مقالات

استدعاء أماني يفتح باب التساؤلات حول أداء «الخارجية»

أثار قرار وزير الخارجية والمغتربين، يوسف رجّي، استدعاء السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني، على خلفية تصريح له عبر منصة «إكس» اعتبر فيه أن «مشروع نزع السلاح هو مؤامرة ضد الدول»، موجة من الجدل السياسي والإعلامي في لبنان.

لم يأتِ تصريح السفير الإيراني على ذكر لبنان بشكل مباشر، بل ورد ضمن سياق عام تناول السياسات الدولية تجاه قوى المقاومة والتسلّح في عدد من الدول. لذلك، يمكن اعتبار أن رد فعل الوزير رجي جاء متسرّعاً، خاصة أن الموقف الإيراني تزامن مع مفاوضات غير مباشرة بين طهران وواشنطن، تتناول ملفات حساسة من بينها الصواريخ الدقيقة، ودعم الجماعات التي تصنّفها الولايات المتحدة «عدوّة».

ازدواجية في التعامل؟

الخطوة التي أقدم عليها وزير الخارجية تجاه الدبلوماسية الإيرانية، وضعت أداء الوزارة تحت مجهر الانتقاد، ولا سيما في ظل صمتها عن مواقف وتصريحات أميركية وسعودية تُعتبر تدخلاً مباشراً في الشأن اللبناني الداخلي، وفق ما يرى منتقدو السياسة الخارجية الحالية.

ففي وقت لم تُسجَّل فيه أي تحرّكات مماثلة تجاه تصريحات لمسؤولين أميركيين، من بينهم نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس التي دعت صراحة إلى «نزع سلاح حزب الله»، أو المتحدثة باسم الخارجية الأميركية التي اعتبرت أن «من حق إسرائيل الرد داخل لبنان»، يُطرح تساؤل حول المعايير التي تعتمدها وزارة الخارجية في تحديد مواقفها وتحركاتها.

تصريح المتحدّثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس بعد قصف أحد المباني السكنية في الضاحية الجنوبية لبيروت التي اعتبرت فيه أنّ «من حق إسرائيل الرد في لبنان»، وهو ما يُعد تبريراً علنياً للاعتداء على بيروت، وخرقاً للمواثيق الدولية، فلماذا لم يستدعِ رجي السفيرة الأميركية لدى لبنان؟

تجاهل الاعتداءات الإسرائيلية

كما وُجّهت انتقادات إلى الوزارة لعدم إصدار أي موقف رسمي يدين الخروقات الجوية والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي تطاول مناطق لبنانية، من الضاحية الجنوبية إلى الجنوب والبقاع. وذهب البعض إلى حدّ اعتبار أن هذه المقاربة الانتقائية تعكس انحيازاً سياسياً واضحاً ضد «محور المقاومة»، ومحاولة لتكريس سردية أحادية في السياسة الخارجية اللبنانية.

وفي هذا السياق، يُذكّر خبراء في القانون الدولي بأن المادة 41 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 تنص بوضوح على «واجب أعضاء البعثات الدبلوماسية عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة المعتمدة لديهم»، وهو مبدأ يجب أن يُطبق على جميع السفارات دون استثناء، بما فيها البعثات الأميركية والغربية، التي صدرت عنها تصريحات تُعدّ تدخلاً صريحاً في الشأن اللبناني، دون أن تقابل بأي رد فعل مماثل من قبل وزارة الخارجية.

هذا فضلاً عن أن الوزارة، في عهد رجي، تغفل عن واجباتها في توثيق الاعتداءات ورفعها إلى المحافل الدولية، وتُظهر حماسة استثنائية فقط عندما يتعلّق الأمر بالمواقف المرتبطة بحزب الله

هذا النهج يتّضح أكثر من خلال التعامل الانتقائي مع التصريحات والمواقف الدولية. فبينما سارعت الوزارة إلى إصدار موقف صريح ضد كلام السفير الإيراني، لم تُصدر حتى اليوم أي إدانة أو اعتراض رسمي على ما تتعرّض له البلاد من خروقات جوية يومية، واعتداءات إسرائيلية طاولت مناطق لبنانية عدة، من الضاحية الجنوبية لبيروت وصولاً إلى جنوب لبنان والبقاع.

ولم يبادر أيضاً وزير الخارجية اللبناني إلى تقديم أي شكوى أمام مجلس الأمن حول خروقات إسرائيل، ولا حتى توثيق الانتهاكات المتكررة التي تشهدها المناطق الجنوبية.

وسط هذه الانتقادات، برزت دعوات لإعادة تصويب البوصلة الدبلوماسية اللبنانية بما يضمن التزام الوزارة بمبدأ السيادة الكاملة، وعدم الانخراط في صراعات المحاور. كما طالب منتقدون بتبنّي سياسة خارجية متوازنة تدافع عن لبنان أمام جميع أشكال التدخل، سواء جاءت من الشرق أو الغرب، ومن أي طرف إقليمي أو دولي

حسين صبرا _ الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى