير فرنسا لدى تركيا حالياً، والذي سيتولّى مهامه بدءاً من اول شهر آب المقبل. وقد ودعت غريو ابناء الجالية الفرنسية في لبنان برسائل نصية واعلنت عن اسم السفير الجديد.
سياسياً، شددت مصادر سياسية على أن اي مبادرة فرنسية قد تطرح في خلاصة المشاورات والاتصالات التي يجريها الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان مع اللجنة الخماسية وعدد من المعنيين، لعقد طاولة حوار بين الاطراف السياسيين، لحل الازمة في لبنان، لا بد أن يسبقها اولا، الاعلان عن جدول اعمال الحوار وتمحوره حول انتخاب رئيس للجمهورية، وابداء كل طرف من الاطراف عدم تمسكه بتأييد اي مرشح رئاسي مسبقا، ما يسهل كثيرا تجاوز الصعوبات والرفض لانعقاد الحوار الموعود، وثانيا عدم شمول الحوار مناقشة المسائل والقضايا الخلافية، كاعادة النظر بالنظام السياسي، او تعديل الطائف.
ولاحظت المصادر في الدعوات التي تصدر عن الثنائي الشيعي للحوار مع المعارضة تحولا غير مكتمل للتنازل عن دعم ترشيح فرنجية للرئاسة، من خلال اعتبار الحوار للتوافق على موضوع الرئاسة، من دون الاعلان عن سحب دعم ترشيح فرنجية، في حين ان اكمال الدعوة للتوافق بالبحث عن مرشح رئاسي توافقي، يعني سحب تأييد ترشيح رئيس تيار المردة، ما يمهد الطريق ويسقط اعتراضات ورفض المعارضة على القبول والمشاركة بالحوار لحل مشكلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
واثارت المصادر الى ان تمسك الثنائي الشيعي بدعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان مقابل مطالبته المعارضة بالتخلي عن مرشحها للرئاسة الوزير السابق جهاد ازعور، في اطار الدعوة للحوار لانهاء مأزق الفراغ الرئاسي، ليس منطقيا، ولا يساعد على تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وإنما يقف عائقا كبيرا امام انعقاد اي شكل من أشكال الحوار ، وقالت ان المطلوب ان يتساوى الطرفان في سحب مرشحهما، او بالاستمرار بدعم ترشحهما من ضمن الاسماء المرشحة المطروحة على طاولة الحوار، واما ان يتم سحبهما مسبقا، لابداء حسن النية، والتأكيد بان الحوار، ليس لفرض مرشح الثنائي الشيعي، بل للبحث والنقاش عن مرشح توافقي مقبول من معظم الاطراف السياسيين.
وفي السياق، أوضحت مصادر سياسية لـ«اللواء» أن الأسبوع المقبل يرسم صورة عن المعطيات المتصلة بالاستحقاق الرئاسي في ضوء الاجتماع الخماسي ولفتت إلى أن هناك ارجحية في أن تصطدم المهمة الجديدة للموفد الرئاسي الفرنسي بشروط بعض الأفرقاء في الداخل لاسيما إذا كانت المبادرة تنطلق من اجراء الحوار، مشيرة إلى أن الملف الرئاسي يحتاج إلى تفعيل.
وأعربت هذه المصادر عن اعتقادها أنه ما بعد الاثنين المقبل يتضح مسار ملف حاكمية مصرف لبنان بعد جولة مباحثات النائب الأول للحاكم وسيم منصوري، في حين أن أي جلسة جديدة لمجلس الوزراء لا تزال مجهولة الموعد
إلى ذلك رأت المصادر أن الحوار الجديد بين حزب الله والتيار الوطني الحر لن يذهب سريعا في اتجاه تبني شخصية للرئاسة والمفاوضات بينهما ستتركز على ملف الرئاسة ومشروع رئيس الجمهورية.
وفي المعلومات ان مسألة الخيارات المصرفية في ضوء وضعية صيرفة المقبلة، لجهة تعديلها أو إلغائها، هي النقطة المحورية في الاجراءات الجديدة المرتقبة.
وافادت مصادر متابعة للملف الرئاسي ان لو دريان أرجأ زيارته الى بيروت لمواكبة اجتماع الدوحة، لكن حسب الوقائع والمواقف اللبنانية تبدو اي اقتراحات او تسويات خارجية غير قابلة للصرف بسهولة نتيجة تمسك الاطراف بمواقفها وما لم تقتنع بالحلول المطروحة، حتى اللقاء الذي جمع رئيس التيار الحر جبران باسيل الاثنين الماضي برئيس لجنة الارتباط في حزب الله وفيق صفا لم يصل الى نتيجة حاسمة، بدليل ما اعلنه امين عام الحزب السيد حسن نصر الله يوم الاربعاء من تمسك بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. لذلك توقعت المصادران يطول امد الشغور الرئاسي.
وفي موقف جديد قال البطريرك الماروني الكاردينال بشاره بطرس الراعي خلال تدشين كنيسة مار شربل في اهدن، التي تبرع بتكاليف تشييدها طوني حميد فرنجيه وعائلته: الكنيسة بعنصرها البشريّ مجتمع منظّم فيه سلطة وقانون لا يعلو عليهما أحد من رأس الكنيسة الحبر الأعظم بابا روما إلى آخر مؤمن معمّد. وبذلك هي صورة للدولة ونموذج. لكنّنا في لبنان تُهدم السلطة بعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة، على الرغم من وجود مرشّحين إثنين أساسيّين ظهرا في آخر جلسة انتخابيّة. ولسنا نفهم إلى الآن لماذا تمّ تعطيل الدورة التالية الدستوريّة، ولماذا لم يعد يدعى المجلس النيابيّ إلى إكمال دوراته، فيما المؤسّسات العامّة تتساقط الواحدة تلو الأخرى، والشعب يزداد فقرًا وقهرًا، وتدبّ الفوضى وتكثر الرؤوس، والأزمة الماليّة والإقتصاديّة والتجاريّة تتفاقم.
وتساءل: لمصلحة من تحتجز رئاسة الجمهوريّة عندنا رهينة؟ ومن يحرّرها؟ ومن له السلطان على بتر رأس الدولة؟ أين الدستور وأين القانون، وأين العدالة؟ بالنسبة إلينا، فإنّا ندين ونشجب كلّ هذا الإداء والتعطيل والتطاول على الدستور والقانون، والدولة واللعب بمصيرها ومصير شعبها.
لقاء الناقورة
ولإحتواء التطورات المقلقة في الجنوب، عقد اجتماع عمل مشترك في السرايا الكبير بين الفريق اللبناني ممثلا بممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية وقيادة الجيش والفريق الدولي ممثلاً بممثلين عن قيادة اليونيفيل.
ويأتي هذا الاجتماع عشية اللقاء الثلاثي في الناقورة الاثنين بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي بوساطة الامم المتحدة وتم خلال الاجتماع مناقشة الخروقات الاسرائيلية، في ضوء الشكوى اللبنانية سواء في قرية الغجر (الجزء الشمالي) او عند الحدود في المطلة والبياضة وصولاً الى مزارع شبعا المحررة.
بالمقابل، أكّد رئيس ما يسمى «منتدى بلدات خط المواجهة» في شمالي فلسطين المحتلة موشيه دافيدوفيش، لـلقناة الـ «13» العبرية، أنّ تقديراته تُفيد بأنّه «سيكون هناك مئات، وربما آلاف القتلى، من جرّاء صواريخ حزب الله».
وكشف دافيدوفيش للقناة أنّ سكان مناطق شمالي فلسطين المحتلة، يعيشون حالة من القلق الكبير، وقال: أنا لا أنام جيداً في الليل، كذلك كل سكان خط المواجهة، ما يحدث في الفترة الأخيرة هو ظاهرة لم نعهدها، بحيث تجري استفزازات متكررة من جانب عناصر حزب الله، والسكان هنا ليسوا فقط منزعجين، بل هم قلقون.
وتطرق إلى ضعف التحصينات، والتي تناولها مسؤولون في كيان الاحتلال الإسرائيلي في تصريحاتٍ سابقة، مضيفاً: أن الأخطر أنّ السكان غير محصنين، ومن لديه غرفة محصنة ومن ليس لديه، فعليه أن يصلي كي لا تحدث هنا حرب.
احال وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال هنري خوري النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان غادة عون الى التفتيش القضائي، على خلفية مشاركتها في مؤتمر دعاها الى حضوره البرلمان الاوروبي، بحجة عدم الحصول على اذن بالسفر.
وقبل مثولها امام رئيسة التفتيش القضائي، تحدثت عون عن اضطهاد تتعرض له، وقالت على «التويتر»: «أسوأ عن هيك ما في!».