أخبار لبنان

الجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع ومعهد الأصفري يناقشون “دليل أكسفورد لعلم اجتماع الشرق الأوسط”

نظّم معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة في الجامعة الأمريكية في بيروت، بالتعاون مع الجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع، مناقشة حول كتاب “دليل أكسفورد لعلم اجتماع الشرق الأوسط”. شارك في الندوة نخبة من الأساتذة الجامعيين والباحثين والمهتمّين، بالإضافة طلاّب دراسات عليا من معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية وطلاّب من الجامعة الأميركية.

أدارت الندوة منسّقة لجنة الأنشطة العلمية وشبكة العلاقات مع الأعضاء في الجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع والأستاذة المساعدة في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية الدكتورة هلا عواضة، وبدأت المناقشة حول الكتاب بمداخلة قيّمة عرّفت فيها بالكتاب وبمحاوره، إضافة إلى أهدافه، وتوقّفت عند مصطلح الشرق الأوسط كما استعرضها محرّرو هذا الكتاب وهم الباحثون أرماندو سلفاتوري وساري حنفي وكيكو أوبوس.

ورأت عواضة أنّ هذا الدليل المؤلف من 42 فصلا، يقدم مساهمة جادّة في تطوير الفهم المتعلّق بعدد من القضايا المرتبطة في صميم مجال علم الاجتماع في منطقة شاسعة أصبحت تعرف بالشرق الأوسط. ولفتت إلى مشاركة 44 باحثا من الدول العربية والأوساط الأكاديمية العالمية في إعداده، معتبرة أنّه طرح مراجعات منهجية ونظرية جادة حول القضايا التي تناولها.

ويقدّم الكتاب وفقا للباحثة هلا عواضة، قراءة في قضايا الصراعات والتحوّلات الاجتماعية التي تناوبت على المنطقة. كما يتناول المحطات المفصلية للعلوم الاجتماعية العربية تحديدا في مجال البحث الاجتماعي العربي بعد ما يسمى بالربيع العربي. كما يخصص الكتاب جزءًا من صفحاته لقراءة الاستعمار منذ بداياته وإرثه وأشكال استمراريته بمنهجية سوسيو تاريخية، مظهرا آليات التحكم المستمرة رغم زوال الاستعمار المباشر. إضافة إلى قضايا كثيرة يصعب حلها، كتقديم الأبعاد السوسيولوجية المتعلّقة بسؤال فلسطين بدءا من وعد بلفور وصولا إلى صفقة القرن، مرورًا بمسألة الدولة والمجتمع والمؤسّسات الربحية والقطاع الثالث، والمؤسسات غير الربحية (التطوّعية)، ويعتني أيضا بالأسلمة والعلمنة والتعليم والهجرة والعمالة والدين والمدينة ومشكلات الشباب والديموغرافيا والجندر.

بالموازاة، قدّم أستاذ علم الاجتماع ومدير مركز الدراسات العربية والشرق أوسطية، ساري حنفي مداخلة تناول فيها قضايا متعلّقة بالتحرير وتنويع المشاركات في هذا الكتاب، إضافة إلى قراءة حول إنتاج المعرفة العربية في المنطقة العربية وما رافقها من تغيير مع ما يسمى بالربيع العربي.

وقال حنفي “إنّ العمل على الكتاب استغرق أربع سنوات، أصرينا خلالها على إشراك باحثين من تخصّصات مختلفة، لإيماننا بأهمية البينية بين الاختصاصات في إنتاج معرفي عن منطقة، لذا كان للباحثين في الأنثروبولوجيا والسياسة حصة في هذا الكتاب”.

وأشار إلى الدور الذي قاموا به كمحررين في خلع الخصوصية والمقاربة الجوهرانية عن الشرق الأوسط، وذلك من خلال مواجهتهم للفكرة التي تستثني منطقة الشرق الأوسط لأسباب ثقافية، ودينية، وغيرها، كون هذا الاتجاه برأي حنفي ضد مفهوم ماهية العلوم الاجتماعية.

ورأى مدير مركز الدراسات العربية والشرق أوسطية أنّ الإنتاج المعرفي السوسيولوجي بالمنطقة كوني ومحلي. بحيث يوجد اتجاهين يحاولان التخريب على النموذج النقدي المحلي الكوني، وهما المبالغة بالحس ما بعد الكولونيالي، مقابل الدعوة لإنتاج نظريات محلية، أمّا الاتجاه الثاني هو تأصيل المعرفة.

بدوره، قدّم منسق التوظيف والقبول في معهد الدوحة للدراسات العليا الدكتور علي جبريل، مراجعة للكتاب من خلال التركيز على الفصل الأول منه، والذي يتناول تعامل علم الاجتماع الغربي مع مجال الشرق الأوسط. معتبرًا أنّ هذا الفصل بالإضافة إلى فصل الدكتور ساري حنفي يوفّران خلفية معرفية نقدية تمكّن القارئ الاستفادة بأكبر طريقة ممكن من بقية فصول الكتاب.

وأضاف جبريل في مداخلته “يطرح سيلفاتوري وأبوس مسألتين أساسيتين مترابطتين تتعلّق الأولى بدور علم الاجتماع في بناء الشرق الأوسط بصفته فضاءً جغرافيًا ومجالا بحثيًا كذلك” فيما تتعلّق المسألة الثانية “بأثر هذا الدور في تشكيل المعالم الرئيسية للسوسيولوجيا الغربية ذاتها”.

كذلك شاركت في المناقشة أيضا الأستاذة المساعدة في علم الاجتماع الدكتورة ريما ماجد التي كانت قد قدمت فصلا في الكتاب بعنوان “دفاعا عن المقاربات السوسيولوجية للمسألة الطائفية: ما بعد المنظور المبني على مفهوم المجتمعات ذات الانقسامات العميقة”.

ينظر هذا الفصل وفقا لماجد في مسألة الطائفية وكيفية إنتاج المعرفة بالحقل السوسيولوجي عن المسألة الطائفية. وعن مضمون الفصل قالت ماجد “حاولت مراجعة الأدبيات المنشورة خاصة باللغة الإنجليزية والمجلات الدولية المحكّمة، فوجدت غيابا كبيرًا لهذا الموضوع في النقاشات السائدة على مسرح العلوم الاجتماعية، وخاصّة في العقدين الأخيرين”. ولفتت ماجد إلى الغاية من هذا الفصل، المتمثّلة في الدعوة لتطوير الدراسات الطائفية، ولإدخالها في مقارنات مع مجمّعات أخرى لإخراجها من الاستثنائية التي يتم مقاربتها عند التطرّق لموضوع الطائفية في العالم العربي، وذلك من أجل تطوير المعرفة السوسيولوجية العالمية حول هذا الموضوع.

من جهتها، ناقشت مديرة المنتدى الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية -مدار-الدكتورة هنيدة غانم، الفصل الذي شاركت فيه بالكتاب، وقالت: “تتّبعت التطوّر ثمّ التحوّل في مسألة فلسطين بالتركيز على عملية العلاقة الجدلية ما بين إقامة المشروع الصهيوني ومحو فلسطين، بما يشمل المكان واللغة والخطاب”.

ورأت غانم أن الحديث اليوم عن فلسطين عند الإشارة لها بالكتابة، هو فعل سياسي من جهة، وعملية محاولة انتشالها من تحت ركام الاستعمار من جهة ثانية. وأضافت “الكتابة عن فلسطين بوصفها ليس فقط قضية تصوّر معيّن لمكان موجود تحّول تدريجيا من مكان محسوس وملموس، ولكن أيضا بكونها مكانا كان الحاضنة للشعب الفلسطيني بوصفها الجامع ما بين الإنسان والوطن في هذه البنية التي تسمى فلسطين”.

في ختام الندوة فُتح المجال أمام المداخلات من قبل الحضور، وأثمر النقاش عن مزيد من التفاعل العلمي من خلال تسليط الضوء على افتراضات متعلّقة بالموضوعات المتناولة.

المصدر:العهد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى