اخبار اقليمية

معاريف: الكيان ينهار..

على عكس المزاج السائد في كيان الاحتلال، وخصوصاً بين نخبه الحاكمة في السلطتَين السياسية والعسكرية، وحتى لدى العديد من المعلّقين والمعنيّين بالشأن العام، نشرت جريدة معاريف أمس مقالاً بقلم ليؤور أكرمان يعكس فيه ما يسمّيه العلامات الدالّة على انهيار الكيان. وهنا ترجمة غير رسمية له:
«إسرائيل تنهار…».

“منذ عدة سنوات، أطلقت الدولة حملة لترشيد استهلاك المياه تحت شعار «إسرائيل تجفّ».

نجحت هذه الفكرة إلى حدٍّ ما، وبعدما جرى الترويج لها بلا توقف في وسائل الإعلام، هناك من يدّعي أن ذلك ساهم في توفير المياه.

حالياً، هناك حاجة إلى حملة جديدة، هي: إسرائيل تنهار أو إسرائيل تتحطّم. يحدث هذا بوتيرة سريعة جداً، ويشمل عدداً من العمليات الاستراتيجية التي تحدث بشكل متزامن، وتخلق دائرة سحرية مدمرة، حتى الآن، لا أحد يوقفها.

انهيار الأمن
يبدو أنه بعد 7 تشرين الأول، لم يعد هناك حاجة لتأكيد خطورة الوضع الأمني الذي وصلت إليه إسرائيل.

ولكن الأمر لا ينتهي هنا، فخلال العام الماضي، استمر الفشل الذريع في شكل إدارة سيئة تماماً للجبهة الأمنية والسياسية.

لم يتلقّ الجيش الإسرائيلي أيّ توجيه واضح منذ ذلك الحين حول الاستراتيجية المتعلقة بأهداف الحرب، واليوم التالي، ومسألة الأسرى.

النتيجة هي أنه من الناحية العملياتية البسيطة يحقّق الجيش وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) نجاحات كبيرة على الأرض، على الرغم من فشلهما في تشرين الأول، لكن هذه النجاحات لا تترجم إلى إنجازات استراتيجية على الإطلاق.

لقد كان بإمكاننا منذ حوالي ستة أشهر تحرير جميع الأسرى، في صفقة تضمنت ثمناً باهظاً بالنسبة إلينا، لكنه كان أقل بكثير مما يُطلب منا اليوم. ولكن رئيس الوزراء رفض هذه الصفقة، تحت ضغط من بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، وبذلك أضاع فرصة إعادة الأسرى أحياء. وفي الوقت نفسه، تتصاعد المعارك في الشمال.

ما زالت إسرائيل تردّ بشكل موضعي، تستوعب الموقف، ولا تُكمل عملية شاملة لتدمير «حزب الله»، لعدم وجود استراتيجية منسّقة مع الولايات المتحدة، ولا يوجد نهاية تلوح في الأفق.

من دون صفقة، لن تنتهي الحرب في غزة. ومن دون إنهاء الحرب في غزة، لن تنتهي الحرب في الشمال.

ومن دون إنهاء الحرب على الجبهتين، لن تنتهي الحرب ضد الحوثيين والميليشيات الإيرانية في العراق.

ومن دون إنهاء الحرب بشكل كامل وبدء خطوات لما بعد الحرب في قطاع غزة، لن تكون هناك استراتيجية إقليمية – سياسية – أمنية أو اقتصادية تحاول الولايات المتحدة تنفيذها بالتعاون مع مصر، والسعودية والأردن، استراتيجية إقليمية من المفترض أن تكون إسرائيل جزءاً منها، تسمح لها بتعزيز قوتها الأمنية والاقتصادية.

انهيار الأمن الداخلي
زادت كارثة 7 تشرين الأول بشكل كبير من عدم قدرة الدولة، بكل أجهزتها، على توفير الأمن الأساسي لمواطنيها. وفي هذه الحالة أيضاً، تفاقم الوضع منذ ذلك الحين. هناك ارتفاع كبير في معدلات الجريمة على مستوى البلاد.

عدد القتلى في المجتمع العربي يحطّم أرقاماً قياسية جديدة، وتعمل عصابات الجريمة هناك بلا رادع، بينما السلاح الوحيد الذي تستخدمه إسرائيل ضدهم هو تصريحات فارغة المضمون من الوزير المكلف، إيتمار بن غفير.

لا ينجح هذا الأخير في تحسين أمان المواطنين الإسرائيليين بأيّ شكل من الأشكال، بل يزيد من تدهور وضع الدولة من خلال إضعاف الشرطة ومحاولات تحويلها إلى ميليشيا خاصة به من ناحية، ومن ناحية أخرى من خلال خلق استفزازات مجنونة في شكل صعود إلى الحرم القدسي الشريف، ما يثير العالم بأسره ويهدد بإشعال حرب إقليمية شاملة.

انهيار الاقتصاد
الوضع الاقتصادي الحالي لدولة إسرائيل هو من بين الأسوأ منذ تأسيسها.

شاركت عدة عوامل في هذا الفشل: الأول هو الإدارة السيئة تماماً للاقتصاد من قبل شخص لا يفهم شيئاً في هذا المجال، ويقوم بنقل مليارات الشواقل لأغراض ائتلافية، بينما خزينة الدولة تنهار والعجز الوطني يحطّم أرقاماً قياسية جديدة.

كما تم خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل من قبل جميع وكالات التصنيف الدولية بسبب محاولات الانقلاب القضائي، وبسبب الإدارة السيئة لوزارة المال، وبسبب النفقات الضخمة للحرب. وفي الوقت نفسه، يسمح سموتريتش بنقل مليارات الشواقل كرشوة للأحزاب الائتلافية وللمنظمات القطاعية.

انهيار المجتمع
إن هذا المجتمع دخل الأزمة الحالية، وهو بالفعل ممزق ومنقسم، لكن الحكومة الإسرائيلية لا حدود لصراحتها القاسية. في هذا المجال أيضاً، استمرت السياسة في العمل بلا رادع باسم بقاء الائتلاف، حيث نقلت مليارات الشواقل إلى المعاهد الدينية والمنظمات الحريدية من جهة، ومن جهة أخرى سنّت قوانين لزيادة عدم المساواة في العبء الدفاعي على الدولة.

من يساهم ويعطي سيواصل القيام بذلك، وسيزداد العبء عليه من الناحيتين الأمنية والاقتصادية. ومن لا يفعل شيئاً ولا يساهم بشيء سيواصل الامتناع عن المشاركة، وسيستفيد من زيادة الميزانية المخصصة له. امتناع الحكومة عن حلّ قضية الأسرى يقسم المجتمع أيضاً، ويوضح أن العقد غير المكتوب بين الدولة ومواطنيها قد انتهك ولم يعد موجوداً. تعمل الحكومة من أجل نفسها فقط، وليس من أجل مواطنيها.

انهيار الديموقراطية
حكومة إسرائيل، بقيادة أشخاص مثل ياريف ليفين، وسمحا روتمان، وبتسلئيل سموتريتش، تحاول منذ ما يقرب من عامين الترويج لانقلاب قضائي من شأنه أن يؤدي إلى إنهاء النظام الديموقراطي في إسرائيل، وإلغاء الفصل الضروري بين السلطات، وتفكيك النظام القضائي تماماً، وجعله خاضعاً بالكامل لأهواء الحكومة. في هذا السياق، يبدو أن كل شيء مسموح، وأن مفهوم الدولة أصبح مكروهاً.

انهيار الأنظمة المدنية
هذا الانهيار مستمر منذ سنوات طويلة، وتفاقم خلال السنتين الماضيتين. نظام التعليم في حالة انهيار كامل، والنتائج واضحة في الانخفاض الكبير في مستوى التحصيل لدى الطلاب الإسرائيليين، الذين يحتلّون مرتبة متدنّية جداً في المقارنات العالمية. كما أن النظام الصحي ينهار منذ سنوات، بالإضافة إلى البنية التحتية للنقل التي تتأخّر بعقدين من الزمن.

في ضوء ما سبق، تحتاج دولة إسرائيل، التي تتدهور في كل المجالات بسبب الإدارة السيئة، إلى قيادة جديدة، وطنية، مهنية، وقبل كل شيء نزيهة وغير فاسدة. قيادة تضع مصلحة الدولة ومواطنيها قبل مصلحة الحكومة وأحزابها”.

المصدر: جريدة الاخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى