لم تعد كل مستشفيات الجنوب، الحكومية بشكل خاص، إلى العمل، إذ إن بعضها يقع في أماكن لا تزال محتلة من قبل العدو الإسرائيلي، فيما البعض الآخر تعرّضت معظم أقسامه للتدمير جزئياً أو كلياً.
رغم ذلك، ما إن أعلن قرار وقف إطلاق النار حتى سارع معظم مديري المستشفيات، التي أقفلت قسراً خلال الحرب، إلى إعادة افتتاح ما تيسّر، كما في مستشفيَي صلاح غندور ومرجعيون اللذين عادا إلى العمل تدريجياً في الأقسام المتوافرة.
في «صلاح غندور»، الذي أقفل أبوابه نحو شهرين، افتتح قسم الطوارئ في اليوم التالي لانتهاء الحرب، على أن يفتتح في هذين اليومين قسما المختبر والأشعة، فيما يجري العمل لتجهيز قسم غرف العمليات تمهيداً لافتتاحه قريباً.
أما قسم الاستشفاء فيحتاج، بحسب المدير العام للمستشفى الدكتور محمد سليمان، إلى التنظيف والترتيب قبل إعادته إلى العمل.
غير أن هذه العودة لن تكون كاملة، إذ إن بعض أقسام المستشفى تعرضت للتدمير، ما يجعل العودة الكاملة الى العمل في الفترة القريبة مستحيلة.
ومن هذه الأقسام قسم العيادات وصيدلية المستشفى حيث فاقت قيمة الأضرار فيها وحدها الـ 120 ألف دولار، فيما تزيد قيمة الأضرار في المستشفى على 800 ألف دولار، «منها جزء من الخيمة فوق المستشفى ونظام الطاقة الشمسية بالكامل».
أكثر من 800 ألف دولار كلفة إصلاح الأضرار في مستشفى صلاح غندور في بنت جبيل
أما مستشفى مرجعيون، فقد افتتح أمس أقسام الطوارئ والمختبر والأشعة، حيث بدأ باستقبال المرضى، بعدما كان العمل مقتصراً في الأيام الأولى على مركز الرعاية الصحية الأولية.
ويرجع المدير العام للمستشفى، مؤنس كلاكش، سبب التأخير في افتتاح هذه الأقسام إلى النقص في الكادر الطبي والعاملين، حيث برزت الحاجة إلى ما يقرب من 16 عاملاً لتغطية الفترتين الصباحية والمسائية من دورة العمل.
وقد جرى تأمين هذا الفريق من بين العاملين الذين يسكنون في أماكن قريبة أو «من خلال تأمين سكن لهم في المستشفى كتدبير مؤقت لتسيير العمل»، يتابع كلاكش.
ما دون ذلك، لا قرار حتى اللحظة بافتتاح المستشفى كله، فأي قرار «مرهون بتطوّر الأمور في المنطقة»، لكون المستشفى قريباً من الأماكن التي يحظر الاحتلال الاقتراب منها أو العودة إليها. وقد انعكس هذا الأمر على «العاملين في المستشفى، إذ إن كثيرين منهم يسكنون أساساً في الأماكن المهددة من العدو، ما يخيفهم ويمنعهم من الالتحاق بعملهم».
وإن كان كلاكش يحدد توقيتاً مبدئياً بحلول الأسبوع المقبل ليعود قسم الإستشفاء كاملاً إلى العمل.
إلى ذلك، ثمة مستشفيات أخرى لم تقفل خلال الحرب، لكنها كغيرها من المستشفيات الأبعد عن خط المواجهة قلّصت أعمالها الطبية، وكان العمل فيها أقرب إلى عمل المستشفيات الميدانية.
ومع انتهاء الأعمال العسكرية، استعادت هذه الأخيرة عملها بشكل كامل، وأعادت افتتاج الأقسام فيها دفعة واحدة، ومن بينها مستشفى النبطية الحكومي الذي «عاد إلى سابق عهده، وتمتلئ معظم أقسامه اليوم، ولا سيما قسم غسيل الكلى وقسم العلاج الكيميائي مع عودة المرضى إليه؛ بحسب المدير العام حسن وزني، لافتاً إلى أن هناك بعض أعمال الترميم التي يجب القيام بها، إلا أنها «لم تمنع من استقبال المرضى»، مشيراً إلى أنه تمت الاستعاضة عن زجاج النوافذ بـ«النايلون بانتظار أن تبدأ ورشة معلّمي الألومنيوم والزجاج وإصلاح السقوف المستعارة».
أما بالنسبة إلى مستشفى ميس الجبل، فلا تبدو العودة واردة حتى اللحظة، لوقوعه في المنطقة التي لا تزال تحت سيطرة العدو الإسرائيلي.
ويؤكد المدير العام حسين ياسين أنه لا يملك أدنى فكرة عما هو حال المستشفى الذي تعرّض محيطه لأطنان من المتفجرات، وينتظر «اكتمال التحرير ليبنى على الشيء مقتضاه».