لم تتفرغ الدول المعنية بصياغة المشهد الجديد في المنطقة بعد للملف الرئاسي اللبناني.
فالتطورات الدراماتيكية المتسارعة وآخرها في سوريا، جعلت هذا الملف ثانويا بالنسبة للاعبين الكبار، خاصة وان المهلة التي تفصلنا عن جلسة الانتخاب، التي حددها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في التاسع من كانون الثاني المقبل لا تزال مريحة نسبيا، من منطلق ان التفاهم قد يحصل خلال الـ ٢٤ ساعة الاخيرة ، التي تفصل عن الجلسة، مع ترجيح تفاقم الضغوط الدولية حتى ذلك الوقت.
وفيما صدرت بعض الاشارات عن قوى المعارضة وبالتحديد عن “القوات اللبنانية” انها تتجه للتشدد في هذا المجال، متكئة على التطورات الداخلية ، وبخاصة نتائج الحرب على حزب الله كما التطورات السورية الاخيرة، التي تسعى لاستثمارها لصالحها، لم ترشح اي مستجدات من طرف “الثنائي الشيعي” الذي لا يزال يحاول استيعاب الصدمات المتلاحقة، متمسكا برفض تسليم آخر اوراقه، اي الاستسلام لارادة المعارضة، وبالتالي الارادة الاميركية، سواء بالملف الرئاسي او سواه، طالما التوازنات السياسية والبرلمانية لا تزال على حالها. وليس ما يؤكده رئيس المجلس النيابي نبيه بري امام زواره لجهة الاستمرار بترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، الا محاولة للتمسك بسقف معين، مع علمه منذ زمن ان حظوظ فرنجية ولّت الى غير رجعة.
وبحسب المعلومات لا يزال بري يحاول ان يدفع بمرشح قريب منه، فيُقنع به حزب الله كما قوى المعارضة تجنبا لتكرار تجربة الرئيس ميشال عون الذي انتُخب خلافا لارادته.
ولم يعد خافيا انه وضع على الطاولة اسماً، وان لديه اسمين آخرين يتجنب احراقهما، وسيضعهما على الطاولة في الوقت المناسب، بعد ان يتأكد بأن طريق الاسم الاول الى قصر بعبدا مقطوع تماما.
من جهته، لا يبدو رئيس “التيار التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل مرتاحا تماما لتطور الامور.
فصحيح ان ترشيح خصمه اللدود سليمان فرنجية وصل الى نهايته، الا ان ترشيح خصمه الآخر العماد جوزيف عون لا يزال متصدرا الترشيحات.
وليس خافيا ان باسيل يخشى ان دخول لبنان والمنطقة في “الزمن الاميركي” ،يرجح امكانية الضغط لفرض ترشيح عون في اللحظات الاخيرة ، خاصة وانه وفق آخر “البونتاجات” فان تأمين نحو 86 صوتا لانتخابه امر متاح في حال دخول اميركي- سعودي- قطري على الخط. ولا تستبعد المصادر ان يعود الرئيس بري للسير بترشيحه في حال استشعر هذا الكم من الضغوط. وبذلك تكون صفعة انتخاب عون اقوى على باسيل منها على حزب الله، الذي لم يخرج يوما لانتقاد عون بالشخصي كما فعل رئيس “الوطني الحر”.
من جهتها، لا تزال قوى المعارضة تبحث عن وسيلة لترجمة ما تعتبره انتصارات حققها توجهها السياسي في المنطقة في ملف الرئاسة.
وبحسب المعلومات فكل جهودها حتى الساعة لم تصل الى اي نتيجة، ويبدو انها هي الاخرى تعول على تدخل خارجي في اللحظات الاخيرة لحسم الملف بما يخدم ارادتها.
وتقول مصادرها:”قبل سقوط النظام وتوقيع حزب الله على قرار وقف النار، قدمنا مقاربتنا للتوافق والتي لا تقول بمرشح يكون على مسافة واحدة من هذا الفريق وذاك, إنما بمرشح يلتزم بالدستور وتطبيق القرارات الدولية واليوم ببنود اتفاق وقف اطلاق النار”.
وتضيف المصادر:”نحن لا نريد رئيسا نكسر فيه فريقا معينا انما رئيسا يبني دولة… نحن لا نسعى لغلبة فريق على آخر انما لغلبة مشروع الدولة”.