كتبت صحيفة “اللواء”: على مرمى حجر من جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بدا للمعنيين ان الظروف والمعطيات الاقليمية والدولية تتغير بسرعة، ولم تستقر على حال، على طريقة «أحجار الدومينو».
ومع متغيرات الترشيحات والانسحابات او الانتظارات، بدا ان مساراً معقداً بدأت تأخذه المعركة الرئاسية، وتوقعت مصادر نيابية مطلعة ان تتحول جلسة الانتخاب الى دورات متتالية، مع مقاربات متعددة لتدوير الزوايا، وتعزيز التحالفات او الخيارات.
وتوقفت مصادر سياسية مطلعة عبر «اللواء» عند سلسلة تطورات تتصل بالمشهد الرئاسي ولاسيما موقف رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية الذي أعلن خروجه من السباق الرئاسي وقوله نريد رئيسا بحجم الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما يحمله، وقالت أن الحزب التقدمي الإشتراكي أعلنها صراحة بشأن ترشيح قائد الجيش وهو موقف ينسجم مع ما أعلنه في وقت سابق في لائحة الترشيحات.
ولفتت المصادر إلى أن امتناع البعض عن الإفصاح عن الترشيح يهدف إلى انتظار الفرصة المناسبة وتوحيد التشاور.
وتحدثت عن إمكانية ارتفاع الأصوات الداعمة لقائد الجيش في الأيام المقبلة إذا بدأت الكتل بإعلان دعم الترشيح، معلنة أن الأيام المقبلة ستشهد تزخيما لعملية التشاور.
وقالت أن مواقف البعض ما تزال مبهمة وتنتظر بروز معطيات محددة..
وهذا ما جعل المشهد يحمل متغيرات، وإن لم تكن مفاجئة فإنها أرست مساراً رئاسياً مغايراً، فاقترب مرشح الموالاة النائب السابق سليمان فرنجية من الخروج من السباق لصالح شخصية تحدث تحولاً ايجابياً في لبنان، وإن لم يعلن انسحابه في لقائه ليل امس مع «خلية النازحين» في تيار المردة.
واستطرد فرنجية أنّه «حينما طرحت نفسي لرئاسة الجمهورية كان ذلك انطلاقاً من مشروع لحلّ مشكلة البلد»، متابعاً:«حينما سأتراجع عن ترشيحي لرئاسة الجمهورية فإنه لا يمكننا الذهاب إلى جلسة 9 كانون الثاني الرئاسية من دون إسم».
وأكّد أنّه «مُستمر بترشيحي لرئاسة الجمهورية وأنا مُنفتح على أي اسم يتلاءم مع المرحلة».
وأوضح أنّه «طرحنا سلَّة أسماء لرئاسة الجمهورية ولن ندخل بها الآن لكنَّ تركيزنا هو على معايير الرئيس العتيد»، مؤكداً أنّه «نريد رئيساً لديه حيثية»، متابعاً:«نريدُ رئيساً مش على قد الكرسي بل بدنا رئيس على قد الموقع ويعمل على نقل لبنان إلى مرحلة جديدة».
ولم يتأخر اللقاء الديمقراطي، الذي يستعد رئيسه السابق النائب السابق وليد جنبلاط لزيارة دمشق الاحد المقبل من المجاهرة بتأييد انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، من زاوية ضرورة انتخاب الرئيس في جلسة 9 ك2.
وسارعت مصادر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل للردّ على ترشيح اللقاء الديمقراطي بالقول: مش جنبلاط يللي بيرشح عن المسيحيين، هيدا هنري حلو تاني..
وافادت بعض المعلومات أن موقف اللقاء الديموقراطي ستتبعه مواقف مشابهة تباعاً، فالكتلة السنية او اغلب نواب السنة في البرلمان سيدعمون ترشيح قائد الجيش و«التكتل النيابي المستقبل» سبق له وأن أعلن دعمه له.
وقالت إن «إعلان الديمقراطي ترشيح عون يأتي بعد عودة جنبلاط من باريس ونقله رسالة إلى بري مفادها أن القوات الدولية تدعم وصول قائد الجيش».
كما تسرّب حسب المعلومات ان اجتماع نواب المعارضة امس في بكفيا رفض تبني ترشيح العماد عون، معتبرين انه من ضمن الاسماء المطروحة لكن لا توافق نهائياً حول ترشيحه او ترشيح غيره. وتسربت معلومات ايضاً مفادها ان نواب المعارضة قد يلجأون الى فرط نصاب الجلسة بعد الدورة الاولى اذا لم تكن الاجواء مناسبة لتوجهاتهم.
لكن معلومات اخرى افادت مساءً، أن «كتلة تجدد» والنواب ميشال الدويهي ومارك ضو ووضاح الصادق وكتلة الكتائب ستنضم الى الكتل المرشحة لقائد الجيش. وأن القوات والثنائي سيلتحقان بترشيح قائد الجيش ولكن في المرحلة المقبلة قبل التاسع من كانون الثاني. ولم يتم التأكد من دقة هذه المعلومات المتضاربة.
والبارز في الحراك الرئاسي امس، لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري بعضو كتلة الكتائب النائب الياس حنكش في حضور الأمين العام لحزب الكتائب اللبنانية سيرج داغر، وبحث معه في المستجدات السياسية لاسيما الإستحقاق الرئاسي وشؤونا تشريعية. بعد اللقاء، قال حنكش نقلنا للرئيس بري رسالة من رئيس حزب الكتائب الشيخ سامي الجميل والحاجة في هذه المرحلة التي نمر بها ونسير فيها بين النقاط بأن نذهب بنفس الوقت الى جلسة نهائية في 9 كانون الثاني لانتخاب رئيس للجمهورية مهما صار.
وأضاف: المطلوب بأن نخرج من هذه الجلسة، ويكون لدينا رئيس للجمهورية على مستوى التحديات التي نمر بها ويكون أيضا لديه برنامج لجمع اللبنانيين ما بعد هذه الإنتخابات.
وبعد إستقباله المرشح الرئاسي النائب نعمت افرام، استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، النائب فريد هيكل الخازن الذي اقترح فرنجية اسمه للرئاسة.
وبعد اللقاء قال الخازن ان سيد بكركي يدرك تماماً أهمية الاستحقاق الرئاسي بالنسبة للبنان وضرورة إجرائه في موعده المقرر في 9 كانون الثاني، وأن هذا الاستحقاق يجب أن يكون مثمرًا وينتج عنه انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
واضاف الخازن: وضعت البطريرك الراعي في أجواء الاتصالات التي أقوم بها بهدف تقريب وجهات النظر بين الكتل النيابية للوصول إلى توافق حول اسم رئيس للجمهورية. وليس صحيحاً أن الكتل متمسكة بمواقفها بشكل مطلق، فقد لمست في أماكن معينة وعند كتل أساسية نية للتقارب والتفاهم، وهناك استعداد للأخذ والردّ للوصول إلى اتفاق حول اسم الرئيس.
وتابع: أكدت للبطريرك ان سيكون للبنان رئيس جديد في ٩ كانون الثاني المقبل، وكل الكلام عن تأجيل للجلسة أو وجود شروط تعيقها هو كلام غير صحيح.
وحول الحديث عن قائد الجيش جوزيف عون كمرشح محتمل، قال الخازن: هناك إشكالية دستورية تتعلق بانتخابه، إذ يتطلب ذلك تعديلًا للدستور. وظروف انتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان كانت مختلفة تماماً.
ويلتقي رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميّل قبل ظهر اليوم «تكتل الاعتدال الوطني» في بكفيا وذلك في اطار لقاءات التكتل مع القوى السياسية والنيابية.
واعلن عدد من نواب المعارضة (11نائباً) في بيان بعد اجتماعهم في بكفيا: تقارب المعارضة جلسة التاسع من كانون الثاني بجدية مطلقة، وتعتبر أن التعاطي مع الاستحقاق بما يستلزم من إرادة، يجب أن يفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية يكون مقدمة لإنقاذ لبنان شرط الابتعاد عن النهج الذي كان سائداً طوال فترة التعطيل والذهاب إلى اختيار شخصية قادرة على قياس متطلبات المرحلة.
ومن هنا يؤكد المجتمعون أن أمام الرئيس المقبل مهمة احترام وتطبيق الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني والقرارات الدولية الضامنة للسيادة، واستعادة علاقات لبنان العربية والدولية ما يعيد الثقة به، وتطبيق كامل لاتفاق وقف إطلاق النار ما يحتّم حصر السلاح بيد القوى الشرعية الدستورية على كامل الأراضي اللبنانية وشمال الليطاني كما جنوبه وهو ما سيحرص المجتمعون على مراقبته عن كثب.
وإعتبر المجتمعون «ان المرحلة المقبلة هي مرحلة بناء لبنان على أسس دستورية متينة تنطلق لحظة انتخاب الرئيس بالالتزام بخارطة طريق واضحة تبدأ بمصالحة اللبنانيين مع بعضهم البعض، والانكباب مع رئيس حكومة وحكومة متجانسة تحصر بيانها الوزاري بمصلحة لبنان وشعبه وتنكب على ورشة إصلاحات بنيوية في الإدارة والاقتصاد بعد سنوات الانهيار التي شهدتها الدولة والمؤسسات، وتلتزم المالي والاقتصادي وإيقاف الفساد».
واستمر اجتماع نواب المعارضة بعد تلاوة البيان، للتعمق في درس الموقف بعد اعلان اللقاء الديموقراطي تأييده ترشيح قائد الجيش.
أردوغان لميقاتي: نراقب ضرورة التزام إسرائيل بوقف النار
إقليمياً، تبلغ الرئيس نجيب ميقاتي وقوف تركيا الى جانب لبنان ضد الاعتداءات الاسرائيلية، وشدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان امام رئيس الحكومة على ضرورة التزام اسرائيل بوقف اطلاق النار، والضغط عليها من اجل الالتزام بوعودها، ونحن سنراقب هذا الامر عن كثب.. مهنئاً الرئيس ميقاتي وعلى ما اسماه بالوقفة القيادية المتينة..
واعتبر الرئيس ميقاتي ان العلاقات الوطيدة ستفتح الابواب للتعاون والمساعدة، مشيراً الى ان العدوان الاسرائيلي على لبنان متواصل عسكرياً من خلال الخروقات اليومية لوقف اطلاق النار.
وعقد الرئيس ميقاتي اجتماعاً ثنائياً بعد ظهر أمس، قبل الاجتماع الموسع الذي شارك فيه الوزراء المعنيون من البلدين.
وكانت اقيمت للرئيس ميقاتي مراسم الاستقبال الرسمية في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، ورافقت فرقة الخيالة سيارة رئيس الحكومة حتى الباب الرئيسي للمجمع الرئاسي، حيث كان الرئيس أردوغان في استقباله.
وبعد وصول الرئيسين أردوغان وميقاتي إلى منصة البروتوكول، عزف النشيدان الوطنيان التركي واللبناني وأطلقت المدفعية 21 طلقة، ترحيبا بالرئيس ميقاتي.
وحيّا رئيس الحكومة حرس الشرف، ثم توجه والرئيس أردوغان لالتقاط الصور الرسمية أمام العلمين التركي واللبناني.
وكانت المحطة الاولى في زيارة رئيس الحكومة الى انقرة زيارة ضريح مؤسس الدول التركية الحديثة مصطفى كمال اتاتورك حيث كان في استقباله والوفد اللبناني المدير العام لادارة ضريح اتاتورك ومدير عام المراسم في وزارة الخارجية التركية.
وقد وضع الرئيس ميقاتي اكليلا من الزهر على الضريح.
لجنة الإشراف على وقف النار
وسط هذه التطورات المتسارعة وعلى وقع تمادي الاحتلال بخرق وقف النار من الجنوب الى الضاحية الجنوبية، تعهدت لجنة الاشراف على تطبيق اتقاف وقف اطلاق النار والقرار 1701 بالعمل بانتظام وتنسيق عملها «بشكل وثيق لتحقيق تقدم»، وفقاً للبيان الصادر عن سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا واليونيفيل حول الاجتماع.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد توغلت ظهر أمس في وسط بلدة بني حيان لأول مرة مستغلة وقف إطلاق النار وقامت بتهديم جدران بعض المنازل وجدران المسجد وتنفيذ تفجيرات في البلدة، برفقة عدد من دبابات ميركافا. وقام جنود العدو برمي قنابل على منازل في البلدة. كما قاموا بعمليات تمشيط واسعة بالأسلحة الرشاشة.
وفجّر الجيش الصهيوني قبل الاجتماع منازل في مناطق الناقورة لليوم الثالث على التوالي، وفي طير حرفا، والجبين وشيحين ويارون في قضاء صور وقد سمع دوي الانفجارات إلى صور. ثم عاد واكمل عمليات التفجير في الناقورة بعد انتهاء اجتماع لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف النار في مقر اليونيفيل رأس الناقورة، ثمقام مساءً بتفجيرعددٍ من المنازل في بلدتي يارون ومارون الراس.
وقال رئيس بلدية الناقورة المهندس عباس عواضة: ان العدو الاسرائيلي يقوم بتدميرٍ ممنهج للبلدة الواقعة على بُعد 3 كلم من الحدود، حيث ارتفعت نسبة الدمار الى 70% منذ سريان الهدنة، مشيرا الى أن نسبة الدمار قبل دخول الهدنة حيّز التنفيذ كان 35% تقريباً.
واستغرب عواضة عدم تحرّك قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) والجهات المعنية ولجنة مراقبة الهدنة، وعدم التدخل لمنع ما تقوم بها القوات الاسرائيلية من تخريبٍ ممنهج للبنى التحتية والمنشآت المدنية في أكثر من بلدة، وتحديدًا الناقورة التي يقع فيها مركز قيادة قوات الطوارئ الدولية.
وكان المستغرب ما اعلنه الجيش الاسرائيلي عن قيام مجموعة من المواطنين الإسرائيليين عبروا الحدود إلى الأراضي اللبنانية، وقاموا بنصب خيام في منطقة مارون الراس، في حادث اعتبره الجيش «خطيرًا» ويجري التحقيق فيه حاليًا.
وبحسب الصور التي تم نشرها والشعارات التي رُفعت، ظهر أفراد المجموعة وهم يحملون لافتات مكتوب عليها باللغة العبرية «لبنان لنا!»، يتوسطها علم إسرائيل وإلى جانبه صورة شجرة الأرز اللبنانية.