فور إعلان انتصار لبنان الذي يليق بأهل أرضه، تقاطر اللبنانيون إلى الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت وغيرها، وعلى الرغم الخروق، مع ما رافقها من تهديدات أطلقها “جيش” الاحتلال، فإن الأهالي توجّهوا نحو منازلهم، مؤكدين تمسّكهم بالعودة، وأنّ التهديدات لن تثنيهم عنها.
وتوجّه اللبنانيون إلى منازلهم لإصلاح الأضرار من جراء الغارات الإسرائيلية، التي استهدفت المباني السكنية، مع عودة بعض المحال لتفتح أبوابها، وعمل أصحاب بعضها الآخر على إعادة ترميمها.
وفي ظل هذه التطورات التي عاشها اللبنانيون بفرحٍ، تبرز تحديات عدة،منها إعادة إعمار ما دمّره الاحتلال من منازل وعمارات سكنية ومرافق حيوية وبنى التحتية، حيث أكد النائب في كتلة الوفاء للمقاومة حسين الحاج حسن أمس الخميس أن “من لم يستطع العدوان هزمه لن يواجه عوائق أمام إعادة الإعمار”.
كذلك تبرز الناحية “الوقائية” من مخلفات العدوان الذي استخدم القنابل الفوسفورية والعنقودية والانشطارية والكيميائية وغيرها، في قصفه وغاراته على الأراضي اللبنانية.
وكان “المقاومة الإسلامية” قد ذكرت في بيان لها في 15 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي أن الاحتلال يقصف الجنوب بقنابل عنقودية محرمة دولياً، مطالبةً المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية بإدانة هذه الجريمة.
وقالت في بيان لـ “العلاقات الإعلامية” في حزب الله إن العدو الإسرائيلي أقدم على رمي صواريخ محشوة بالقنابل العنقودية بمحافظة النبطية، بينها وادي الخنازير بوادي الحجير، ومنطقة خلة راج بين بلدتي علمان ودير سريان، وشرق بلدة علمان باتجاه الأحراش”.
5 ملايين قنبلة عنقودية في عدوان 2006
وفي هذا السياق، يشير الكاتب والناشط في قضايا الحرب والتوعية من مخاطر الألغام والقنابل العنقودية، عماد خشمان، إلى أن “الجيش الإسرائيلي” استخدم أصنافاً من الذخائر، منها ما هو محرم دولياً، حيث يلفت إلى إلقاء القنابل العنقودية والقذائف الفوسفورية، إلى جانب الصواريخ التي تحدث تدميراً في القرى والبلدات والأبنية، بالإضافة إلى استهدافه للحقول والبساتين والأراضي الزراعية، ما يترك آثاراً مدمرة على البيئة الزراعية والتربة ومحاصيل المزارعين”.
يذكر أن الوكالة الوطنية للإعلام ذكرت بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية رمت أكثر من 5 ملايين قنبلة في تموز /يوليو وآب/ أغسطس 2006، أدت حتى العام 2020 إلى مقتل نحو 58 مواطناً وجرح نحو 400 آخرين أصيب العديد منهم بإعاقات وعمليات بتر لأقدامهم، وغالبيتهم فقدوا عيونهم وهم من المزارعين والرعاة.
ويتولى المركز اللبناني للألغام التابع للجيش اللبناني الإشراف على عملية إزالة تلك القنابل، بالتعاون مع قوات «يونيفيل» وعدد من الجمعيات الدولية والمحلية التي تقلّص عددها عما كانت عليه إثر انتهاء الحرب بسبب قلة التمويل المخصص لعملية نزع القنابل وإزالتها من الجنوب والبقاع الغربي.
ماذا نعرف عن القنابل العنقودية؟
القنابل العنقودية هي أسلحة تنفتح في الهواء وينطلق منها عدد كبير من الذخائر أو القنابل الصغيرة التي تنتشر على مساحة واسعة بهدف تدمير أهداف متعددة في وقت واحد.
يتم إسقاط الذخائر العنقودية من الطائرات على شكل قنبلة أو يتم إطلاقها على شكل صواريخ من مدافع الهاوتزر والمدفعية وقاذفات الصواريخ.
تحتوي الذخائر العنقودية على مئات القنابل الصغيرة التي تنتشر في مناطق واسعة تتفاوت مساحتها بين مساحة ملعب كرة القدم وبين عدة هكتارات، ما يجعلها تتسبّب ليس في مقتل الجنود فحسب وإنما أيضاً المدنيين والكثير من الأطفال.
تمّ استخدام القنابل العنقودية منذ الحرب العالمية الثانية واستخدمت أيضاً على سبيل المثال في حرب الفيتنام عندما أطلقت الولايات المتحدة نحو 260 مليون قنبلة صغيرة فوق لاوس تاركة دماراً وتلوّثاً كبيرين.
فخ مميت مدفون في الأرض
يمكن أن تتحوّل القنابل التي لم تنفجر بعد إلى فخٍّ مميت للكثيرين، فـ “العنقودية” لا ينفجر منها عند الارتطام سوى 40 %، في حين تظل الباقية قابلة للانفجار في أية لحظة ما قد يتسبّب في استشهاد أو تشويه أو جرح من يلمسها.
وفيما يتعلق بالتأثير البيئي للقنابل العنقودية، فإن الدولة الملوّثة أرضها بهذه الذخائر، لا تستطيع استغلال أرضها ومواردها الطبيعية، الأمر الذي يؤدي إلى بطء في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
كذلك تقتضي أيضاً تكلفة مالية كبيرة، في حال قرّرت الجهات المعنية تنظيف الأراضي من الذخائر العنقودية غير المنفجرة، حيث أن كلفة إزالة كل ذخيرة عنقودية غير منفجرة، مع الأخذ بعين الاعتبار الحد الأدنى من تدابير السلامة، يبلغ معدلها بين 2000 و 3000 دولار وفقاً لطبيعة الأرض.
وما يزيد الأمر تعقيداً أن الذخائر العنقودية يمكن أن تنتقل من مكانها، بفعل عوامل الطبيعة كالسيول والانجراف الطيني، وهذا سيؤدي إلى تلويث مناطق، عدّت في السابق خالية من الذخائر العنقودية المدفونة في التربة.