في خطوة أثارت الجدل عالمياً، فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية شاملة على منتجات من مختلف دول العالم، ما أشعل حرباً تجارية مع الصين، وترك الدول العربية في موقف المراقب الصامت، دون ردود فعل تُذكر، رغم التداعيات الاقتصادية العميقة.
ترامب، الذي وُصف في تقارير إعلامية غربية بأنه “الرئيس الأكثر إثارة للجدل”، برر هذه الخطوات بأنها تصب في صالح الاقتصاد الأميركي، وتهدف لتعويض خسائر داخلية، خصوصاً في ملف اللاجئين والبنية التحتية داخل مدن أميركية كبرى مثل لوس أنجلوس.
ووفق تقرير نشرته صحيفة The New York Times، فإن إدارة ترامب استخدمت الرسوم كأداة ضغط لفرض سياسات تخدم أولوياتها الاستراتيجية، لا سيما في مواجهة الصين، التي قابلت القرار الأميركي بفرض رسوم مضادة، لتتسع بذلك رقعة الصراع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.
غياب الرد العربي:
الدول العربية المنتجة للنفط، رغم تأثرها الغير مباشر بهذه الرسوم، إلا أنها لم تُظهر أي محاولة لمعادلة الكفة أو فرض رسوم على السلع الأميركية بالمقابل. ويصف الخبير الاقتصادي اللبناني د. فؤاد عبود هذا الموقف بقوله: “هناك افتقار للقرار السيادي الاقتصادي في العالم العربي، خصوصاً في ما يتعلق بعلاقته مع الولايات المتحدة التي تُعدّ الضامن الأمني لكثير من هذه الأنظمة”.
ويتابع: “حتى في ظل الأزمة، حرصت واشنطن على استثناء صادرات النفط من الرسوم، لضمان استمرار تدفق النفط العربي بأسعار متدنية تخدم السوق الأميركي، وهو ما يعكس سياسة الهيمنة الاقتصادية الأميركية في المنطقة”.
إيران وكوريا الشمالية خارج اللعبة:
على النقيض، تبدو دول مثل إيران وكوريا الشمالية في مأمن من هذه الإجراءات، نظراً لغياب التبادل التجاري والدبلوماسي مع واشنطن منذ عقود. ووفق ما نشرته BBC News Arabic، فإن البلدين “لا يتأثران بالحرب الجمركية نظراً للعقوبات والعزلة الاقتصادية التي فرضها الغرب عليهما”.
الاستثناء الإسرائيلي:
اللافت أن إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة الأولى في المنطقة، لم تطلها أي من هذه الرسوم. ويؤكد المحلل السياسي الأميركي جوناثان مارك في مقابلة مع CNN: “ترامب لطالما اعتبر إسرائيل امتداداً استراتيجياً للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ومن الطبيعي أن تكون محمية من هذه السياسات الاقتصادية العدوانية”.
إذا اسرائيل هي الصديقة الوحيدة لوحش البيت الأبيض
بينما تستعر الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، وتغيب الاستقلالية عن القرار الاقتصادي العربي، يبقى السؤال:
هل تجرؤ الدول العربية على كسر حاجز التبعية، ومواجهة السياسات الأميركية بسياسات مقابلة؟ أم أن الطاعة ستبقى الثمن المفروض لضمان البقاء السياسي؟.