ينص الموقف اللبناني المتعلق بأي تسوية ووقف للحرب على أمر أساسي رسمه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يقول بأن لبنان يلتزم تطبيق القرار الدولي 1701 دون أي زيادة او نقصان، وهو ما جعل البعض يطرحون اكثر من علامة استفهام حول تأييد حزب الله لهذا القرار واستعداده فعلاً لتطبيقه، خصوصاً ما يتعلق بالإنسحاب إلى شمال نهر الليطاني، فهل يطبق الحزب القرار فعلاً؟
قبل اغتيال الامين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله، كانت المقاومة قد أعلنت موافقتها على ما كان مطروحاً آنذاك من قبل المبعوث الاميركي آموس هوكشتاين بخصوص التسوية ووقف الحرب، ويومها توجه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي إلى نيويورك بناء على هذه الموافقة، إلا أن نتانياهو رد على موقف لبنان باغتيال السيد نصر الله في الضاحية ، ونسف كل المحاولات التي كانت قائمة لإنهاء الحرب.
يومها بحسب مصادر سياسية متابعة كان الحزب موافقاً على تطبيق القرار الدولي 1701، ومستعداً لتطبيق انسحاب أسلحته الثقيلة إلى ما خلف نهر الليطاني، والسبب في ذلك لم ينطلق من الرضوخ لمطالب “إسرائيل”، إنما بسبب طبيعة الحرب مع العدو والتطور الذي حصل لترسانة المقاومة العسكرية وقدرات العدو أيضاً، فالأرض في الجنوب الملاصقة للحدود أصبحت محروقة عسكرياً بحسب المصطلحات العسكرية، فهذه الأرض التي تعرضت إلى تدمير ممنهج لم تعد حاجة ماسة للمقاومة للعمل فيها بشكل مباشر.
في العام 2006 كان اعتماد حزب الله بشكل أساسي على الصواريخ المضادة للدروع، والتي كان يبلغ مداها آنذاك 7 الى 8 كيلومترات فقط، أما اليوم فإن ترسانة المقاومة وقوتها أصبحت عبارة عن صواريخ ضخمة وبعيدة المدى ومسيرات، وبالتالي إطلاقها لا يحصل أصلا من المناطق المتاخمة للحدود، إنما من مناطق بعيدة من الجنوب إلى البقاع، وهكذا يصبح تواجد السلاح الثقيل بشكل أساسي في مناطق خارج نطاق القرار الدولي 1701.
كذلك، فإن العدو الإسرائيلي اثبت قدرات تجسسية عالية، وتبين امتلاكه لكثير من الأهداف العسكرية في المناطق الحدودية، وهو ما يجعل العمل في تلك المنطقة أصعب، وتُشير المصادر إلى ان الحزب وبعد قراءة دقيقة للواقع العسكري، تبين له أن تطبيقه للقرار مقابل تطبيق “اسرائيل” له، ووقف خروقاتها الجوية ورقابتها في السماء، وانسحابها من النقاط التي دخلتها عام 2006 ولا تزال، ستكون نتيجته جيدة للبنان والمقاومة، خصوصاً ان المطروح هو السلاح الثقيل المتواجد بعيداً عن الحدود، اما بما يتعلق بتواجد الحزب كأشخاص ومقاومين فهذا لا يمكن تطبيقه لأنه لا يمكن إزالة أبناء القرى من قراهم.
من هذا المنطلق، ولأن “اسرائيل” تُدرك هذا الواقع، فإنها تطالب بما هو أكثر من تطبيق القرار 1701، وتطالب بضمانات تسمح لها بحرية العمل العسكري بوجه كل ما تراه خرقاً للقرار، وهذا يعطيها مساحة فضفاضة للعمل العسكري وهو ما لا يمكن القبول به، كما تتحدث عن شروط لمنع تسليح حزب الله مرة جديدة، وتشدد المصادر على أن ما تسوق له “اسرائيل” اليوم من بنود للتسوية التي تقول الإذاعة “الإسرائيليّة”، بأنها نالت رضى وموافقة “المجلس الأمني الوزاري المصغّر”، يذهب بعيداً بما يتخطى القرار 1701، وهو ما قد يؤدي بحال تم التمسك به إلى فشل التفاوض، لأن “اسرائيل” تتعامل اليوم مع لبنان على انه الطرف المهزوم، وهو ما رد عليه نبيه بري بأن “لبنان لم يُهزم”.