الكل يتحدث عن سوريا. الكل عربياً واقليمياً ودولياً، يقول الكثير. منذ دخول المعارضة السورية المسلحة إلى العاصمة دمشق في 8 كانون الأول/دبسمبر، عقب سيطرتها على المناطق الأساسية من حلب إلى حماه وحمص وغيرها. يقولون إن سوريا أصبحت حرة، وأن على الكل العمل في الأيام المقبلة بما يحفظ وحدتها وحقوق الأقليات فيها لبناء مستقبل مزدهر بعد كل ما مرّت به من حرب طالب عشر سنوات أعقبها قانون العقوبات الظالم “قيصر”، الذي فرضه الغرب والولايات المتحدة الأميركية التي هي نفسها بالمناسبة من أبرز من يتحدثون عن “المستقبل المشرق” للسوريين، وأنها تفكر كلّها مع الإتحاد الأوروبي بإمكانية رفع “هيئة تحرير الشام” عن لائحة الارهاب، لماذا الآن؟ لا توضيح.
وسط كل هذا الصخب لا أحد من هؤلاء يتحدث عن التطور الخطير الذي ينسف كل حديث جدي أو غير جدي، كاذب أو حقيقي، عن “مستقبل ناصع وحر” لسوريا: العدوان الاسرائيلي براً وجواً على تلك البلاد، التي تشكّل رمزاً للعروبة والمقاومة.
صمتٌ مريب ووقح، باستثناء بعض الأصوات من هنا وهناك كالمقاومة الإسلامية في لبنان، أو الجمهورية الإسلامية الايرانية، تجاه ما يحدث من عدوان، بعد أن قرر رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو من تلقاء نفسه وفي اللحظة التي أعلنت فيها المعارضة المسلحة عن “إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد”، عن انهيار “اتفاقية فضّ الاشتباك” الموقّعة مع سوريا عام 1974. بعدها، أطلق العدو العنان لأطماعه، ليبدأ فوراً عملية عسكرية لقضم مناطق في الجنوب السوري، بينها جبل الشيخ وعدد من المدن والقرى، إضافة إلى عدوان جوي واسع شمل كل مقدرات الجيش السوري تقريباً تحديداً أسلحته النوعية. فأين من يكترث لحرية سوريا؟
في التفاصيل، فقد نقلت إذاعة جيش العدو الإسرائيلي عن مصدر أمني كبير أن “الجيش دمر مقدرات الجيش السوري بأكبر عملية جوية قمنا بها في تاريخ “إسرائيل””، في حين أكدت مصادر أمنية أن “توغل “إسرائيل” العسكري في جنوب سوريا وصل إلى نحو 25 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق”.
كما ذكرت إذاعة الجيش، نقلاً عن المصدر الأمني ذاته، أن “الجيش دمر طائرات وسفناً حربية ومنشآت إستراتيجية بسوريا”، بزعم منع وصول المعارضة لها.
في السياق، نقلت “رويترز” أيضاً عن مصدرين أمنيين إقليميين أن العدو وصل إلى منطقة قطنا التي تقع على مسافة 10 كيلومترات داخل الأراضي السورية إلى الشرق من منطقة منزوعة السلاح تفصل هضبة الجولان المحتلة عن سوريا.
ودوت انفجارات صباح اليوم الثلاثاء في العاصمة السورية دمشق ومحيطها جراء غارات معادية، وذلك ضمن سلسلة استهدافات أعلن العدو أنها “تسعى من خلالها لتدمير أسلحة النظام السوري السابق”. جاء ذلك وسط تحليق طيران الاستطلاع المعادي بشكل متواصل في سماء العاصمة.
وكان مصدر أمني تابع للعدو قال مساء أمس الاثنين إن “تل أبيب هاجمت أكثر من 250 هدفاً داخل الأراضي السورية منذ سقوط نظام بشار الأسد، شملت قواعد عسكرية وطائرات مقاتلة وأنظمة صواريخ، في واحدة من كبرى العمليات الهجومية في تاريخ سلاح الجو الإسرائيلي”.
وأوضح أن “الهجوم شمل قواعد عسكرية وعشرات الطائرات المقاتلة، وعشرات أنظمة صواريخ أرض جو، ومواقع إنتاج ومستودعات أسلحة، وصواريخ أرض أرض”.
كذلك، نقلت “وكالة رويترز” عن مصدرين أمنيين سوريين قولهما إن “”إسرائيل” قصفت قواعد جوية رئيسية في سوريا، ودمرت بنية تحتية وعشرات الطائرات المروحية والمقاتلات”.
وفي السياق، استهدفت غارة جوية كتيبة الدفاع الجوي التابعة للجيش السوري في منطقة معلولا بريف دمشق. عشرات المروحيات والمقاتلات الحربية التابعة للجيش السوري دُمرت ايضاً، بعد الغارات التي استهدفت مطار المزة العسكري بدمشق خلال الساعات الماضية.
غارات إسرائيلية أخرى استهدفت ظهر الاثنين مقر الفرقة الرابعة والفرقة “105” التابعة للحرس الجمهوري ومناطق أخرى غربي العاصمة السورية.
وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء، أفادت مصادر إعلامية أن قوات الاحتلال قصفت عدداً من المواقع العسكرية في مدينة درعا جنوبي سوريا، من بينها مقر اللواء “132”، مضيفة أن القصف المعادي استهدف أغلب مخازن الأسلحة في تلك المواقع. وأحصى ناشطون أكثر من 100 غارة إسرائيلية أمس على مواقع عسكرية مختلفة في مناطق عدة في سوريا، آخرها مركز البحوث العلمية في برزة في دمشق.