كتبت صحيفة “الديار”: لم تحجب زحمة الملفات والتطورات الداخلية اللبنانية، من افتتاح لجنة الاشراف على وقف اطلاق النار عملها، على وقع استمرار الخروقات الاسرائيلية، وانطلاق البحث عن المرشح الرئاسي العتيد، هيمنة الاحداث السورية المتسارعة على الاهتمام الدولي والاقليمي والمحلي، في ظل وجود العديد من التفاصيل غير الواضحة حول المرحلة المقبلة، اذ ان الاكيد الوحيد حتى الساعة ان هناك تغييرا جذريا في قواعد اللعبة في الشرق الاوسط، بدأ مع سقوط الاسد، وسيستكمل في الاسابيع والاشهر المقبلة، قبل ان تتبلور الصورة الكاملة للشرق الاوسط الجديد، الذي تعود بدايته الى عام 2006.
عزز هذا المشهد، كلام رئيس الوزراء الاسرائيلي على ان «هضبة الجولان ستصبح اسرائيلية الى الابد»، ما اثار القلق من تداعيات ذلك على امن المنطقة، في وقت تتقدم فيه القوات الاسرائيلية نحو ريف دمشق بعدما تخطت القنيطرة، على بعد 25 كيلومترا جنوب غرب دمشق، مقتربة بشكل كبير من المناطق الاستراتيجية في الجنوب السوري.
تطورات سورية
وفي موازاة تقدم العملية السياسية، في توقيت قياسي، مع انطلاق عمل حكومة المعارضة، تزامنا مع اطلاق ادارة العمليات العسكرية حملة مداهمات واعتقالات في مناطق الساحل السوري، قادتها الى اعتقال عدد من الرموز السابقين من امنيين وضباط جيش، في اللاذقية وطرطوس، تستمر اسرائيل في تنفيذ عدوانها العسكري المنسق مع القوى أميركا وروسيا وتركيا، وفي الوقت الذي وصل قائد القيادة الوسطى الاميركية الى غرفة عملياته في الاردن، قرب الحدود السورية، على خطين:
الاول، تنفيذها عملية جوية – بحرية مركبة، هي الأوسع منذ حرب الخليج الثانية، نفذ سلاح الجو مئات الغارات الجوية، في خطة تستمر لاربعة ايام بهدف تدمير المقدرات العسكرية السورية، ما ادى حتى الساعة الى تدمير سلاح المدرعات وعنابر صيانتها، القواعد الجوية من حظائر للطائرات الحربية ومخازن السلاح الخاصة بها، بما فيها اسراب الميغ 29 والطوافات، منظومات الدفاع الجوي ومراكز الرادار التابعة لها، مخازن الصواريخ المضادة للدروع، القواعد البحرية بمخازنها وقواعدها، القدرة الصاروخية الباليستية والبعيدة المدى، معامل التصنيع الحربي، مراكز الابحاث العسكرية، مقار الاجهزة الامنية والاستخبارات والمراقبة، مخازن ومقار الحرس الجمهوري.
الثاني، الاجتياح البري، بعدما سيطرت على جبل الشيخ محكمة امساكها بخط بيروت دمشق بالنار، متوغلة، حيث وصلت الى قرابة ٤٠ كيلومترا من العاصمة دمشق، في محاولة لفرض واقع جديد سيقود حكما الى ترتيبات امنية جديدة بعدما اعتبرت اتفاقية فصل القوات الموقعة عام ١٩٧٣ بحكم الساقطة، وسط مخاوف البعض من ان يكون من بين تلك الاهداف العسكرية، احكام الطوق على البقاع اللبناني، تمهيدا لاستكمال المعركة ضد حزب الله.
تقدم دفع باسرائيل الى مراجعة خطط انسحابها من لبنان، وبالتالي استمرار الخروقات والغارات، حيث تشير المعلومات الى ان حزب الله يدرس خيارات جديدة، خصوصا بعد المعلومات الواردة من طهران عن اعادة تقييم كاملة للمرحلة الاخيرة، عزز من ذلك كلام عضو كتلة الوفاء للمقاومة، النائب حسين عز الدين الذي اكد خلال الاحتفال التكريمي لمجموعة من شهداء “المقاومة الاسلامية” في بلدة العباسية ان “لصبر المقاومة حدود، فاذا لم تمارس واشنطن وباريس الضغط على اسرائيل لوقف الانتهاكات، ستتحملان المسؤولية كاملة”.
موقف حزب الله
وفيما دعا رئيس التيار الوطني الحر، من باريس، حزب الله الى “التركيز على قضايا لبنان الداخلية وليس على المنطقة الأوسع، وبالتالي أن ينأى بنفسه عن «محور المقاومة» المتحالف مع إيران».
وتقول مصادر مطلعة، ان حزب الله يراقب المشهد بهدوء، وأنّ موقفه العام الذي عبر عنه جاء محترما لرغبة الشعب السوري، مع تقديره الواضح لمشهد عدم إراقة الدماء، وهو ما دفعه الى اجراء الاتصالات اللازمة لسحب جميع مقاتليه ومسؤوليه مع عائلاتهم وعودتهم الى لبنان.
وختمت الاوساط، بان الاتفاق الإيراني – التركي، قد يكون ساهم في موقف الحزب حتّى الساعة من إغلاق طريق الإمداد الذي يمر في عمق الأراضي السوريّة، ذلك ان الحزب يجيد قواعد لعبة التوتّرات مع التنظيمات الإسلامية، «فتماما كما فصل بين موقف حماس في سوريا وموقفها في فلسطين، سيملك بلا شكّ القراءة المؤدّية إلى حسن التعامل مع الواقع الجديد على حدود لبنان».
تواصل لبناني – سوري
في غضون ذلك ووسط تحذيرات دولية من استقبال القيادات الهاربة من سوريا في لبنان، مع ما سيتركه ذلك من تداعيات خطرة على السلطة اللبنانية، ما دفع برئيس حكومة تصريف الاعمال ووزير الداخلية، الى الايعاز الى المعنيين لاتخاذ المقتضى القانوني، سجل خلال الساعات الماضية اول اتصال «غير رسمي» بين الحكومة اللبنانية وقوات المعارضة التي تولت زمام السلطة، حيث علم ان الحكومة اللبنانية، وتحديدا رئيسها قدمت الدعم والمساعدة في مسألة سجن صيدنايا دون ان تكشف عن التفاصيل، اذ اشارت مصادر مطلعة ان رئيس حكومة تصريف الاعمال تواصل مع جهات خارجية فاعلة، عمدت الى ارسال مختصين ومعدات لتنفيذ عمليات الانقاذ.
الرئاسة
التطورات المتسارعة، لم تحجب الملف الرئاسي اللبناني، الذي وضع على نار حامية املا في الوصول الى اتفاق يخرج الدخان الابيض من ساحة النجمة، حيث يصر رئيس مجلس النواب على انجاح جلسة التاسع من كانون الثاني، رغم اقتناعه بصعوبة تخطي الموقف الاميركي الذي اعلن عنه مستشار الرئيس ترامب مسعد بولس، والذي اكدت عليه اللقاءات في باريس.
وعلى هذا الصعيد علم ان خماسية باريس ستلتقي اليوم برئيس مجلس النواب نبيه بري، بعدما كان الاجتماع مقررا الاثنين، والغي نتيجة انشغال عين التينة بالتطورات السورية، بناء على اقتراح السفيرة الاميركية، قبل مغادرة اعضاء اللجنة لقضاء اجازة الاعياد الطويلة، على ان يعودوا مع مطلع العام الجديد.
موقف المعارضة
مصادر مواكبة اكدت ان المشاورات الرئاسية ستستمر حتى موعد الجلسة المقررة، وسط التوقعات بان تنتج اتفاقا بين الاطراف السياسية، يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية، بعد فترة الجمود السابقة، متوقفة عند المواقف الصادرة عن المعارضة، والتي ركزت على ان كل شخصية عليها فيتو لن يمر اسمها، وان المعارضة تفضل ان يكون الرئيس نتيجة قبول الثنائي الشيعي فالاتفاق هو الحل الافضل ولا نية لاقصاء احد، انما ضمن شروط محددة تراعي التوازنات الجديدة، التي لا يمكن لاحد تخطيها، سواء في الداخل او الخارج، وهو ما اقرت به فرنسا اخيرا، كما الرئيس نبيه بري ، الذي بات يدرك انه ما عاد بالامكان تخطي دور الادارة الجمهورية في الملف الرئاسي، مع ما يعنيه ذلك من ان الدخان الابيض لن يخرج من جلسة التاسع من كانون الثاني المقبل.
معراب – عين التينة
تكتيك عين التينة قادها الى تركيز حملاتها تجاه معراب، التي تحولت محجة للمفاوضين، اذ علم في هذا الاطار عن زيارة قام بها كل من نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي يرافقه الوزير السابق كريم بقرادوني، حيث نوقش الملف الرئاسي وتم طرح مجموعة من الاسماء، في وقت كشف فيه عن مسعى يقوم به رئيس مجلس النواب الياس بوصعب لترتيب زيارة «للحكيم» الى عين التينة، في ظل التغييرات الدراماتيكية الحاصلة، وتحول معراب الى مركز ثقل في عملية التوافق حول انتخاب رئيس.
كما اشارت المصادر، الى ان كتلة الاعتدال الوطني طورت عملها وانتقلت الى مرحلة نقاش الاسماء، في اطار جولاتها الجديدة على القيادات السياسية، وسط تحرك لافت لعدد من المرشحين الذين باشروا اتصالات مع السفارات المعنية من عربية وغربية.
خروقات جنوبية
على الجبهة الجنوبية، وللمرة الاولى بعد وقف اطلاق النار، تمركزت آليات لقوات الطوارئ مع جنود من الجيش اللبناني على مفرق عيناثا بنت جبيل جهة المسلخ. في المقابل، افيد عن غارة من مسيّرة اسرائيلية استهدفت مدينة بنت جبيل. وسُمِع دوي انفجار تبين أنه ناتج من قيام الجيش الاسرائيلي بعملية تفجير واسعة في الخيام، وهو مستمر في عملية نسف المنازل والمباني. وتمكن عناصر الدفاع المدني – صور من انتشال رفات شهيدين من بلدة شمع رغم تعرضهم لخطر المسيرة الاسرائيلية التي كانت تحلق بالاجواء. وأشارت المعلومات الى ان رتلا من دبابات ميركافا الاسرائيلية انسحب من وطى الخيام باتجاه منطقة سردا والعمرا المحاذية لبساتين الوزاني. كما أطلق الجيش الاسرائيلي نيران رشاشاته على محيط بلدة شقرا وقلعة دوبية والاودية المجاورة لبلدتي قبريخا ومجدل سلم. كما سجل سقوط عدد من القذائف المدفعية الاسرائيلية على أطراف شيحين والجبين.
هذه التطورات جاءت بعيد اجتماع اللجنة الخماسية في الناقورة، التي ناقشت آلية عملها، حيث يتوقع، في غضون الايام المقبلة، ان يكون قد اكتمل وصول الضباط الاميركيين المختصين الذي سيعاونون رئيس اللجنة الجنرال “غاسبر جيفرز”، وعددهم 15، من اجل مراقبة وقف اطلاق النار، والذين سيتمركزون في السفارة في عوكر، على ان يتمركز الفريق الفرنسي في قصر الصنوبر.