مقالات

نصرُنا على قدرِ كِبَر شهدائنا…

لا شكّ أنّ النصر الذي نعيش فصوله اليوم بكلّ اعتزاز وفخر، أتى نتيجة عوامل عديدة أوّلها وأهمّها هؤلاء الشهداء الأبرار الذين بذلوا الأرواح الطاهرة والدماء الزكية، وعلى رأسهم سماحة الأمين العام الشهيد الأقدس والأغلى السيد حسن نصرالله، ومعه صفيُّهُ سماحة السيد الشهيد هاشم صفي الدين وكلّ الشهداء القادة والمجاهدين، ونخصّ بالذكر شهيدنا الغالي قائد فيلق الإعلام المقاوم الحاج محمد عفيف…

التحية لهم جميعاً في هذا اليوم المبارك والمجيد، والتحية أيضاً للجرحى الذين ضحّوا وصبَروا وتجاوزوا الآلام والأوجاع بكلّ إيمان وكِبَر، ومعهم كلّ المجاهدين الذين شمخت قاماتهم وترسّخت أقدامهم في تراب أرضنا وأجبروا العدو على التسليم والتراجع أمامهم وهم ثلة من رجال الله المقاتلين الأشداء الذين حققوا المعجزات بانتصارهم على هذا العدو وجيشه الذي قيل يوماً إنه لا يُقهر، ولكن ها هو يُقهر مرة جديدة على أيدي مقاومينا الأشاوس الميامين من أبناء شهيدنا المقدس السيد حسن نصر الله.

كذلك لا بدّ من تحية عزّ وفخر إلى كلّ النازحين الذين صمدوا وصبروا وتحمّلوا الكثير الكثير من الصعوبات، وهم اليوم عائدون إلى مدنهم وقراهم ومنازلهم وأرضهم ليعيدوا لها الألَق والأنوار التي بقيَت مشعشعة بالنور المنبعِث من الجباه الناصعة لمجاهدينا الأبطال الذين زرعوا دماءهم وعرقهم وتضحياتهم في ترابنا الذي ازداد غلاوة وعزة وكرامة.

والتحية الكبرى المليئة بكلّ العرفان والشكر والتقدير هي للمجتمعات المضيفة في كلّ المناطق اللبنانية، من كلّ الطوائف والمذاهب والأحزاب، والتي رحّبت بالنازحين وتعاملت معهم كأهل كرماء أعزاء، ولسان حال النازحين اليوم هو أنهم يعودون إلى بيوتهم التي نزحوا منها تاركين البيوت التي أصبحت بمثابة بيوتهم وأهلها الذين صارت معزّتُهم بمعزّة الأهل.

أيضاً لا بدّ في هذا اليوم الكبير من توجيه التحية للحكومة اللبنانية وعلى رأسها الرئيس نجيب ميقاتي الذي قام بدور بنّاء جداً، سواء من خلال المتابعة الدائمة للجنة الطوارئ الحكومية ومنسقها العام الوزير ناصر ياسين، لتوفير ما أمكن من مساعدات للنازحين، أو من خلال الاتصالات السياسية والدبلوماسية التي كان لها دور أساسي في التوصل إلى وقف الحرب مع التمسك الثابت بكلّ الحقوق اللبنانية وعدم المسّ بالسيادة اللبنانية بأيّ شكل من الأشكال.

وهذا الدور الحكومي المميّز مطلوب استمرارُه في المرحلة المقبلة، مرحلة رفع الأنقاض والبدء بإعادة إعمار وبناء ما دمّره العدوان الصهيوني الوحشي والبربري.

والتحية لجيشنا اللبناني الوطني الذي كنا ولا نزال نعوّل على دوره البنّاء في الدفاع عن لبنان وتوفير الأمن والاستقرار وحماية السلم الأهلي، وهو الموجود أصلاً في كلّ الجنوب وصولاً إلى آخر شبر من أرضنا الطيبة المُحرّرة، ولا شكّ أنّ تعزيز وجوده ودعمه بالمزيد من السلاح والعتاد يعطي دوره كلّ الأبعاد الوطنية ويُمكِّنه من القيام بواجباته على أكمل وجه…

أما التحية الخاصة والمميّزة فهي للقائد التاريخي الرمز قائد المقاومة السياسية دولة الرئيس نبيه بري، حامل الأمانتيْن، أمانة الإمام المغيّب السيد موسى الصدر وأمانة الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله، ولا شكّ أنه على قدر هذه المسؤولية التاريخية الكبيرة، بما له من خبرة ودراية وتجارب ومعارك خاضها وقادها… ونذكر منها قيادته انتفاضة 6 شباط 1984 التي أدّت إلى إسقاط اتفاق 17 أيار المعروف والمشؤوم.

وها هو اليوم يحقق للبنان وأهله إنجازاً مهمّاً بوقف العدوان الصهيوني دون التنازل قيد أنملة عن أيّ حبة تراب ودون السماح للعدو ومَن معه بأخذ أيّ مكسب سياسي لم يستطع أخذه في الميدان، وهذا هو المعنى الحقيقي للتكامل بين السياسة والميدان، خاصة انّ سماحة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم تابع عن كثب كلّ مجريات التفاوض مع التأكيد الدائم على الثقة المطلقة والتامة بدولة الرئيس نبيه بري، الذي استطاع انتزاع حقوق لبنان من أعتى القوى في العالم ومسؤوليها ومفاوضيها الذين لا يخفون أنهم صهيونيّو الهوى والهوية، ورغم ذلك نجح الرئيس بري في التوصّل إلى وقف العدوان على أساس القرار 1701 بدون زيادة ولا نقصان، وذلك بالاستناد إلى ما حققه رجال الله ورجال نصر الله على امتداد الميدان الجنوبي من الناقورة إلى شبعا.

ختاماً نقول إنّ من حقّ شعبنا وأهلنا الاحتفال بهذا النصر الكبير الذي صنَعهُ لنا الشهداء العظماء على قدرِ كِبَرهم وشموخهم وعلوّ جباههم، وحقهم علينا جميعاً أن نحفظ هذا النصر ونحصّنه بأهداب العيون، وأن نعيد مدننا وقرانا وبلداتنا وأحياءنا وأبنيتنا أجمل مما كانت، تماماً كما كان وعد سيد شهداء الأمة…

أحمد بهجة – خبير محاسبة مجاز – باحث في الاقتصاد السياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى