دائماً عند كل محطة في لبنان يظهر من يُعرف بتجار الأزمات الذين يستغلون الظروف من أجل تحقيق أرباح إضافية على حساب مصلحة اللبنانيين ورزقهم وصحتهم وأمنهم .
والأفظع أن يستغل هؤلاء أهلنا في الجنوب والضاحية والبقاع وكل المناطق التي تضررت من الحرب الذين خسروا منازلهم بعدما خسر الكثير منهم حياته، بدلاً من أن نكون جميعاً إلى جانبهم ومساعدتهم وتقديم كل ما يمكن تقديمه كأقل تحية منا على صمودهم في أشرس حرب وعدوان همجي يشهده التاريخ الحديث .
الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي آلمه ما يحصل ورفع الصوت عالياً وناشد جميع المعنيين للمساعدة من أجل الحد من هذا الأمر، وبعد مراجعته الجهات المعنية تبين له أن مدير عام وزارة الاقتصاد الدكتور محمد أبو حيدر كان قد باشر إرسال فرق من المراقبين إلى كافة المناطق المعنية لمتابعة الأسعار وتسطير محاضر ضبط بالمخالفين منهم .
وكشف جباعي في حديثه للديار أنه فور وقف إطلاق النار ظهر أزمة كبيرة نشهدها في الأسواق وهي مرتبطة بارتفاع الأسعار بشكل كبير أهمها الارتفاع الكبير في أسعار المواد الأولية المستعملة في ترميم المباني المدمرة من زجاج وألمنيوم و كل مواد البناء بحيث وصلت نسبة إرتفاع أسعار هذه المواد إلى مئة في المئة و في بعض المناطق وصلت إلى 200% .
واعتبر جباعي أن هذا الأمر خطر جداً لأن هؤلاء النازحين الذين عادوا إلى مناطقهم في الجنوب والبقاع والضاحية دفعوا أكلافاً كبيرة في هذه الحرب سواء كانت اقتصادية أم مادية او حتى بشرية، مستغرباً هذا التصرف القاسي جداً من قبل التجار المستغلين للأزمات.
وأمام هذا الواقع الأليم والمستهجن ناشد جباعي المعنيين في الدولة اللبنانية للانتباه إلى هذا الأمر ومعالجته ومحاسبة المخالفين، لافتاً إلى أن أسعار المواد الغذائية ترتفع بنسبة 50% تقريباً وأسعار المواد الأولية ترتفع كمعدل وسطي أكثر من 100% وفي بعض المناطق وصلت إلى 200% و 300% .
ورأى جباعي أن هذا الأمر خطر جداً لأنه سيرفع كلفة الإعمار بشكل كبير على النازحين وأيضاً سيرفع كلفة التعويضات إذا حصلت، متخوفاً عند بدء ورشة إعادة الإعمار من كارثة أكبر لأن الكلفة ستتضاعف مرتين و ثلاثا وأربعا ” فكلفة إعادة الإعمار ستكون مرتفعة جداً وهذا سؤثر جداً في إعادة الترميم والإعمار”.
كما تحدث جباعي عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية غير المبرر أبداً سيما في منطقة الجنوب حيث نشهد ارتفاعاً كبيراً في الأسعار وصلت إلى أكثر من 50% مما كانت عليه قبل الحرب و اكثر من 50% أيضاً من باقي المناطق.
و إذ شدد جباعي على ضرورة الانتباه إلى هذا الأمر ، أكد أن الوحيد الذي يتعاون في هذا الملف هو مدير عام وزارة الاقتصاد الدكتور محمد أبو حيدر الذي تبين أنه قد أعد خطة أثناء الحرب قبل وقف إطلاق النار لمواجهة هذا الأمر، كاشفاً أنه بعد التواصل مع أبو حيدر أكد أن لديه خطة واضحة و بدأ بإرسال كل المراقبين من اجل مراقبة الأسعار ومحاسبة المخالفين فور وقف إطلاق النار .
ورأى جباعي ان ما يقوم به مدير عام الاقتصاد أمر ممتاز جداً وفي غاية الأهمية لأنه ساهم في ضبط الأسعار ،” لكن لا تستطيع وزارة الاقتصاد أن تقوم بمفردها بكل ما يلزم من اجل ضبط ومراقبة الأسعار فيجب على الوزارات الأخرى أن تتعاون معها وأيضاً البلديات والقوى السياسية على الأرض من أجل وضع حد لهؤلاء التجار لأن هذا الأمر سيؤثر في حياة الناس وفي أوضاعهم ووضعهم المعيشي وفي قدرتهم على ترميم منازلهم وإعادة الإعمار كما سيؤثر في المساعدات “.
وفي حين يقدر جباعي كلفة الإعمار بين 5 و 6 مليار دولار، يتخوف في حال استمرت هذه الفوضى والارتفاع في أسعار مواد البناء و المواد الأولية أن ترتفع الكلفة بشكل كبير و هذا أمر خطار جداً لأنه حتى الآن لم يتبين كيفية تأمين أموال إعادة الإعمار، مشدداً على ضرورة متابعة هذا الموضوع بشكل حثيث، لافتاً إلى أن أبو حيدر يقوم بدوره وفق الإمكانات الموجودة سيما أن عدد المراقبين محدود و هم يقومون بعمل جبار و يقومون بتسطير محاضر ضبط .
وتمنى جباعي في الختام أن يتعاون الجميع في هذه المرحلة الصعبة من أجل تخطي هذه المشكلة منعاً لتفاقمها التي تؤدي إلى كوارث اقتصادية واجتماعية ومالية نحن بغنى عنها، مؤكداً أننا اليوم بحاجة إلى تضافر الجهود وتوحيد الصفوف من أجل مساعدة أهلنا وليس أن نضع عليهم المزيد من الضغوطات المالية والنقدية والاجتماعية.