بعد محاولتين فاشلتين، اجتمعت قوى المعارضة في معراب أمس، تطييباً لخاطر رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع العاتب على حلفائه الذين أبقوه وحيداً وسط تمثيل هزيل في لقاءَيْ معراب الأول والثاني.
ومع دخول البلاد مرحلةً جديدة، بعد وقف إطلاق النار، وتحديد جلسةٍ رئاسية في 9 كانون الثاني المقبل، بادر نواب «سياديون» إلى طرح فكرة اللقاء انطلاقاً من ضرورة المرحلة التي تستدعي مواكبتها إعادة تنظيم صفوف المعارضة والتحرّك كمجموعة.
فاشترطت «القوات» أن تكون معراب وجهة المجتمعين، وهو ما حصل لإظهار نوع من الإيجابية بعد مقاطعة اللقاءين السابقين، من دون أن يعني ذلك، أن اللقاء سيروي ظمأ الحكيم الطامح عبثاً إلى استنساخ مشهد «البريستول» في معراب، سيّما أن اللقاءات التي اتُّفق على تكثيفها في الفترة الفاصلة عن الجلسة الرئاسية لن تُعقد جميعها في مقرّ «القوات».
نحو طلب جلسةٍ نيابية تحضرها الحكومة لعرض تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار والالتزامات التي يرتّبها على حزب الله ولبنان
«الفرسان» المتحمّسون لـ«الحقبة الأميركية»، وفق قراءتهم، ناقشوا أمس «عدّة الشغل» اللازمة لإنجاز مهمة نزع سلاح المقاومة «عن كامل الأراضي اللبنانية»، في مواكبة للخطط الأميركية – الإسرائيلية في هذا الشأن. وتطرّق النقاش، وفق مصادر مشاركة، إلى سبل ممارسة النواب والقوى السيادية ضغطاً داخلياً لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع التركيز على تطبيق القرار 1559، وضرورة اختيار مرشحٍ لرئاسة الجمهورية يتعهّد بذلك، انطلاقاً من أنّ حزب الله «لا يمكنه الاشتراط بأن يكون الرئيس المقبل حامياً لظهر المقاومة».
وكان لافتاً أن العربدة الإسرائيلية الموصوفة في سماء لبنان، وعلى أرض الجنوب، منذ وقف إطلاق النار، الأربعاء الماضي، لم تستدع من «السياديين» سوى عبارة استنكارٍ وردت في البيان الصادر عن المجتمعين.
فيما لامس النائب «السيادي» أديب عبد المسيح، في نهاية اللقاء، حدّ إدانة رد المقاومة أولَ أمس على الخروقات الإسرائيلية. وما كاد يقوله عبد المسيح ولم يتطرّق إليه البيان الختامي، نقلته المصادر التي أشارت إلى أنّ أجواء المجتمعين هي أنه «لا حلول حالياً مع الخروقات إلا التسليم بها إلى حين تفعيل لجنة الرقابة الدولية، وتمكّن الدولة من بناء قدراتها، بما في ذلك تسليح الجيش، لأن أي ردٍّ من حزب الله سيدخل لبنان في حربٍ جديدة تدفع المجتمع الدولي إلى التخلّي عنه نهائياً».
وبدا من نقاش «السياديين» أنهم غير معنيين بالدفاع عن السيادة خلال هذه الفترة بقدر انشغالهم بالمُحاجَّة بأنّ الاتفاق يسمح بالخروقات!
الخطوات التنفيذية لما تُخطّط له المعارضة ستبدأ، وفق المعلومات، بطلب نواب المعارضة «عقد جلسةٍ نيابية تحضرها الحكومة لعرض اتفاق وقف إطلاق النار على البرلمان، والغوص في تفاصيله، وفي الالتزامات التي يرتّبها على حزب الله ولبنان».
وسيطلبون من الحكومة «شرح الآلية التي اتّفقت عليها مع حزب الله لتنفيذ بنود الاتفاق، ومن ضمنها تسليم سلاحه، وتفكيك بنيته العسكرية فوق الأرض وتحتها، في جنوب الليطاني كما في شماله». عيون خصوم الداخل، ترصد أيضاً عملية إعادة الإعمار، بحيث ستثير المعارضة آليات إعادة الإعمار مع الحكومة، «بشكلٍ يمكّننا من مراقبة العملية برمّتها، وملاحقة الحكومة ورئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله بما خصّ التنفيذ» بتعبير أحد النواب.
ويصف هذا الفريق اللحظة بأنّها «مرحلة مفصلية من تاريخ لبنان، مع إطاحة الحرب بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة».
وترى المعارضة أنّ عملية الإطباق هذه تفرض انتخاب رئيس جديدٍ للجمهورية من خارج الخيارات التي لا لون ولا معنى لها. وفيما «ليس لدى القوى المعارضة بعد اسم موحّد تحمله معها إلى جلسة 9 كانون الثاني المقبل، وضعت ذلك هدفاً أساسياً لها».
ورغم أنّ المجتمعين لم يغوصوا في البحث في الأسماء، فإنّ مصادرهم أكّدت لـ«الأخبار» أنّ «اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون يصلح لأن يكون ضمن سلّة الأسماء المرشّحة». وسط تشاطرٍ قواتي، بين نوابٍ من «الجمهورية القوية» رموا اسم سمير جعجع عند الحديث عن بورصة الترشيحات الرئاسية، وبين أوساط القوات التي تصرّ على أن «لا نفي ولا تأكيد لترشيح جعجع». في حين أنّ نواباً مشاركين في اجتماع أمس، أكّدوا أن «جعجع نفى أن يكون مرشحاً لدى سؤاله عن الأمر».
وهي حركة يُفهم منها رغبة «القوات» في جعل اسم جعجع مطروحاً ومقبولاً عند الحديث عن الانتخابات الرئاسية في لبنان، رغم إدراك «الحكيم» أنّ في انتخابه استحالة، يحكمها بالدرجة الأولى رفض حلفائه المسيحيين منحه أصواتهم، إذ إنّ تصريحات نواب «القوات» الأخيرة المروّجة لإمكانية ترشيح جعجع ولّدت توجّساً لدى قوى المعارضة الأخرى خشية أن يورّطها ويضع ترشيحه على طاولة اجتماع أمس.
وبانتظار اتفاق المعارضة على اسم مرشّحها للرئاسة، ترصد راداراتها جدّية انفتاح بري على إحراز تفاهم، وما إذا كانت كتلتا حزب الله وحركة أمل ستتمسكان بترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، وأين سيتموضع كل من النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل والنواب السنّة.
وعُلم أنّ «حركة اتصال وتواصل، عبر وسطاء بدأت بين المعارضة والفريق الآخر»، تطمح المعارضة إلى أن ينتج عنها الاتفاق على رئيس «مستعد لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بكل بنوده، وحصر السلاح بيد الجيش، وتحييد لبنان عن التطورات في المنطقة، وفي مقدّمتها تلك الحاصلة على الساحة السورية»، وسط ريبة «سيادية» من الحراك الفرنسي الأخير على صعيد الملف الرئاسي، مردّها أنّ «التجربة مع الفرنسيين لم تكن على قدر التوقعات، إضافة إلى تراجع الدور الفرنسي لصالح الدور الأميركي القادر وحده على الحسم».