إنه «الاثنين الأزرق» أو كما يُطلق عليه أيضاً «الاثنين الكئيب»، وهو ثالث يوم اثنين من شهر كانون الثاني (يناير).
ووفقاً لاختصاصي علم النفس البريطاني كليف أرنال، فهو اليوم الأكثر كآبة في السنة.
في عام 2005، تواصلت شركة السياحة والسفر البريطانية «سكاي ترافل»، مع أرنال، لصياغة حملة ترويجية تهدف إلى جذب عدد أكبر من السيّاح.
قام أرنال بتحديد أكثر الأيّام كآبةً في السنة، كجزء من خطة لجذب الزبائن إلى السفر في هذا اليوم بهدف الترفيه عن أنفسهم والتغلّب على شعورهم بالحزن.
صاغ أرنال رؤيته الخاصة بالحالة المزاجية السيئة، عبر اعتماده على عوامل عدة، منها: المناخ البارد الذي يقضي على الشعور بالدفء، وقصر الأيام الشتائية وافتقارها إلى أشعة الشمس، والديون التي يبدأ الموظفون بإدراكها بعد انتهاء مدة الأعياد وتأثيرها في الراتب الشهري، وانخفاض مستوى التحفيز.
إضافةً إلى ذلك، في هذا الوقت من السنة، تبدو الأعياد القادمة بعيدة جدّاً.
بناءً على هذه العوامل، قرر أرنال اختيار الاثنين الثالث من السنة، ليكون اليوم الأكثر كآبةً، وأطلق عليه تسمية «الاثنين الأزرق».
نشرت الفكرة في بيان صحافي صدر عن شركة «سكاي ترافل»، التي لم تعد موجودة الآن، إذ أعلنت إفلاسها في عام 2015.
مع ذلك، فإن الحجج التي استُعملت لتبرير نظرية أرنال، لا تزال غير مدعومة علمياً حتّى الآن.
وقد تعرضت رؤية أرنال للكثير من الانتقادات من قبل الاختصاصيين في علم النفس ورفض عدد من الأكاديميين نظرية «الاثنين الأزرق» ووصفوها بأنها مجرد «هراء».
نفى كريج جاكسون، المتخصص في علم نفس الصحة في جامعة «برمنغهام سيتي» (إنكلترا)، وجود أي دليل بحثي موثوق يثبت بأنّ «الاثنين الأزرق» هو أكثر كآبة من أي يوم آخر.
واعتبر جاكسون أنّ «الطريقة الوحيدة التي يمكن عبرها النظر إلى هذا التاريخ على أنه أكثر إحباطاً من غيره، هو ترويج وسائل الإعلام الرئيسية له، ما ينعكس سلباً على نفسية الناس».
واتفق معه ستيفن باكلي، رئيس قسم المعلومات في منظمة «مايند» الخيرية للصحة العقلية، الذي اعتبر أنّ «مصطلح «الاثنين الأزرق» يسهم في تعزيز المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالاكتئاب، ويقلل من أهمية هذا المرض الذي قد يهدد الحياة».
كما أشار دين بورنيت، المتخصص في قسم الطب النفسي وعلم الأعصاب السريري في جامعة «كارديف» إلى أنّ هناك «عدداً من الأسباب التي تجعلنا نعتقد أنّ معادلة الاثنين الأزرق مجرد هراء، أولها أنّ المعادلة لم تولد نتيجة دراسات نفسية أُجريت في مختبر متخصص وموثوق».
في عام 2013، تحدث أرنال إلى صحيفة «ذا تليغراف» البريطانية، وحثّ البريطانيين على «دحض فكرة الاثنين الأزرق»، معترفاً بأنّ لا أساس علميَّ صارماً لصيغته. ومع ذلك، ظلّ هذا اليوم «حدثاً سنوياً» في بريطانيا ودول أُخرى، حيث يستمر الناس جدياً في اعتبار الاثنين الثالث من شهر كانون الثاني أتعس يوم في السنة، وتستغله الشركات التجارية لتحقيق المبيعات.
انضم «الاثنين الأزرق» إلى باقي المناسبات الرأسمالية، التي تُستغل لزيادة المبيعات وتحقيق أرباح ضخمة.
في تقرير نشرته صحيفة «إندبندنت»، تبين أنّ شركات التسويق في المملكة المتحدة تعتبر «الاثنين الأزرق» فرصةً ذهبية للبيع، مستفيدة من الافتراض القائل إنّ «الجميع بائس في هذا اليوم المحدد، وبالتالي لا بد من تحسين المزاج».
في هذا اليوم، عادةً ما تشهد المتاجر في المملكة المتحدة، عروضاً خاصة لتشجيع المواطنين على الشراء والخروج من حالة الكآبة، كما يُعلن عن صفقات لبيع الأطعمة ومنتجات العلاج العطري، وعلاجات التجميل، وخطط الحمية الغذائية، وغيرها من المنتجات والخدمات.
وتستفيد بعض المنظمات المعنية بالصحة النفسية من هذا اليوم، لتحوّله إلى يوم للتوعية حول عوارض الكآبة ومخاطرها وغيرها من الأمراض العقلية والنفسية.