لم يكن الجواب الذي أتانا رداً على سؤال حول المبلغ الذي يمكن أن ندفعه لجراحة ليد عمي الذي تعرّض لحادث منتظراً.
صحيح أننا كنا نتوقّع أن الكلفة ستفوق قدرتنا على الدفع، لكن الـ 2500 لم تكن من ضمن حساباتنا. لذلك كانت الصدمة «عمومية»، واستلزم الأمر بعض الوقت لنستفيق من هولها، إذ إن كلفة بتر لأوتار في اليد باتت تُحتسب بمئات وآلاف الدولارات بسبب غياب التغطية الصحية وعجز الصناديق الضامنة.
كنا قد توجّهنا إلى مدخل الطوارئ حيث استقبلنا الأطباء بـ«قلة خلق».
جلس عمي على كرسي للضيوف، وأنا واقف بجانبه أحمل «المصل».
مرّ وقت طويل ونحن على تلك الحال، ننتظر سريراً وطبيباً جراحاً يكشف على المريض.
بعد طول انتظار، حضر الطبيب أخيراً وعاجلنا بصدمة أخرى: الحالة بحاجة الى طبيب تجميل، ولا يوجد طبيب بهذا الاختصاص في المستشفى، وحتى لو تأمّن الطبيب، ليس هناك مكان لإجراء العملية.
بعد الصدمة المزدوجة، وقليل من الإسعافات الأولية، كان لا بد من الخروج من الباب نفسه الذي دخلنا منه، لنبدأ رحلة بحث عن مستشفى خاص و«رخيّص وكويّس».
تركت الأزمة ندوباً واضحة على المستشفى الأكبر في العاصمة، والذي يعاني من نقص حادّ مزدوج: في الأمكنة وفي عدد الأطباء الذين هجروه بسبب تدني أجورهم.
أدّى ذلك إلى تقليص خدمات بعض الأقسام بشكل كبير، وإلى شبه إقفال لأقسام جراحة الأعصاب وجراحة القلب والجراحة التجميلية. ويوضح مصدر في المستشفى أن بعض الأقسام لا أطباء اختصاص فيها لبعض العمليات، و«المستشفى اليوم يتكل على الأطباء المقيمين وعلى طلاب اختصاص الطب في الجامعة اللبنانية المتدربين الذين لا يتقاضون أجوراً كأجر الطبيب المختص أو الجراح»، لافتاً إلى أن «الخلل في طريقة عمل المستشفى أدّت إلى الاتكال على هذه الفئة لرعاية المرضى، في حين أن المختصين لا يمرون على المستشفى إلا لفترة وجيزة وأحياناً لا يحضرون».
أما نقص الأمكنة فلا يُقصد به الغرف، بل مستلزماتها ومعداتها وفريق العمل اللازم للاعتناء بالمريض.
وبسبب نقص الأدوية والمستلزمات، وقلة العمال والضغط الكبير على المستشفى، «يحدث أن ينتظر المرضى في ممرات قسم الطوارئ ساعات طويلة من دون أن يحظوا بنعمة الدخول».