بات الوضع الصحّي في لبنان مزرياً بعد الأزمة، خصوصاً مع التراجع الكبير الذي شهدته تقديمات مؤسسة الضمان الاجتماعي، ومع الانهيار الذي شهدته موازنة وزارة الصحة.
هذا الأمر عرّض الأسر اللبنانية التي لا تمتلك تغطية صحية من أي نوع إلى الانكشاف على مخاطر الطبابة والاستشفاء، إذ بات يترتب على أفرادها أن يدفعوا من جيوبهم الخاصة الكلفة الأكبر منها بدلاً من الاعتماد بشكل كبير على وزارة الصحة.
وهذا الأمر لا يبدو أنه قابل للتحسّن في المدى المنظور، إذ إن مشروع موازنة 2025 يترك التغطية الصحية التي توفّرها الوزارة على حالها السابقة التي وردت في موازنة 2024 حيث بلغت قيمة الاعتمادات الاستشفائية نحو 21.9 تريليون ليرة بينما جرى خفض الأموال المُخصّصة لشراء الأدوية من نحو 17 تريليون ليرة إلى نحو 12 تريليون ليرة.
في السابق، اعتمد نحو 45% من المقيمين على تغطية وزارة الصحة للاستشفاء، والتي كانت تُشكّل ملاذاً أخيراً للأسر التي لا تمتلك أي نوع من أنواع التغطية الصحية.
في المقابل، كان ما نسبته 55.6% من المقيمين في لبنان يتمتعون بنوع من أنواع التغطية الصحيّة ومن بينهم 45.5% مشمولون بتغطية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، و20.1% تغطي خدماتهم الصحية صناديق المؤسّسات العسكرية، و11.5% تحت تغطية مؤسسات الأمم المتحدة، فيما 5.9% تحت تغطية تعاونية موظفي الدولة، و15.3% كانوا يحصلون على خدماتهم الصحية تحت مظلة شركات التأمين الخاصّة.
وفي حين لا يزال من هم تحت تغطية مؤسسات الأمم المتحدة يتمتعون بنفس خدمات الاستشفاء، فقد المشمولون بتغطية صندوق الضمان قيمة تغطيتهم، إذ أصبح يغطي بالحد الأقصى 20% من كلفة الاستشفاء، علماً أنها بلغت 10% في مرحلة سابقة.
وتخلّى الكثير من اللبنانيين عن تأمينهم في الشركات الخاصّة بسبب التراجع الحاد في المداخيل وعدم القدرة على سداد اشتراكات التأمين.
هذا الحال أدّى بالأسر اللبنانية المحتاجة إلى اللجوء إلى الجمعيات الخيرية التي تحاول تأمين مبالغ لتغطية الحالات الصحية الخطيرة، والجزء الآخر منها بدأ بالبحث في ثرواته المتراكمة سابقاً، مثل الأراضي والذهب، وبيعها بهدف الحصول على الأموال للاستشفاء. هذا الأمر ينذر بمستقبل سيّئ على صعيد فقدان الثروات، وهو ما سيكشف الأسر أكثر فأكثر مع مرور الوقت وتبديد الثروات.