يسابق جيش الاحتلال الوقت في ارتكاب المزيد من المجازر في قطاع غزة، مع تزايد فرص التوصّل إلى صفقة تبادل أسرى تتوقّف بموجبها الحرب، إذ إن النسق الذي تسير عليه عمليات الاغتيال يتجاوز المبرّرات العسكرية، إلى الرغبة الجامحة في الانتقام من كل ما له صلة بحركة «حماس» أو بفصائل المقاومة من أطباء ونشطاء اجتماعيين ورؤساء بلديات وأساتذة جامعات وحتى عناصر تأمين المساعدات الذين أضحوا هدفاً يومياً.
وتفتح ساعات المساء شهية الطائرات الحربية للقتل، فتبدأ حفلة الدماء التي لا تنتهي حتى مطلع الشمس.
وفي ليلة الأربعاء – الخميس، طاولت المجازر ثلاث عائلات في جباليا البلد وحي الدرج شمال القطاع، حيث قضى أكثر من 10 مواطنين في استهداف منزل لعائلة النجار في شارع غزة القديم، و15 آخرون من عائلة الزيتونية، و6 من عائلة الزرد.
لكنّ هؤلاء الشهداء هم فقط من استطاع الأهالي وطواقم الإسعاف انتشال جثامينهم من تحت الأنقاض.
أما بالنسبة إلى المفقودين الذين يُعتقد بأنهم استشهدوا، فالقوائم تطول كثيراً.
في باحة مستشفى «المعمداني»، حيث يودّع الفاقدون أقاربهم الشهداء، تتزاحم الحكايات المتشابهة.
أحمد هو طفلٌ لم يتجاوز عمره الأشهر الخمسة، ولد في الحرب واستشهد فيها، فيما نجا عجوز من عائلة النجار، من تحت الركام، وقال إن عائلته كلها استشهدت، وتمنّى من الله أن ينهي بدمائهم حمام الدم، فيما كان أحد الغزيين يهذي مخاطباً شقيقه الشهيد: «سلّم على أمك وأبيك وأخواتك البنات». هكذا، باتت الأشهر الأخيرة من الحرب تجمع شمل العائلات في الشهادة.
ويقول رجل تجاوز الستين من عمره كان يجلس على عتبة مقابل جثامين أحفاده الشهداء إن «أحداً من شهداء الشهر الخامس عشر للحرب، لن يشعر بالوحشة والغربة في السماء.
طوّب الله للغزيين أرضاً من الجنة».
وإذا كان الليل يفتح شهية العدو على المجازر، فلم يكن نهار أمس هادئاً، حيث قصفت الطائرات الحربية مدرستي إيواء في حي التفاح شرق مدينة غزة، ما أودى بحياة 15 نازحاً وأصاب العشرات بجروح.
كما أغارت الطائرات على مجموعة من المواطنين في حي جباليا البلد، ومجموعة أخرى في مخيم الشاطئ، وثالثة في حي الشيخ رضوان، وقصفت أيضاً سيارة مدنية في شارع صلاح الدين شرق مدينة غزة.
وتسبّبت كل تلك الغارات في استشهاد نحو 50 مواطناً وإصابة العشرات.
أما في المناطق المحاصرة شمال القطاع، فقد كثّف جيش العدو من عمليات نسف الأبنية السكنية وتفجيرها، وارتكب جريمة بحق مجموعة من النازحين الذين حاولوا الخروج من المخيم في اتجاه مدينة غزة.
ووفقاً لشهود عيان، فإن عائلة مكوّنة من خمسة مواطنين سلكت الطريق الذي حدّده جيش العدو للنزوح من المناطق المحاصرة بالقرب من موقع الإدارة المدنية شرق جباليا، فهاجمها جيش الاحتلال بصاروخ من طائرة مُسيّرة، ما تسبّب في استشهاد ثلاثة مواطنين وإصابة آخريْن.
وفي المقابل، تواصل الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة صناعة الملحمة، حيث أعلنت «كتائب القسام» أن أحد مقاوميها تمكّن من طعن ضابط وثلاثة جنود إسرائيليين واستولى على سلاحهم، قبل أن يعود أدراجه سالماً إلى وسط مخيم جباليا.