مقالات
لا أمان في الساحل: الأهالي يفضّلون العراء

عاد الهدوء الحذر ليخيّم، تدريجياً، على مدن الساحل السوري وقراه، بُعيد أيام ستة على المجازر الدموية التي شهدتها المنطقة الساحلية. إلا أنه وعلى الرغم من إعلان وزارة الدفاع السورية، في حكومة تسيير الأعمال المنتهية ولايتها، انتهاء “العملية العسكرية”، إلا أنّ شهود عيانٍ من مناطق متفرقة، من مثل ريف صافيتا وقرى ريف بانياس وريف القرداحة وريف القدموس، أفادوا، في أحاديث إلى “الأخبار”، بأن الفصائل الموجودة على الأرض لم تنسحب بعد، وهو ما يعرقل عودة الناجين من المجازر إلى قراهم ومنازلهم، وتقديم المنظمات الإنسانية والإغاثية المساعدة العاجلة التي تحتاج إليها المنطقة.
ومساء الإثنين، كانت قد دخلت فصائل مسلحة، عند حوالي الساعة الحادية عشرة، إلى قرية السلاطة، وعمدت إلى إطلاق الرصاص العشوائي، ما أدى إلى نزوح العائلات في اتجاه البراري، طبقاً للمصادر نفسها، التي تابعت أن الفصائل أحرقت، كذلك، منازل القرية، وسرقت بعض المحالّ. “رأينا ألسنة النار وهي تتصاعد من منازلنا الحجرية القديمة، نجونا بأجسادنا فقط، أما أرواحنا فحُرقت كما بيوتنا وأراضينا”، بحسب ما يقول شاهد عيان لـ”الأخبار”.
ودفعت الممارسات المشار إليها بعدد كبير من أهالي القرى إلى رفض العودة إليها، وتفضيل البقاء في البراري. وفي هذا السياق، يقول محمد، وهو من بين السكان، إنهم “يخشون التعرض للغدر من الفصائل مرة أخرى”، مشيراً إلى أن العودة تتطلب “توفر ضمانات حقيقية، كي يشعر الناس بالأمان”، ولا سيما أن “ما عاشه الأهالي مؤلم وقاسٍ”، فيما تلك الضمانات لا تزال غير متوفرة.
أما حي القصور في بانياس، فكان يشهد، صباح أمس، حركة خفيفة، بعدما دخلت بعض العائلات إلى منازلها لتفقدها وجلب بعض الحاجات، قبل العودة مساءً إلى الأماكن التي تحتمي فيها منذ “مذبحة الحي”، وسط استمرار انقطاع التيار الكهربائي وإغلاق كل المحالّ المحروقة ومؤسسات الدولة.
وحصلت “الأخبار” على فيديو مصوّر من حي القصور، يوثّق المحالّ المسروقة والمحروقة على امتداد “شارع دوار الهاي فود”. وفيما استطاعت بعض العائلات انتشال جثامين أبنائها من الطرقات، بقيت أخرى محتجزة داخل المنازل.
ومن جهته، يلفت مصدر محلي من قرية حريصون في ريف بانياس، إلى أن الفصائل ركّزت، في سرقاتها، على الهواتف المحمولة، بهدف حذف ما وثّقه الناس من جرائم. وعلى الرغم من توجيه السلطات نداءات عبر مكبّرات الصوت، في قرية بارمايا في ريف بانياس، إلى أهالي القرية للعودة إلى منازلهم، إلا أن معظمهم رفضوا ذلك، بسبب عدم توافر مقوّمات الأمان والحياة فيها. وعلى غرار بانياس، شهدت جبلة المدينة حركة خفيفة، بالتزامن مع بدء ضخ المياه عبر المولدات إلى أحيائها، بعد انقطاع استمر أربعة أيام. أما الكهرباء، فظلت مقطوعة، على خلفية تعرض الشبكة في المدينة إلى تخريب واضح.
أفادت مصادر محلية بأن الفصائل الموجودة على الأرض لم تنسحب بعد